طالب عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أسامة حمدان السلطات المصرية بضرورة أن تعمل على أن يكون التحكم في معبر رفح، في إطار تفاهم فلسطيني مصري فقط، وألا يكون للاحتلال أي دور بالمطلق في هذا الأمر، مشيراً في حوار خاص مع "عربي بوست"، الأحد 14 يناير/كانون الثاني 2024، إلى أن الرد على اغتيال الشيخ صالح العاروري، نائب رئيس حركة حماس، سوف يكون قريباً، وأن المقاومة لن تتهاون في الرد على ما حدث.
تصريحات اسامة حمدان لـ"عربي بوست" كانت على هامش مشاركته في مؤتمر "الحرية لفلسطين"، الذي انطلق في مدينة إسطنبول التركية، بحضور مئات الشخصيات العربية والغربية، وناقش قضايا أبرزها "مخاطر الصهيونية وعنصريّتها عالمياً"، وأكد في كلمات ضيوفه على أن المقاومة "حق أصيل في مواجهة كل مشاريع التصفية" التي تتعرّض لها القضية الفلسطينية.
يقام المؤتمر بتنظيم من مؤسسة القدس الدولية، والمنتدى العالمي للوسطية، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن، ومنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة. ويستمر المؤتمر يومين تُعقد خلالهما جلسات، بمشاركة مفكرين وباحثين ومتخصصين من بلدان عربية وأجنبية.
إلى نص الحوار:
تحدثت القاهرة حول محور فيلادلفيا، حيث قالت إن ما يحكم تعاملها مع الأمر هو الاتفاقيات الدولية بينها وبين الاحتلال الاسرائيلي، كيف ترون تصريحات نتنياهو بخصوص ما قاله حول بحث احتلال المحور؟
هنا ليس عندي تعليق.. هذه مسألة سيادية مصرية، وهذا عدو لا يحترم سيادة أي دولة، والتعاون مع هذا العدو يجب أن يكون بلغة فرض الأمر الواقع والدفاع عن الحقوق.. وتجربة الشعب الفلسطيني وكل شعوب الأمة، التعامل مع الإسرائيليين ليس فيه إلا منطق واحد، وهو منطق المواجهة والمقاومة دون هذه القدرة على المواجهة مع الاسرائيليين، لن يعتدي فقط على مصر، بل ربما يعتدي على دول عربية أخرى.
أُثير في الأيام القليلة الماضية، في وسائل إعلام غربية أن وفداً إسرائيلياً وصل إلى القاهرة لبحث إمكانية استئناف المفاوضات مرة أخرى معكم بخصوص تبادل الأسرى.. هل لديكم تفاصيل حول الوفد؟ وإلى أين وصلت المفاوضات؟
ليس عندنا معلومات عن وجود وفد إسرائيلي في القاهرة، للتفاوض حول صفقة الأسرى، ولم يتصل بنا أحد، ولا أظن أن المعلومة دقيقة، والتي تخص وجود وفد إسرائيلي في القاهرة للحديث عن المفاوضات الجديدة لتبادل أسرى بين حماس والاحتلال الاسرائيلي.. نحن سلّمنا رداً للأشقاء في مصر على المقترح الذي قُدم، ومن المفترض أنهم يسعون لتحقيق هذا المقترح مع الاحتلال الإسرائيلي، أما نحن فليس لدينا أي معلومات عن وجود أي وفد إسرائيلي في مصر.
إذاً ما الذي يجمّد المفاوضات الآن بينكم وبين الاحتلال الإسرائيلي بخصوص تبادل الأسرى، إن جاز أن نقول إن المفاوضات مجمّدة في الوقت الحالي؟
الاحتلال الإسرائيلي عملياً مستمر في عدوانه، خاصة أنه يتمتع بغطاء أمريكي وأوروبي إلى حدٍّ ما، وبالتالي أعتقد أن إسرائيل لن يوقفها إلا الألم الذي بدأت أعراضه تظهر عليه في الوقت الحالي، وذلك على جيشه وعلى كيانه، ومن ثم فلا حديث عن مفاوضات الآن، في ظل استمراره في القصف وعدم الكف عن استهداف المدنيين.
عطفاً على ذلك، فما الذي يعول عليه بنيامين نتنياهو في استمرار الحرب؟ وما الذي يريد تحقيقه؟
نتنياهو يحاول أن يطيل أمد الحرب ليبقى في رئاسة مجلس الوزراء؛ لأنه بمجرد أن تنتهي الحرب، فكل أعضاء هذه الحكومة وقيادة الجيش والأجهزة الأمنية سوف تذهب إلى التحقيق نتيجة الفشل في مواجهة المقاومة، ونتنياهو بالذات سوف يذهب إلى السجن؛ لتورطه في عمليات فساد.
دعنا نذهب إلى التفاعل الجماهيري العربي مع طوفان الأقصى ومعركة المقاومة مع الاحتلال الإسرائيلي.. كيف ترون إمكانيات هذا التفاعل الشعبي؟ وهل هو على مستوى المسؤولية، وعلى قدر الحدث؟
في تقديري أن الموقف الشعبي في الدول العربية بشكل ما إيجابي، لكن، بكل تأكيد، فإن معركة بهذا الحجم، في إشارة إلى طوفان الأقصى، تتطلب حراكاً أكبر وأعمق وأوسع مما هو عليه الآن.
رغم أن الخطوة التي قامت بها جنوب أفريقيا إيجابية بطبيعة الحال، لكن البعض يرى أنها لن تؤدي إلى إدانة رسمية لإسرائيل.. كيف ترون ذلك في الحركة؟ وكيف تبنون على مثل تحركات الدولة الأفريقية عالمياً؟
نحن في الحركة، نرى أن كل ما يُبذل من جهد لدعم القضية الفلسطينية بغضّ النظر عن تأثير هذا الجهد بشكل أو بآخر، هو جهد مفيد، ونعتقد أن الخطوة التي قامت بها جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، ستكون لها آثار استراتيجية، على موقع الكيان الصهيوني القانوني، حتى ولو لم تُصدر محكمة العدل قراراً باعتبار ما تقوم به إسرائيل إبادة جماعية، فهذا سوف يلطخ سمعة المحكمة، لكنه لن يعفي إسرائيل من الجريمة ومن طبيعة الانتهاكات التي تقوم بها
بالذهاب إلى اليمن.. الحوثيين واجهوا اعتداءات أمريكية بريطانية بعد دعمهم للفلسطينيين.. ولذلك تتخوف بعض الدول من نتيجة مماثلة حال التفاعل بنفس الطريقة مع غزة، هل طرح مثل هذا يعتبر منطقياً؟
بالطبع هو طرح منطقي، فالحوثيون تفاعلوا مع القضية الفلسطينية ورفضوا الحرب الإسرائيلية على غزة، وتضامنوا مع المقاومة، وكان لديهم استعداد للتضحية، وهم نموذج للجميع مفاده أن الدعم يمكن أن يكون فيه تضحيات، ولكن المهم أن تتحرك وأن تقدم دعم، ولولا أن دعم الحوثيين للفلسطينيين مؤثر، لما تدخلت أمريكا بشكل مباشر وقامت بقصف اليمن.
باتت السردية الفلسطينية يُسمع لها في الغرب بعد "طوفان الأقصى".. كيف يمكن استثمار ذلك في المستقبل؟
هذه جهد كبير، نبني عليه كثير من الاشياء، لكني أعتقد إن السردية وحدها لا تكفي، الأساس هو عملية المقاومة نفسها، لأن فعل المقاومة هو الذي أعطى السردية شرعية ورسوخ، وأسندها، وهو الذي أفهم العالم أن هناك إرادة وطنية فلسطينية، لا تتعلق بحماس وحدها، وإنما بالشعب الفلسطيني بأسره في المضي قدماً في هذه المواجهة، حتى إنهاء هذا الاحتلال.
لجأت إسرائيل إلى اغتيال الشيخ صالح العاروري.. هل كان ذلك استفزازاً للحزب في لبنان من أجل استدراجه لحرب كاملة؟
اغتيال العاروري كان في إطار المواجهة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، قبل أن يكون استفزازاً لأي طرف آخر، وهو استهداف لنائب رئيس الحركة، في قمة هرم القيادة ودور الشيخ العاروري في الحركة، سواء دوره القيادي أو الجهادي، هو دور معروف، نحن في سياق مواجهتنا مع الاحتلال لا نتعامل بمنطق رد الفعل، وأقول بالنسبة لي، أن يسقط كل قادة الاحتلال قتلى لا يعادل الشيخ صالح العاروري، وبالتالي فالثار الحقيقي في قناعتنا وظننا هو أن ينتهي الكيان ويزول وينتهي الاحتلال، ولكن بطبيعة الحال في هذه المسار، أن توجه بعض الضربات للاحتلال حتى يفهم أن مثل هذه العدوان سوف يتم الرد عليه، وأعتقد أن الرد على اغتيال الشيخ العاروري سوف يأتي في وقت ليس ببعيد، ولكن بصورة يفهم الاحتلال من خلالها أن النَّيل من الحركة ليس أمراً سهلاً.
الرد من جانب الحركة أم من جانب المقاومة بشكل عام؟
الرد من جانب المقاومة بشكل عام، وحزب الله بدأ بالفعل، حين نفذ رد على اغتيال الشيخ العاروري، باستهدافٍ مباشر لموقع من أخطر المواقع الاستراتيجية للاحتلال الإسرائيلي، حتى أن الإسرائيليين اعتبروا أن رد حزب الله هو رد استراتيجي، وليس رداً تكتيكياً.
بشكل واضح.. ماذا تريد "حماس" من مصر بخصوص معبر رفح؟
نريد أن يكون المعبر فلسطينياً مصرياً بالكامل، ما يحكمه هو التفاهم المصري الفلسطيني فقط، ولا يكون للاحتلال أي دور فيه بالمطلق.
جدير بالذكر أنه ومنذ مئة يوم، بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى الأحد 23 ألفاً و968 قتيلاً، و60 ألفاً و582 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.