يواجه بائعو الأطعمة الحلال في مدينة نيويورك الأمريكية العديد من جرائم الكراهية، منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والحرب الإسرائيلية على غزة، ما دفعهم لمحاولة تحدي تلك الجرائم والتعديات عليهم، والعمل على ممارسة عملهم بنجاح، رغم المضايقات الأخيرة التي لم تظهر على مدى العقدين الماضيين.
موقع Middle East Eye البريطاني أشار إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ضايق أحد الأشخاص رجلاً يعمل في عربة طعام في الجانب الغربي العلوي من المدينة، بزعم إزالة ملصقات للرهائن الإسرائيليين. وأُلقِي القبض على ستيورات سيلدوفيتز، المستشار السابق للرئيس باراك أوباما، بتهمة مضايقة ومطاردة بائع أغذية في الجانب الشرقي العلوي للمدينة.
وعلى مدى العقدين الماضيين، تحولت أكشاك الطعام في شوارع نيويورك، المعروفة ببساطة باسم العربات الحلال، إلى أيقونات أساسية ضمن معالم المدينة. وتنتشر في زوايا الشوارع، وتجذب الزبائن بوجباتها السريعة الساخنة والمُشبِعَة، من أطباق شاورما الدجاج والبرغر إلى خبز البيغل.
"يأتون إلينا ويسبوننا"
ووفقاً للموقع البريطاني فإن هذه الحوادث مثل سيلدوفيتز، ليست معتادة؛ لذا هزت بعض العمال، وأثارت موجة من الدعم المجتمعي لهم.
إذ قال طارق، وهو بائع في منطقة مانهاتن بنيويورك، الذي لم يذكر اسمه الأخير، لموقع ميدل إيست آي: "ما الذي سنفعله؟ بعض العملاء جيدون، والبعض الآخر سيئون. هذا هو العمل، وقد يحدث هذا في أي مكان آخر"، مضيفاً أن بعض "العملاء السيئين" شنوا في الآونة الأخيرة المزيد من الهجمات المستهدفة أثناء عمله في عربة الطعام.
وتابع طارق، الذي هاجر من القاهرة منذ سنوات: "يأتون إلينا ويسبوننا. إذا أراد شخص أن يأتي ويسبني، فماذا سأفعل، هل أرد عليه الشتائم؟ أستطيع فعل ذلك، لكنني لست هنا لهذا السبب. أنا هنا للعمل".
من جهته، قال محمد عطية، المدير الإداري لمشروع البائعين المتجولين، إنه على الرغم من أن هذه الحوادث مثيرة للقلق، إلا أن البائعين عادةً لا يبلغون عنها؛ ما يجعل تتبعها مستحيلاً تقريباً.
عطية أضاف: "يفترض البائعون أن الحديث عن مشكلة ما لن يخلق لهم إلا المزيد من المشكلات وسيضعهم في دائرة الضوء الذي قد يتبعه حملة قمع من وكالات إنفاذ القانون أو مالكي الأراضي أو أي شخص في المنطقة يريد فقط طرد البائعين من الحي لمجرد أنه لا يحبهم".
"اعرفوا حقوقكم"
هاجر عطية من مصر إلى نيويورك في عام 2009، حيث عمل في متجر ليتمكن من تدبير أموره حتى التقى ببائع عربات حلال في مسجده المحلي، وانتهى به الأمر بالعمل لديه قبل أن يفتح أكشاك بيع عصائر وعربات طعام حلال خاصة به.
وعمل عطية، بمساعدة فريقه في مشروع البائعين المتجولين، على قضية البائع الذي تعرض لمضايقات من مستشار أوباما السابق، وهو الرد الذي قال عطية إنه استلزم مشاركة فيديو واقعة المضايقة، وتقديم تقرير للشرطة مع أحد أصحاب العربة وإبلاغ عضو مجلس المدينة المحلي جولي مينين بالحادثة.
وأشار عطية إلى أنه قبل هذه التحركات التي اتخذها المشروع، كان البائعون قلقين بشأن التحدث إلى وسائل الإعلام، ولم يجروا مقابلات إلا بعد ثماني ساعات من بدء تداول الفيديو.
وقال أحد أعضاء فريق مينين، في مجلس مدينة نيويورك، لموقع ميدل إيست في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن "مكتبنا يتواصل مع شرطة نيويورك للتحقيق في أي من مثل هذه الحوادث".
وأضاف: "نعمل على أساس كل حالة على حدة، لكن عضو المجلس، جولي مينين، انتقدت في مناسبات عديدة أعمال معاداة السامية وكراهية الإسلام وخطابات الكراهية؛ لأننا لا نتسامح مع أي من ذلك ونريد التأكد من أن مجتمعنا يشعر بالأمان".
ويمثل نقص البلاغات عن مثل هذه الحوادث من البائعين مشكلة تمتد إلى ما هو أبعد من قلق وسائل الإعلام إلى الأُطر القانونية التي تحكم عمل الباعة المتجولين.
ولمكافحة ذلك، يقول عطية، يحتاج البائعون إلى معرفة حقوقهم والإبلاغ عن تلك الحوادث إلى السلطات والمُدافعين؛ مثل مشروع البائعين المتجولين.
وقال عطية: "أعتقد أن البائعين الذين بدأوا يدركون حقوقهم بدأوا في المقاومة، وصاروا أكثر ارتياحاً للتحدث علناً عن هذه القضايا والمشاركة دون خوف من الانتقام".
لكن واقعة المسؤول السابق في عهد باراك أوباما مفيدة في توضيح السبب الذي قد يجعل البائعين عازفين عن الإبلاغ عن مثل هذه الحوادث. إذ أُطلِق سراح سيلدوفيتز، مستشار أوباما السابق، يوم الخميس 18 يناير/كانون الثاني، بموجب صفقة من شأنها إسقاط التهم المُوجَّهة إليه إذا خضع لبرنامج استشاري مناهض للتحيز.
إدانات حقوقية
وقد أدانت جماعات حقوق الإنسان الإسلامية الصفقة، وقالت إن الإعلان كان بمثابة "صفعة على الوجه" للضحايا.
ومن خلف نافذة عربة الطعام الخاصة به، يواصل طارق بمفرده إطعام العملاء أثناء استراحات الغداء في أحد المباني في الجانب الغربي العلوي من مانهاتن.
وقال طارق: "الجميع، من وجهة نظرهم الخاصة، يعتقدون أنهم على حق. وسوف يدافعون عن قضيتهم. ولا بأس بذلك. طالما أنك لا تكرهني، فلن أكرهك".