كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست"، الثلاثاء، 16 يناير/كانون الثاني 2024، أن الغارات الإيرانية في أربيل عاصمة كردستان العراق، طالت مسؤولاً استخبارتياً كردياً، ورجل أعمال، كلاهما وصفته بأنه على علاقة بالموساد الإسرائيلي.
غارات الحرس الثوري الإيراني استهدفت، الإثنين 15 يناير/كانون الثاني 2024، بعشرات الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار الهجومية، أهدافاً في عاصمة إقليم كردستان العراق أربيل.
مسؤول استخباراتي ورجل أعمال
علم "عربي بوست" من مصادر كردية وعراقية مطلعة أن من بين القتلى في الهجوم الإيراني على أربيل، مسؤولاً استخباراتياً كردياً رفيع المستوى فضّلت عدم نشر اسمه، في حين كشفت عن هوية رجل أعمال كردي عراقي بين القتلى، قالت إنه يتمتع بعلاقة وثيقة مع الحزب الحاكم في إقليم كردستان العراق (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، وهو قطب عقاري، ويملك شركة أمنية.
رجل الأعمال الكردي، بحسب ثلاثة مسؤولين أكراد عراقيين من الحزب الديمقراطي الكردستاني، هو "پيشرو مجيد آغا دزيي"، موضحين لـ"عربي بوست" أن "الهجمات الصاروخية قتلت رجل الأعمال الذي يمتلك عدداً من المشاريع العقارية الراقية في مدينة أربيل".
قال مسؤول كردي عراقي رفيع المستوى من الحزب الديمقراطي الكردستاني لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم ذكر اسمه نظراً لحساسية الموضوع، إنه "تم استهداف منزل بيشرو دزيي بشكل مقصود من الحرس الثوري الإيراني، وتم قتله هو وزوجته، وعدد من أفراد عائلته".
بحسب المصادر الكردية، يُعدّ بيشرو دزيي من أهم رجال الأعمال في إقليم كردستان العراق، ويمتلك العديد من المشاريع العقارية الكبرى في الإقليم، ويترأس شركة "إمباير وورلد" العقارية، بالإضافة إلى امتلاكه شركة "فالكون" للأمن والحراسة في مدينة أربيل.
فيما يتعلق بملكيته لشركة "فالكون"، قال مصدر أمني إيراني لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام: "لدى بيشرو دزيي علاقات قوية وواسعة مع الإسرائيليين، خاصة مسؤولين من الموساد الذين يترددون على كردستان العراق، من خلال شركة الأمن التي يمتلكها".
وقال: "نحن نمتلك أدلة قوية على تورطه مع الإسرائيليين في أمور تهدد الأمن القومي الإيراني".
شدد كذلك على أن "بيشرو دزيي يعد واحداً من أهم رجال الأعمال الأكراد الذين يسهلون نقل النفط العراقي إلى إسرائيل".
لكن على الجهة المقابلة، نفى مسؤول من الحزب الديمقراطي الكردستاني حديث المسؤول الأمني الإيراني، بشأن علاقة رجل الأعمال الكردي بيشرو دزيي ومسؤولين إسرائيليين.
وقال لـ"عربي بوست": "هذه مزاعم لا أساس لها من الصحة، يرددها الإيرانيون كحجة لتهديد الشعب الكردي، فلماذا لا ينتقمون من الإسرائيليين بضرب تل أبيب وليس أربيل؟".
مسؤول استخباراتي كردي
كان من ضمن القتلى في الهجوم الإيراني، مسؤول استخباراتي كردي رفيع المستوى، بحسب مصدر أمني عراقي تحدث لـ"عربي بوست"، من بغداد، قائلاً: "الإيرانيون استهدفوا بصاروخين على الأقل مقراً استخباراتياً تابعاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، وتم على إثر هذا الاستهداف، قتل مسؤول استخباراتي كردي لديه اتصالات وعلاقة بمسؤولين في الموساد الإسرائيلي، لكن حكومة الإقليم لم تفصح عن هذا الأمر".
الحرس الثوري الإيراني أعلن حينها، بنفسه، في بيان، أنه تم استهداف وتدمير قاعدة لوكالة التجسس الإسرائيلية الموساد في إقليم كردستان العراق، واصفاً الهجوم بأنه "انتقام من الاغتيالات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قادة كباراً في الحرس الثوري، على رأسهم العميد سيد رضي الموسوي، الذي تم اغتياله بغارة جوية إسرائيلية في العاصمة السورية دمشق في 25 ديسمبر/كانون الأول 2023".
مسؤول كردي ثانٍ من الحزب الديمقراطي الكردستاني، عند سؤاله عن حقيقة مقتل مسؤول استخباراتي كردي رفيع المستوى، قال لـ"عربي بوست": "لا علم لنا بهذا الأمر، ولا نريد التحدث عن أمور لم يتم الإعلان عنها رسمياً من حكومة أربيل".
بينما قال مسؤول كردي ثالث من الحزب الديمقراطي الكردستاني، لـ"عربي بوست"، بشأن مقتل شخصية أمنية كردية رفيعة المستوى: "يقول الإيرانيون إنهم استهدفوا مقراً للجواسيس الإسرائيليين في أربيل، فهل المقرات الأمنية الكردية هي المقصودة؟ وهل يتعامل معنا الإيرانيون على أساس أننا جواسيس ويريدون القضاء علينا؟ نحن نرفض ذلك".
لكنه رفض تأكيد مقتل مسؤول استخباراتي كردي في الهجوم الإيراني، مكتفياً بالقول: "نعم تم استهداف مقر للاستخبارات الكردية بالقرب من مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في مدينة أربيل، لكن لا علم لديَّ حتى الآن عن وقوع وفاة مسؤول كردي".
الجدير بالذكر أن مجلس الأمن التابع لحكومة إقليم كردستان العراق، قال في بيان له عقب الهجوم الإيراني على مدينة أربيل، إن "أربعة مدنيين على الأقل قُتلوا في هذا الهجوم، وأصيب ستة آخرون"، واصفاً الهجوم الإيراني بأنه "جريمة ضد الشعب الكردي".
الأمن القومي الإيراني
أعلن الحرس الثوري الإيراني فور استهدافاته في أربيل مسؤوليته عن الهجوم الصاروخي، في عاصمة إقليم كردستان العراق، وقال في بيان له: "الهجومان على أربيل وسوريا جاءا انتقاماً لاغتيال كبار قادة الحرس الثوري، ولحادثة مدينة كرمان الإيرانية".
في هذا الصدد، قال مصدر أمني إيراني لـ"عربي بوست": "كنا قد حذّرنا الأكراد في العراق مراراً وتكراراً من علاقتهم بالإسرائيليين، وبأن هذه العلاقة تهدد الأمن القومي الإيراني، لكنهم لم يستجيبوا للتحذيرات، فكان لابد للقيادة الإيرانية أن تظهر قوة الردع، دفاعاً عن الأمن القومي الإيراني".
كان الحرس الثوري الإيراني قد استهدف في مارس/آذار 2022 مدينة أربيل بهجوم صاروخي على منزل رجل أعمال كردي بارز، وهو باز كريم الذي يعمل في مجال النفط، ويمتلك شركة كبيرة لتصدير النفط الكردي، وله علاقات وثيقة بالحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق.
وقال الحرس الثوري حينها، إن الاستهداف "جاء في وقت اجتماع بين باز كريم ومسؤولين إسرائيليين".
من جهته، وصف مسؤول في الحزب الديمقراطي الكردستاني، في حديثه لـ"عربي بوست"، الهجوم الصاروخي الإيراني على إقليم كردستان العراق، بأنه جاء في "وقت صعب وحرج"، موضحاً: "لم نكن نتوقع أبداً أن ينتقم الإيرانيون من الإسرائيليين في مدينة أربيل".
وقال: "أعلنا كامل تضامننا مع الإيرانيين عقب حادثة كرمان، واختار الإيرانيون وقتاً صعباً وحرجاً ليجعلوا أربيل ساحة خلفية لحربهم الخفية مع إسرائيل".
"هدف منخفض التكلفة لإيران"
حول اختيار إيران الرد على الإسرائيليين في أربيل، يقول محلل سياسي إيراني مقرب من دوائر صنع القرار في طهران لـ"عربي بوست": "كردستان العراق هدف سهل، ومنخفض التكلفة بالنسبة للقادة الإيرانيين، وهناك ضغط كبير عليهم لإظهار قوة الردع الإيرانية".
أشار كذلك إلى أن "القيادة الإيرانية تشعر في الوقت ذاته، بأن عليها التحرك بخطوات كبيرة، لكن بشكل منخفض التكلفة، دون التورط في صراع أكبر مع واشنطن".
عن هدف إيران من استهداف مدينة أربيل، قال إنه "جاء بالقرب من السفارة الأمريكية هناك، وكان قادة الحرس الثوري حريصين للغاية على أن لا تصيب صواريخهم السفارة، لأنهم ببساطة لا يريدون التورط مع الأمريكيين، وفي الوقت ذاته يريدون ممارسة الضغط بشكل غير مباشر على واشنطن".
لكنه يرى أن "الهجوم على كردستان العراق لا يعني تغييراً في استراتيجية طهران فيما يتعلق بحرب غزة، إلا أن طهران اختارت المشاركة بأقل الخسائر، فهي كان لا بد لها من أن ترد على اغتيال قادتها مؤخراً".
وأشار إلى أن "القيادة الإيرانية تعرضت لضغوط متزايدة من الموالين لها للانتقام من اغتيال القائد البارز في فيلق القدس في سوريا، العميد سيد رضي موسوي، وحادثة الهجوم على ضريح القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني في مسقط رأسه بمدينة كرمان الإيرانية، ومقتل 100 شخص".
يشار إلى أن الحرس الثوري الإيراني أعلن شن هجمات صاروخية على أهداف تابعة لتنظيم الدولة في الأراضي السورية، بالإضافة إلى مبنى في أربيل، قال إنه "مقر رئيسي لجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)".
فيما أعلن مجلس أمن إقليم كردستان شمال العراق، في بيان، أن الحرس الثوري شن هجومًا بصواريخ بالستية على مناطق مدنية عدة في أربيل، ما أسفر عن مقتل 4 مدنيين وإصابة 6 آخرين.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.