لا يقاوم المصور الصحفي الفلسطيني يوسف أبو السعيد، الظروف الكارثية التي تعيشها غزة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، ومشاهد الدمار والموت والخراب المنتشرة في كل مكان، بل إن الرجل يصارع أيضاً سرطان الصدر الذي يعاني منه، والذي تفاقمه روائح ودخان القذائف والغبار المتناثر في كل مكان، لكنه رغم ذلك مصرّ كل الإصرار على توثيق جرائم الاحتلال في حق الفلسطينيين العزل، وسلاحه الوحيد هو جهاز الكاميرا الذي يحمله.
في تصريح صحفي، يقول أبو السعيد إنه "يواصل توثيق الجرائم الإسرائيلية في أماكن القصف الإسرائيلي، رغم المضاعفات الصحية التي تصيب جهازه التنفسي بسبب استنشاق بارود القذائف".
لا علاج في غزة
المؤلم في قصة أبو السعيد أنه لم يخضع للعلاج الكيميائي منذ أيام الحرب المتواصلة أي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق ما يقوله.
بخصوص المرض الذي ابتُلي به، يؤكد أنه "اكتشفه قبل نحو شهر من اندلاع الحرب، حيث تلقى أول جرعتين آنذاك، وكانت نتائجهما مبشرة"، وفق قوله.
لكن اندلاع الحرب واستهداف مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، الخاص بمرضى السرطان جنوب مدينة غزة، بشكل مباشر في 31 أكتوبر الماضي، ووجود الآليات العسكرية في محيطه، "أعاق تلقي المرضى لعلاجاتهم".
وكان مدير مستشفى الصداقة، صبحي سكيك، قال في تصريح سابق، إن "10 آلاف مريض سرطان في القطاع يعيشون بلا أدوية، جراء الحرب".
"لا وقت للتفكير في المرض"
يحكي أبو السعيد قائلاً: "اندلعت الحرب واستُهدف المستشفى، وبدأت معاناة النزوح والبحث عن مأوى وملجأ، حيث مررنا برحلتي نزوح، الأولى من غزة لمدينة خان يونس (جنوب)، والثانية نحو رفح (جنوب)".
وذكر أن معاناة الحرب تطغى على معاناة مرضى السرطان، بحيث "لا وقت للتفكير في المرض وتداعياته"، كما قال.
كما أشار أبو السعيد، إلى أن "غياب المستشفى التخصصي لمرضى السرطان يحرمهم من علاج أي مضاعفات صحية، حيث يتخوف الأطباء غير المتخصصين بالعلاج من وصف أدوية تفاقم حالة المصاب بالورم".
وفي 31 أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة بغزة تعرّض الطابق الثالث والأخير من مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني لقصف الطيران الإسرائيلي، ما أدى إلى وقوع أضرار جسيمة.
وجاء الاستهداف بعد أيام من بدء الجيش الإسرائيلي عمليته البرية في قطاع غزة في 27 أكتوبر الماضي، حيث تمركزت الآليات العسكرية بالقرب من المستشفى.
"لن يتوقف"
حول النزوح بمدينة رفح، جنوبي القطاع، لفت المصور الصحفي إلى أن "اكتظاظ النازحين بالمدينة من شأنه أن يؤثر سلباً على مرضى السرطان ذوي المناعة الضعيفة، والتي تتأثر بأي مرض أو فيروس"، وفق قوله.
في ختام حديثه، قال إنه "لن يوقف التغطية الصحفية للحرب على غزة، رغم ما يصيبه من مضاعفات صحية".
وكانت تركيا قد بدأت بنقل مرضى السرطان من قطاع غزة عبر مطار العريش المصري، منذ نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى الأربعاء، 24 ألفاً و448 قتيلاً و61 ألفاً و504 مصابين، وتسببت في نزوح نحو 1.9 مليون شخص، أي أكثر من 85% من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.