قال الداعية الكويتي المعروف طارق السويدان، إن ما حققته "طوفان الأقصى" من نتائج كبيرة على مستوى العالم، لم نكن "نحلم به على الإطلاق". وأشار، في حوار خاص لـ" عربي بوست"، إلى أن المشاريع التي يدشنها الشباب العربي من أجل دعم المقاومة في فلسطين، والأشقاء في فلسطين، أكثر مما يتخيل البعض، داعياً في الوقت نفسه الشباب الحر في العالم، للاستمرار في التظاهر والاحتجاج؛ دعماً لقطاع غزة ورفضاً للحرب الإسرائيلية.
جاء حوار الداعية الكويتي المعروف طارق السويدان مع "عربي بوست" على هامش مشاركته في مؤتمر "الحرية لفلسطين"، الذي عُقد في مدينة إسطنبول التركية، قبل أيام، بحضور مئات الشخصيات العربية والغربية، وناقش قضايا أبرزها "مخاطر الصهيونية وعنصريّتها عالمياً"، وأكد في كلمات ضيوفه أن المقاومة "حق أصيل في مواجهة كل مشاريع التصفية" التي تتعرّض لها القضية الفلسطينية.
حيث أُقيم المؤتمر بتنظيم من مؤسسة القدس الدولية، والمنتدى العالمي للوسطية، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، ومنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة، واستمر المؤتمر يومين عقد خلالهما جلسات، بمشاركة مفكرين وباحثين ومتخصصين من بلدان عربية وأجنبية.
في البداية، دكتور طارق، كيف تقيّم عملية طوفان الأقصى، وما حققته من نتائج على مستوى العالمين، العربي والإسلامي، وكذلك الغرب؟
"طوفان الأقصى" تقوم بتغيير جذري على كل المستويات، ليس فقط على مستوى الأمتين العربية والاسلامية، ولكن على مستوى العالم أجمع، ولقد رأينا هذا التغيير على مستوى العالم، وبالذات في الحركة الشبابية وحركة التعاطف العالمي مع قضية فلسطين على كل المستويات، وهذا أمر ما كنا نحلم به لولا "طوفان الأقصى"، طبعاً عملية طوفان الأقصى فيها جانبان، الأول: وهو جانب الألم، ونحن نشاهد يومياً حجم الدمار الذي ارتكبه الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وحجم القتل وحجم الشهداء الذين نسأل الله أن يتقبلهم عنده في عليين، فالشهيد له مرتبة نتمنى أن نصل إليها، فهي بالنسبة للمؤمنين ليست خسارة، وإنما سبقونا بإذن الله إلى الجنة، ونلقاهم بإذن الله مع المصطفى، صلى الله عليه وسلم، طبعاً حجم الدمار الذي حدث هائل جداً، ويحتاج إلى عملية إعادة إعمار على مستوى العالم، وتحتاج إلى عشرات السنين في الحقيقة، وهذا يأتي بعد طوفان الأقصى، أن يكون هناك جهد مركز في هذه الاتجاه.
أما الجانب الثاني، فهو جانب الأمل، لا شك أن صبر المجاهدين على هذه الجهاد الطويل والأذى الطويل والقصف والقنابل والقتل بكل التكنولوجيا والدعم العالمي، ورغم ذلك هناك صمود كبير من جانب المقاومة، فحجم الأذى نتيجة صبر المقاومين، هو أكبر بكثير على بني صهيون، وهم يتعمدون عدم الإعلان عن كل خسائرهم جراء الحرب الحالية، هذا كله يعطينا أملاً كبيراً أن الأقصى، إن شاء الله، بدأ في مرحلة التحرير، إن كانت هناك فئة قليلة استطاعت أن تفعل بهم ذلك، فإن تغيّرت الأوضاع في العالم العربي سوف يكون هناك تغيير جذري يحقق لنا، بإذن الله، التحرير الشامل لفلسطين وللأقصى من أيدي الصهاينة، فالنتيجة النهائية هي أنني سعيد بطوفان الأقصى بشكل كبير، وأسأل الله، سبحانه وتعالى، أن يتمم الأمور على خير، وأن يجعل العاقبة للمؤمنين بإذنه تعالى.
هل تعتقد دكتور طارق، أن ردود الفعل الشعبية، عربياً أو إسلامياً أو في الغرب، هي على مستوى حدث مثل طوفان الأقصى؟
في الحقيقة، فإن رد الفعل الشعبي هو أكبر بشكل كبير من مستوى الحدث، تحرك الشعوب عالٍ جداً ومميز، ولكن هناك شعوب مقهورة داخل دول تتحكم فيها أنظمة ديكتاتورية تمنعها من الحركة، أما عندما تكون الشعوب لديها حرية في الحركة، فهذا رأيناه في الدول الديمقراطية، في كل مكان فيه حرية، حجم الحركة سواء بالمظاهرات أو بالدعم المالي، في الحقيقة هي مواقف وتحركات مشرفة للقضية الفلسطينية، باختصار، مواقف الشعوب تجاه القضية الفلسطينية مشرفة، في حين أن مواقف الحكومات هي الهزيلة ولا ترقى لمستوى حدث مثل طوفان الأقصى.
بالنسبة لرد فعل الحكومات العربية، كيف تقيّمه في ضوء ما أشرت إليه من تفاعل إيجابي ضخم على المستوى الشعبي؟
الحكومات العربية، إما متآمرة أو عاجزة عن التضامن، وهذا ما نشهده، لكن هناك دول صغيرة لا يجب أن تُلام على تقصيرها بحق القضية، في حين أن هناك دولاً لها وزن كبير، خاصة من دول الطوق، حول غزة للأسف صارت متفرجة على الحرب، وليس لها دور، وهذا أقرب للخيانة منه إلى العجز.
كلمة توجهها للمقاومة، وللشباب العربي، وكذلك للشباب المتضامن مع القضية الفلسطينية في الغرب؟
في البداية رسالتي إلى شباب المقاومة، تأكدوا أن الأمتين العربية والإسلامية كلها معكم وأنكم في دعائنا ليلاً ونهاراً، والحمد لله أحب أبشركم أني مطّلع على المشاريع التي أطلقها شباب عربي ومسلم من أجل دعمكم، وهي مشاريع أكبر بكثير مما يصل إليكم، فاطمئنوا أن الأمة والعالم الحر كله معكم. وبالنسبة للشباب العربي والمسلم، فأنا معجب بما قام به الشباب في طوفان الأقصى، وأرجو أن يستمروا ويزيدوا الفعاليات، وأما شباب الغرب، فالحقيقة، إن ما رأيناه من تحريك المظاهرات، وتحريك الشعوب في العالم، حتى صارت المظاهرات في العالم الغربي أكبر بكثير من المظاهرات في العالم العربي، لا شك أن هذا لم يأتِ من فراغ، وإنما جاء من حركة شبابية استطاعت أن تخترق الجماهير، وتوصّل لها الصوت الحر، فأرجو أن تستمروا في ذلك، ولا تهدأوا حتى يتم تحرير فلسطين.
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى الأربعاء، 24 ألفاً و448 قتيلاً و61 ألفاً و504 مصابين، وتسببت بنزوح أكثر من 85% (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.