قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، السبت 20 يناير/كانون الثاني 2024، إنه وثَّق قتل قوات الجيش الإسرائيلي 94 من أساتذة الجامعات الفلسطينية، إلى جانب مئات المعلمين وآلاف الطلبة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية الشاملة التي يشنها على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأوضح الأورومتوسطي في بيان أن الجيش الإسرائيلي من بين آلاف غاراته الجوية على قطاع غزة، نفَّذ هجمات متعمَّدة ومحددة ضد شخصيات أكاديمية وعلمية وفكرية في قطاع غزة، العشرات منهم قُتلوا في غارات مباشرة استهدفت منازلهم دون سابق إنذار، ليُقتلوا سحقاً تحت الأنقاض مع أفراد عائلاتهم أو عائلات أخرى نزحت إليهم أو نزحوا إليها.
كما أشار إلى أن المعطيات الأولية لعمليات الاستهداف تشير إلى عدم وجود أي مبرر أو هدف واضح وراء استهداف هؤلاء.
وفقاً للمرصد الحقوقي، فإن القائمة التي وثَّقها تضم 17 شخصية، يحملون درجة البروفيسور، و59 يحملون درجة الدكتوراه، و18 يحملون درجة الماجستير، مؤكداً أن هذه الحصيلة غير نهائية؛ إذ هناك تقديرات بوجود أعداد أخرى من الأكاديميين المستهدفين، وكذلك من حملة الشهادات العليا، ولم يتم حصرهم نتيجة صعوبات التوثيق الناجمة عن تعذر الحركة بحرية وانقطاع الاتصالات والإنترنت ووجود آلاف المفقودين ممن لم يتم حصرهم بعد.
كما أكد أن الأكاديميين المستهدفين بالقتل الإسرائيلي موزَّعين على شتى علوم المعرفة، وغالبيتهم يمثلون مرتكزات العمل الأكاديمي في جامعات غزة.
المرصد الأورومتوسطي أكد أن ما يُعزز احتمالية تعمُّد استهداف "إسرائيل" لكافة مقومات الحياة في قطاع غزة، ما أقدمت عليه القوات الإسرائيلية من تدمير منهجي وواسع النطاق للأعيان الثقافية، ومنها التاريخية.
فعلى مدار أكثر من مئة يوم من الهجوم، دمرت إسرائيل بشكل مباشر جميع الجامعات في قطاع غزة، عبر مراحل، تمثلت المرحلة الأولى في عمليات قصف استهدفت مباني في الجامعتين "الإسلامية" و"الأزهر"، ثم امتد الأمر لبقية الجامعات، وصولاً إلى تفجير بعضها ونسفها بالكامل بعد تحويلها إلى ثكنات عسكرية، كما حدث في جامعة الإسراء جنوبي غزة، التي نشر الإعلام الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، مقطع فيديو يوثق نسفها من الجيش الإسرائيلي، والذي جاء بعد 70 يوماً من تحويلها لثكنة عسكرية ومركز اعتقال مؤقت.
التقديرات الأولية وفقاً للمرصد الأورومتوسطي تشير أيضاً إلى مقتل المئات من طلبة الجامعات جراء الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
كما سيزيد تدمير الجامعات وقتل الأكاديميين والطلبة من صعوبة استئناف الحياة الجامعية والأكاديمية بعد توقف الهجوم، إذ قد يحتاج الأمر إلى سنوات حتى تتمكن الجامعات من استئناف الدراسة في بيئة مدمرة بالكامل.
الاحتلال قتل آلاف الطلبة ودمّر المدارس في قطاع غزة
بحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فقد قُتل 4327 طالباً وأصيب 7819، فيما قتل 231 معلماً وإدارياً، وأصيب 756 بجروح مختلفة، كما تعرضت 281 مدرسة حكومية و65 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" للتدمير الكلي والجزئي في قطاع غزة.
كما طال الاستهداف الإسرائيلي للمدارس 90% من الأبنية المدرسية الحكومية، التي تعرضت لأضرار مباشرة وغير مباشرة، إلى جانب ذلك تبقى نحو 29% من الأبنية المدرسية غير قابلة للتشغيل، نتيجة تعرضها لهدم كلي أو أضرار بالغة، فيما تُستخدم 133 مدرسة حكومية كمراكز للإيواء في قطاع غزة.
المرصد الأورومتوسطي شدد على أن ما تنتهجه "إسرائيل"، عبر هجومها العسكري بتدمير واسع النطاق ومتعمَّد للممتلكات الثقافية والتاريخية، كالجامعات والمدارس والمكتبات ودور الأرشيف، يأتي في إطار سياساتها العلنية بجعل قطاع غزة مكاناً غير قابل للحياة والسكن، وبالتالي خلق بيئة قسرية مفتقدة لأدنى مقومات الحياة والخدمات، قد تدفع سكانه في نهاية المطاف إلى الهجرة.
كما ذكر أنَّ شنّ الهجمات العسكرية ضد الأعيان المدنية، وبخاصة تلك التي تتمتع بحماية خاصة، كالأعيان الثقافية والتاريخية، لا يشكل فقط انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني وجريمة حرب، وفقاً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بل يأتي أيضاً في إطار جريمة الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، والتي يهدف الاحتلال من خلالها إلى تدمير الفلسطينيين بدنياً وروحياً