بين "مكان لا مأوى فيه أو طعام"، أو "طريق الموت" للنزوح إلى مكان أفضل، يجد النازحون في السودان أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما، لا سيما في إقليم دارفور (غرباً)، وولاية الجزيرة (وسط)، وفق ما أكده نازحون تحدثوا لـ"عربي بوست"، مشيرين إلى زيادة معاناتهم مع فصل الشتاء.
تتفاقم أزمة النازحين في السودان، لا سيما في هاتين المنطقتين اللتين تشهدان أكبر نسبة نزوح داخلي في البلاد، إثر الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ أبريل/نيسان 2023.
يقول النازح "م.أ" من "الجزيرة" إلى ولاية سنار، لـ"عربي بوست"، إنه بعد نزوحه مع عائلته إلى هذه المنطقة، لم يجدوا المأوى المناسب، حيث لا خيام مناسبة للعيش فيها، ولا طعام متوفراً لأطفاله الأربعة.
"حالنا كانت أفضل في ولاية الجزيرة التي نزحنا إليها من الخرطوم"، يوضح بذلك أنه مرَّ بالعديد من محطات النزوح، منذ أن فرَّ مع عائلته من العاصمة التي باتت تسيطر على غالبية مناطقها قوات الدعم السريع، مضيفاً أن "الجزيرة كانت من حيث الخدمات مشابهة جداً للخرطوم، ولن يجد النازحون من هذه الولاية ما كانوا يجدونه فيها من مأوى وطعام ومياه وخدمات في سنار أو غيرها".
"طريق الموت"، هذا ما وصفه النازح بشأن محاولة النازحين من ولاية الجزيرة، البحثَ عن مكان أفضل للمكوث فيه، قائلاً "إن أقرباء له تم قتلهم في محاولتهم البحث عن مكان لجوء مناسب، بسبب عدم توفر الأكل ومقومات العيش في أماكن ونقاط النزوح حول ولاية الجزيرة في الوقت الحالي، ومع اشتداد برد الشتاء".
مضيفاً أن "مركبات قوات الدعم السريع توقف العديد من النازحين، وتنهب ما يملكون، وهناك العديد ممن لقوا حتفهم بعد اعتراض هذه القوات طريقهم، لذلك بِتنا نخاف من مغادرة مكاننا، وصرنا أمام إما القبول بما نحن فيه، أو النزوح إلى مكان آخر، حيث الطريق إليه قد يؤدي إلى الموت".
بحسب مراسل "عربي بوست" فإن الفارّين من الحرب من ولاية الجزيرة، يتدفقون نحو هذه المدن في شرق السودان، هي: سنار، والقضارف، وكسلا، وبورتسودان.
يروي محمد عبده، من ولاية الجزيرة، في حديثه لـ"عربي بوست"، قصة معاناته مع عائلته، بعد أن نزحوا مرات عدة إلى مناطق آمنة بعيداً عن جبهات القتال، لكن الحرب أصبحت تطاردهم.
بدأت قصة نزوح عبده "من ولاية الخرطوم، في 21 يونيو/حزيران 2023، إلى مدينة "المناقل" في ولاية الجزيرة، حيث كان الوضع هناك هادئاً ومستقراً، حتى انفجر أخيراً، وتحول إلى وضع مأساوي، مع تقدم الدعم السريع لمنطقة "حنتوب" في شرق مدينة "ود مدني"، حيث أصبح الوضع مضطرباً".
وقال: "عندما دخل الدعم السريع إلى ود مدني فقدنا الأمان بعد انسحاب الجيش، وكان لا مفر لنا إلا النزوح مجدداً، وتحركنا على الطريق بين ولايتي الجزيرة وسنار في منطقة جبل سقدي، واعترضتنا سيارة من الدعم السريع، قامت بنهب كل ممتلكاتنا وحتى هواتفنا".
عما عايشوه من انتهاكات بعد إيقافهم قال: "لقد تم إنزالنا على الأرض تحت تهديد السلاح، وأخذوا السيارات، وتركونا حتى وصلنا بأقدامنا إلى قرية مجاورة".
معاناة عبده وعائلته لم تتوقف عند ذلك، مستكملاً: "سافرنا لمدة 3 أيام متتالية حتى وصلنا إلى سنار، واستمر الوضع في التدهور في ولاية الجزيرة، ولم نتمكن من العودة مرة أخرى لأخذ أي شيء من مقتنياتنا".
يروي عبدة: "قرية كركوتش، في ولاية الجزيرة، تعرضت لنهب المنازل بالصف بيتاً بيتاً، وجرى نهب 25 منطقة هناك، وفقاً لإحصاءات اللجان في تلك القرى شرق الجزيرة، كما نهبت بقية المناطق في جنوب الولاية، بالمناقل، والحصاحيصا".
أما الشاب أحمد الأمين محمد (16 عاماً)، من قرى ولاية الجزيرة، فقد قتلته عناصر "قوات الدعم السريع" دهساً، وفق أسرته، التي تحدث أحد أفرادها إلى "عربي بوست"، مفضلاً حجب اسمه لأسباب أمنية.
قال إن نهاية ابنهم القتيل أحمد، كانت أمام منزلهم على الطريق الرئيسي في الولاية، عندما مر رتل من السيارات العسكرية للدعم السريع، وتوقف ليسأله أحدهم عن الماء، فلم يجدوه عنده، بسبب انقطاع الماء عن المنطقة، وكذلك الكهرباء، ليقوموا بقتله".
واقعة صادمة حدثت مع ابنهم حينها، إذ مرت فوق جثته أربع سيارات عسكرية.
أرقام النزوح في السودان
حاول "عربي بوست" التواصل مع قوات الدعم السريع في الولاية، للوقوف على هذه الحادثة، ولم تلقَ رداً، في حين أقرّ قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، في ديسمبر/كانون الأول 2023، بوجود خروقات لقواته في الجزيرة، قائلاً إنه سيحقق فيها.
وفقاً لأرقام النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، نزح أكثر من 5.5 مليون شخص داخل البلاد، وسُجلت أعلى النسب للنازحين من الخرطوم، وعددهم 3.5 مليون شخص، ونسبتهم 64% من مجموع النازحين، ذهب نحو 700 ألف منهم إلى ولاية الجزيرة، تليها ولاية جنوب دارفور (17%)، وشمال دارفور (9%)، ووسط دارفور (4%)، وغرب دارفور (3%).
بدأت أزمة النزوح، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتشمل ولايات إقليم دارفور، الذي يمثل غرب السودان، لتتمكن قوات الدعم السريع من السيطرة على كامل الإقليم، باستثناء ولاية شمال دارفور وعاصمتها الفاشر، التي توجد فيها الحركات المسلحة الموقّعة على اتفاقية جوبا للسلام، وتتركز فيها أعداد النازحين.
أما ولاية الجزيرة فقد بدأ النزوح فيها، في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد سيطرة الدعم السريع على عاصمتها ود مدني.
تسببت الأزمة في ولاية الجزيرة في عملية نزوح كبيرة للمواطنين السودانيين، تُقدر بأكثر من 500 ألف نازح، وفقاً للأمم المتحدة.
أطفال فاقدون للسند في "الجزيرة"
أطفال بلا سند في مراكز إيواء في ولاية الجزيرة، يعانون من أوضاع إنسانية صعبة، في حين صدرت نداءات عاجلة لإنقاذهم.
كشفت عضوة مبادرة "أصدقاء الدار" المحلية، سعدية الرشيد، لـ"عربي بوست"، المأساة التي يعيشها أطفال دار "المايقوما" (دار الأطفال فاقدي السند) في ولاية الجزيرة.
قالت إن الأطفال هؤلاء مات منهم 95 طفلاً بسبب سوء التغذية الحاد والالتهابات، وإن عدم تمكن المنظمات من إجلاء المرضعات مع الأطفال الرضع، تسبب أيضاً في وفاة العديد منهم.
وقالت إن منظمة "اليونسيف" قامت بإجلاء الصغار الذين تتراوح أعمارهم فقط من عمر يوم إلى سنة، وعددهم 50، ولم يتم إجلاء المرضعات معهم، ما أدى إلى وفاة عدد منهم.
الأطفال في هذه المؤسسة تم إجلاؤهم سابقاً من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة، عندما اندلعت الحرب هناك، ووصلوا دون أهلهم بمساعدة متطوعين.
وتم نقلهم إلى ود مدني، وظلَّ وضعهم سيئاً عقب اجتياح المدينة بواسطة الدعم السريع، ولم يتمكنوا من الخروج إلا عبر جهود متطوعين في المبادرة، تمكنوا من إجلاء بعضهم إلى ولاية سنار المجاورة.
يتكون المركز من ثلاثة أقسام رئيسية، الأول للأطفال من عمر يوم إلى خمسة أعوام، والثاني من عمر ست سنوات فما فوق، هذا إلى جانب القسم الثالث المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة من النساء السيدات كبار السن، بحسب سعدية.
تأسست دار المايقوما في عام 1961، وتستقبل عادة المئات من الأطفال سنوياً، وفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود الخيرية التي تدعم الدار.
أشارت سعدية في حديثها إلى أن المبادرة تمكنت من نقل ذوي الاحتياجات الخاصة إلى خارج المدينة، وعددهم 113 طفلاً، في حين لا يزال هناك العشرات من الأطفال من القسم الثاني عالقين.
وأطلق المغردون السودانيون في منصة X، وسماً لإنقاذهم، تحت عنوان
فيما يتعلق بالوضع الإنساني للأطفال المحاصرين في مدينة "الحصاحيصا" بعد إجلائهم من مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، قالت هبة عبد الله، مديرة مأوى الأطفال في تصريح لـ"عربي بوست": "ظلَّ الوضع مأساوياً بالنسبة لهم خلال الأيام الماضية في المركز، بسبب إطلاق النار في المنطقة، وانقطاع المياه والكهرباء".
أضافت: "فقدنا ثلاثة أطفال معاقين، ومع ذلك استعنّا بالمواطنين والمتطوعين الذين جاؤوا لمساعدتنا في إنقاذهم، لكن بسبب نقص الوقود لم نتمكن من إجلاء جميع الأطفال، لكننا تمكَّنا من إجلاء الصغار منهم فقط من مدني إلى كسلا، ثم إلى بورتسودان، وهو طريق للموت بالنسبة لبعضهم في ظل غياب المأوى والطعام".
وقالت: "اليوم بدأنا في ترتيب وضعنا لترحيل بقية العالقين من الحصاحيصا إلى ولاية كسلا في شرق السودان، في القريب العاجل".
المرضى هم الشريحة الأكثر تضرراً بين النازحين في مراكز الإيواء في ولاية الجزيرة، لا سيما بعد فرار الكوادر الصحية من المستشفيات في الولاية، عقب حادثة اختطاف "الدعم السريع" لأطقم طبية، ونهبها كل العيادات والمستشفيات بشكل كامل، بحسب مصادر من السكان فيها لـ"عربي بوست".
تزداد معاناة النازحين من مرضى الفشل الكُلوي، الذي نزحوا من الجزيرة إلى ولاية سنار، ومناطق أخرى، بعد أن وُضعوا في 14 مركزاً للإيواء، تتركز بالمدارس والمستشفيات في ولاية سنار.
النازحون في دارفور
تزداد كذلك معاناة النازحين في إقليم دارفور، غربي السودان، بسبب عدم توفر المواد الإغاثية لهم في مراكز الإيواء المكتظة بهم، التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة.
عماد الدين أحمد الطاهر آدم، الذي نزح من مدينة نيالا، نفى في حديثه لـ"عربي بوست" تلقيه أي خدمات إنسانية في مركز الإيواء، وقال: "نعيش تحت الشجرة ونعاني من عدم توفر الطعام، وموجة البرد".
وقال: "كل ما أرغب فيه الآن الحصول على بطانية تقيني من البرد".
تتفق فاطمة أحمد محمد، في حي كرري، مع عماد في عدم توفر وجبات الطعام، رغم زيارة بعض المنظمات الوطنية إلى المراكز، لكنها لم تجد شيئاً بسبب العدد الكبير داخل مراكز الإيواء.
وقالت لـ"عربي بوست": "نعيش هنا في العراء، نناشد بتوفير الخيام ومواد المأوى، حتى يقوى الأطفال على العدوى والأمراض الشتوية".
أميرة عبد الله محمد آدم، مسؤولة التغذية في وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور النازحة في المركز، أكدت عدم تلقي أي مواد إغاثية، وأضافت لـ"عربي بوست": "جميع النازحين هنا يعتمدون على أنفسهم في الإعاشة، وهي موظفة لكنها لم يصرف لها راتبها منذ تسعة أشهر".
يتركز غالبية النازحين ومراكز الإيواء في ولاية الفاشر، ما أسهم بشكل كبير في انتشار الأمراض بينهم، بسبب نقص الغذاء والدواء، وفقاً لمسؤولين في المراكز.
عن إحصاءات النازحين القادمين في الفاشر، قال متوكل آدم عبد الله حامد، المسؤول التنفيذي والمشرف على مراكز إيواء النازحين في ولاية شمال دارفور، لـ"عربي بوست": "بلغ عدد من نزح من نيالا وحدها 2750 أسرة، ما يعادل 23600 فرد، موزعين في 10 مراكز مدرسية".
أضاف أنهم سجلوا 450 عائلة أخرى نزحت إلى خارج الفاشر، و126 أسرة في محلية دار السلام، وأنهم قاموا بتعيين لجان لحساب أعداد النازحين في منطقتي أم دريساية وشنقل طوباية في شمال دارفور.
حول أبرز المشاكل التي تواجه المراكز والنازحين، أوضح أنها "الأمراض المستعصية المرتبطة بالشتاء مثل الالتهابات والحميات"، في وقت شدد فيه على حاجة النازحين إلى مواد المأوى من الخيام والبطانيات والملابس الشتوية للأطفال.
شدد حامد على أن سلعة الدقيق التي تقدمها الحكومة كافية للنازحين لمدة ثلاثة أشهر فقط، ليتم توزيعها على الأسر شهرياً، وليس مجاناً.
في هذا الصدد، أشار إلى أن بعض الأسر مجبرة على بيع حصصها من الدقيق في السوق، لشراء بعض الاحتياجات الأساسية المكملة لصناعة الوجبات الغذائية.
أضاف أن إغلاق البنوك يعد إحدى المشاكل الرئيسية التي تعوق عمل المنظمات بالطريقة المعتادة التي تلبي احتياجات المواطنين والمشردين، على حد سواء، وعزا ذلك إلى الوضع الأمني الذي تُقدره أجهزة حكومة ولاية شمال دارفور.
لكنه أكد أن المراكز لا تزال تسجل مجموعات جديدة من النازحين القادمين من نيالا، خاصةً بعد الضربات الجوية الأخيرة على المنطقة في الأيام الماضية.
الشتاء.. ومناطق النزوح في دارفور
بحسب مراسل "عربي بوست"، يتركَّز النازحون في دارفور بشكل أساسي في شمال دارفور، عاصمة الإقليم، عدا نازحي مدينة الجنينة، الذين لجأوا إلى مناطق ابشي وادري الحدوديتين في دولة تشاد المجاورة غرباً.
أما في ولاية شمال دارفور (الفاشر) فهي تعد مركز الإيواء الأول للنازحين في إقليم دارفور، عقب سقوط مدن الإقليم في يد قوات الدعم السريع.
شَرَّدت الحرب المواطنين السودانيين بتلك المناطق، من نيالا حاضرة جنوب دارفور، وزالنجي والضعين، بالإضافة إلى النازحين من محليات شمال دارفور، مثل كُتم، وطويلة، وكبكابية، وأم كدادة، ويتخذ النازحون في الفاشر المدارس الحكومية والخاصة مركزاً لهم.
لكن مع دخول فصل الشتاء تزداد المعاناة كل يوم، مع النقص الحاد في المواد الإغاثية التي لم تعد كالمعتاد في الماضي.
تقول النازحة بمركز الإيواء سلمى إدريس، التي تدرس في كلية التمريض في جامعة أم درمان الإسلامية لـ"عربي بوست": "نزحت من حي الجبل بمدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، مع سبعة أفراد من عائلتي، إلى مدينة الفاشر، بسبب الحرب الشرسة".
تضيف سلمى أن النازحين في مركز المأوى بمدرسة الفاشر الجنوبية النموذجية بنين يعانون من ندرة الغذاء والدواء ومواد المأوى.
طالبت المنظمات الوطنية والدولية بتقديم الدعم، خاصةً في الغذاء والدواء، مع توفير الملابس الشتوية للأطفال، بالإضافة إلى الاحتياجات الخاصة للفتيات.
من جانبه، يقول الباقر إبراهيم، الذي يسكن في حي المعهد في الفاشر، إنه أصيب بشظايا قذيفة سقطت في أحد المنازل المجاورة له، ما أسفر عن مقتل امرأة، بينما نجا بأعجوبة.
وأضاف: "أحتاج إلى خيمة وبطانية وتوفير وجبات الطعام"، مناشداً "وقف الحرب حتى لا يسقط المزيد من الضحايا بين المواطنين".
إيمان أبشر، الطالبة في المرحلة المتوسطة، تتذكر حين حملت بيديها جثث ضحايا الحرب لجارتها وأطفالها الأربعة، عندما انفجرت قذيفة داخل المنزل في حي دريج في نيالا.
وقالت لـ"عربي بوست" وهي تبكي: "لولا الحرب والقصف اليومي في الحي لَما كنا هنا"، معربةً عن أملها في العودة.
قال المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان في شمال دارفور، جمال علي ضحاوي، لـ"عربي بوست"، إن "المواطنين في السودان بشكل عام ودارفور بشكل خاص منذ بداية الحرب، في أبريل/نيسان 2023، تعرضوا لانتهاكات جسيمة، سواء أكانوا نازحين حديثاً أو سابقاً في مخيمات شمال دارفور أو جنوب دارفور، إذ لم يتلقوا أي مساعدات خلال هذه الفترة، وهذا ما عرَّض حياتهم لخطورة بالغة التعقيد".
عزا ذلك إلى أن "السبب الرئيسي لذلك هو أن هذه المنظمات والجهات المانحة لا تستطيع تقديم هذه المساعدات للنازحين في الوقت الحالي، لأنهم لم يجدوا فرصة، سواء من الحكومة أو الدعم السريع، وهذا في حد ذاته يتعارض مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان".
بل شدَّد على أن "هذه جرائم تتعلق بالقانون الدولي، ولها عقوبات كبيرة، وهذه المسألة تحتاج إلى عمل لجان تحقيق متخصصة لكشف الأطراف التي تقف ضد تسليم مواد الإغاثة للنازحين في دارفور".
وقال إن الوضع الإنساني للنازحين في المراكز وفي المدارس الحكومية والخاصة كارثي، خاصةً في فصل الشتاء في شمال دارفور، وهو شتاء بارد جداً، وإن الأطفال والنساء وكبار السن مع فقدانهم للغذاء فقدوا بنيتهم الجسمانية وإمكانية مقاومة البرد.
أوضح أيضاً أن طبيعة شمال دارفور معروفة بأنها منطقة زراعية، بالتالي فإن النازحين من نيالا بمراكز الفاشر يزداد عددهم، ما تسبب في الاكتظاظ هناك بأعداد كبيرة.
وناشد أطراف النزاع بضرورة فتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات إلى النازحين في دارفور، داعياً الأمم المتحدة إلى تشكيل لجان تحقيق لمعرفة من يعيق عملية تقديم المساعدات للمتضررين من الحرب، سواء في دارفور أو في أي مناطق أخرى في السودان.
مفوض العون الإنساني، المسؤول في شمال دارفور، أحمد آدم عبد الله، اشتكى في حديثه لـ"عربي بوست"، من "نقص حاد في الدعم الإنساني المقدم من المنظمات الدولية، بالإضافة إلى المساعدات التي تقدمها حكومة السودان في الجانب الإنساني".
وقال: "وزعت المفوضية الحكومية المساعدات الإنسانية والوجبات الجاهزة للأطفال في المخيمات والمجتمعات المحلية للنازحين في مراكز الإيواء في مدينة الفاشر، وبعض المحليات في الولاية، لكن تغطية الاحتياجات ضعيفة بسبب صغر كمية المساعدات مقارنةً بالكثافة السكانية العالية".
يشار إلى أنه سبق لـ"عربي بوست" أن نشر تقريراً لأعداد النازحين في داخل السودان وخارجه، ومناطق وجودهم.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.