ذكر موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير له الإثنين 15 يناير/كانون الثاني 2024، أن قرار بايدن بتوجيه ضربات جوية على اليمن أدى إلى زيادة كبيرة في مستوى غضب المُشرِّعين والتقدميين الذين يعملون منذ أكتوبر/تشرين الأول للضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة، فيما يلوح العديد منهم بتقديم استقالتهم.
بعد ثلاثة أشهر من الحرب الإسرائيلية على غزة، وبعد أشهر من الاحتجاجات الجماهيرية واسعة النطاق ضد الحرب ودعوات الرئيس الأمريكي جو بايدن لدعم وقف إطلاق النار، أمرت واشنطن بضربات جوية على اليمن، وهي خطوة تصعيدية قد تدفع المنطقة إلى حرب أوسع نطاقاً.
لكن الغضب والمعارضة لا يقتصران على المعسكر التقدمي فحسب. إذ تحدث موقع Middle East Eye إلى موظفي الكونغرس من عدة مكاتب في كلا المجلسين، بالإضافة إلى العديد من الموظفين العاملين في إدارة بايدن الذين يقولون إنَّ الإحباط تجاه بايدن والكونغرس قد وصل إلى نقطة الغليان.
يقول أحد الموظفين التقدميين في الكابيتول هيل (مقر الكونغرس) لموقع Middle East Eye في الليلة التي نفذت فيها الولايات المتحدة الضربات الأولى على اليمن: "إنَّ مستوى الغضب تجاه جو بايدن يمكن مقارنته الآن بمستوى الغضب تجاه دونالد ترامب".
كما أضاف الموظف: "فكرة أنه يفعل ذلك ثم يطلب منا التصويت له سخيفة. لا أعرف على أي كوكب يعملون، لكن هذه ليست الطريقة التي تفوز بها في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني".
"الاستقالات الجماعية ستبعث رسالة قوية"
قالت إحدى موظفات البيت الأبيض لموقع Middle East Eye إنها جهّزت خطاب استقالتها، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. وكل يوم، تلقي نظرة عليه، وتتساءل عمّا إذا كان هذا هو اليوم الذي تقرر فيه المغادرة.
كما أضافت الموظفة لموقع Middle East Eye: "السبب الوحيد الذي يدفع الكثير منا للبقاء هو من سيناصر القضية إذا لم نكن هنا. أعتقد أنَّ هذا هو ما يعيق البعض منا، لكن حتى هذا السبب المحدد آخذ في التلاشي؛ فلم يعُد بأيدينا ما نفعله".
تشبه تجربة الموظفة ومشاعرها تلك الخاصة بالعديد من الآخرين في جميع أنحاء الإدارة الذين قرروا الانضمام إلى إدارة بايدن للعمل على عدد من قضايا السياسة الداخلية مثل التعليم أو البيئة. لكن الآن، وفي كل يوم تستمر فيه الحرب، يرون أنَّ العمل هناك يمثل مخاطرة بالتواطؤ في دعم بايدن القوي للحرب.
شعور بالإحباط
في السياق نفسه، صرح موظف آخر بالبيت الأبيض قائلاً: "يشعر الموظفون بالإحباط، ويشعرون بالانفصال، ونوع من الفزع وعدم الارتياح الشديد للعمل مع هذا الرئيس".
ثم أضاف: "من الصعب جداً مواصلة العمل هنا".
وقد أعرب أعضاء من جميع وكالات إدارة بايدن عن دعمهم لوقف إطلاق النار، وفقاً للعديد من موظفي البيت الأبيض الذين تحدثوا إلى موقع Middle East Eye.
حتى الآن، قدم شخصان من الإدارة استقالتيهما -وهما جوش بول، الذي أشرف على عمليات نقل الأسلحة في وزارة الخارجية، وطارق حبش، الذي عمل في سياسة التعليم في البيت الأبيض.
وقالت الموظفة الأولى في البيت الأبيض: "الاستقالات الجماعية ستكون قوية، لكنني لا أعرف ما إذا كنا قد وصلنا إلى هذه المرحلة بعد".
"لا أعلم إن كنت سأعود إلى الكونغرس"
على بعد بنايات قليلة من البيت الأبيض، أخبر موظفو الكونغرس موقع Middle East Eye أنَّ الوضع قاتم بالمثل، وأنَّ المعارضة لا تقتصر على واشنطن فحسب؛ ففي مختلف أنحاء الولايات المتحدة، يتزايد عدد الأمريكيين الذين يعارضون دعم بلادهم للحرب.
قال أحد موظفي الكونغرس: "لدينا أشخاص يبكون أو ينتحبون، ويتوسلون إلينا أن نفعل شيئاً، ويقولون لنا إننا متواطئون فيما يحدث، وإنَّ أيدينا ملطخة بالدماء، ويتطلعون بيأس إلى صدور بعض التوجيهات أو الإجراءات بشأن ما يجب على الأمريكيين فعله للمساعدة في وقف العنف الذي ينكشف أمام أعينهم".
وكتب أكثر من 140 موظفاً رسالة في منتصف ديسمبر/كانون الأول، ذكروا فيها أنهم تلقوا أكثر من 700 ألف مكالمة، عبر 71 مكتباً، تحث مسؤوليهم المُنتخَبين على الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة.
ومن المحتمل أن يكون العدد الفعلي للدعوات لوقف إطلاق النار الواردة إلى مكاتب الكونغرس بالملايين، وفقاً لعدد من موظفي الكونغرس الذين تحدثوا إلى موقع Middle East Eye.
هذه الحقيقة المريرة من القمع تركت العديد من الموظفين في حالة إحباط. فعلى غرار العديد من موظفي بايدن، لم يتوقعوا أبداً أن تُقابَل مثل هذه الخسارة الفادحة في الأرواح بالصمت.
كذلك، قال الموظف الثاني في الكونغرس، الذي تحدث إلى موقع Middle East Eye: "أنا لا أعرف حتى إن كنت أرغب في العودة إلى الكونغرس".