انتقد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الثلاثاء، 9 يناير/كانون الثاني 2024 وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي يزور إسرائيل، معتبراً أنه ليس من المناسب حالياً التحدث "بهدوء" مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، في تغريدة عبر منصة "إكس" باللغة الإنجليزية: "السيد الوزير بلينكن، هذا ليس الوقت المناسب للتحدث بهدوء مع حماس، لقد حان الوقت لاستخدام العصا الغليظة".
حماس تشن "طوفان الأقصى" على إسرائيل
رداً على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، شنت "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 هجوماً ضد قواعد عسكرية ومستوطنات بمحيط غزة، فقتلت نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم خلال هدنة مع إسرائيل، التي تحتجز في سجونها نحو 8600 فلسطيني.
ولم يسبق لبلينكن أن التقى بن غفير، وانتقدت وزارة الخارجية الأمريكية خلال الأشهر الماضية العديد من انتهاكاته وتصريحاته، وبينها اقتحام المسجد الأقصى، ودعواته تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وتكثيف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى تسليحه المستوطنين.
بن غفير يوجه انتقادات لبلينكن
يبدو أن انتقاد بن غفير لبلينكن مرتبط بضغوط تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتجنب قتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين في غزة، وزيادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة خلّفت حتى الإثنين 23 ألفاً و84 قتيلاً، و58 ألفاً و926 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
وخلال لقائه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في تل أبيب الثلاثاء، شدد بلينكن على "ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين" في غزة، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في بيان.
وتابع ميلر: كما "شدد الوزير بلينكن على ضرورة تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية المتزايدة والمستدامة للمدنيين في غزة، وناقش الجهود المبذولة لتحقيق تكامل إقليمي أوسع يضمن أمن إسرائيل، ويعزز إنشاء دولة فلسطينية مستقلة".
وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل الحرب الراهنة من أوضاع كارثية، جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
بلينكن يصل إسرائيل
في سياق متصل، فقد سبق أن وصل بلينكن إلى إسرائيل الإثنين، في زيارة تستمر حتى الأربعاء، ضمن جولة شرق أوسطية قادته أيضاً إلى كل من السعودية والإمارات وتركيا والأردن وقطر.
والتقى بلينكن مع هرتسوغ ونتنياهو ووزير الخارجية يسرائيل كاتس والمجلس الوزاري الحربي، وسيلتقي لاحقاً وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير في المجلس الوزاري الحربي بيني غانتس، على أن يلتقي الأربعاء زعيم المعارضة يائير لابيد.
ومنذ اندلاع الحرب، تقدم إدارة بايدن لتل أبيب أقوى دعم عسكري ومخابراتي ودبلوماسي ممكن؛ مما عرّض الإدارة لانتقادات حادة خارج وداخل الولايات المتحدة، في وقت يأمل فيه بايدن الحصول على فترة رئاسية ثانية في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
بلينكن ينهي اجتماعه مع نتنياهو
في سياق موازٍ، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أهمية تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين وحماية البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، بعد لقاء أجراه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب.
وقال بلينكن في تغريدة على منصة "إكس": "أكدت مجدداً دعمنا حق إسرائيل في منع حدوث السابع من أكتوبر/تشرين الأول مرة أخرى"، في إشارة إلى هجوم "حماس" المفاجئ على مستوطنات غلاف قطاع غزة.
وأضاف: "شددت أيضاً على أهمية تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، وحماية البنية التحتية المدنية، وضمان توزيع المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء غزة".
من جهتها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) عن بلينكن قوله لوزراء المجلس الوزاري الحربي في تل أبيب، الثلاثاء: "يجب علينا زيادة المساعدات التي تدخل إلى غزة الآن". وأضاف: "لقد عدت من زيارة لعدة دول في المنطقة، لديها رغبة في اندماج إسرائيل في المنطقة، لكن يجب أن يكون لدينا نوع من الرؤية السياسية".
وتابع بلينكن في إشارة إلى سكان البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود اللبنانية الذين طلبت منهم الحكومة الإسرائيلية في بداية الحرب مغادرة منازلهم: "علينا أن نفهم كيفية إعادة سكان الشمال إلى منازلهم".
وأشارت الهيئة إلى أن بلينكن بحث مع نتنياهو ووزراء المجلس الوزاري الحربي "الجهود المبذولة لتأمين إطلاق سراح جميع المختطفين الذين تحتجزهم حماس".
مظاهرات أمام فندق يقيم به بلينكن في إسرائيل
في حين تظاهر عشرات الأشخاص، الثلاثاء، أمام الفندق الذي التقى فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، بمدينة تل أبيب.
ووفقاً لتقارير متطابقة أوردتها وسائل إعلام عبرية، شارك بالمظاهرة عشرات النساء الإسرائيليات والأمريكيات، وأفراد من عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين بقطاع غزة لدى الفصائل الفلسطينية إثر هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وحمل المتظاهرون لافتات دعت لإعادة المحتجزين من غزة، بينها لافتة كتب عليها "بايدن (الرئيس الأمريكي)، أنت وحدك يمكنك إنقاذهم"، وأخرى طالبت بإبرام اتفاق فوري، لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.
وشكر هرتسوغ خلال لقائه بلينكن، الولايات المتحدة على دعمها لإسرائيل، فيما انتقد بشدة الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية – الجهاز القضائي للأمم المتحدة – وتتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.
نقاش حول حرب غزة
من جهته، قال الوزير الأمريكي إنه يرغب في النقاش مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن "المواقف" التي استمع إليها خلال جولته في المنطقة، والتي شملت تركيا وقطر والإمارات والسعودية واليونان.
ومن المنتظر أن يلتقي بلينكن أيضاً بعائلات الأسرى الإسرائيليين، فيما يلتقي رئيس المعارضة يائير لابيد صباح الأربعاء.
وتعد هذه الزيارة الخامسة لبلينكن إلى إسرائيل، منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول. وأفاد إعلام عبري أن الهدف من الزيارة الحالية "بحث محاولات منع التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، وتجنب توسع الصراع في غزة إلى حرب إقليمية".
يذكر أنه قبل ساعات من وصول بلينكن لتل أبيب، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي البدء في "مرحلة جديدة" من الحرب بقطاع غزة، "أقل كثافة في القتال، وتشمل قوات برية وهجمات جوية أقل".
وتصاعدت المواجهات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي عقب اغتيال تل أبيب نائب رئيس مكتب "حماس" السياسي صالح العاروري بالضاحية الجنوبية لبيروت في 2 يناير/كانون الثاني 2024 والقيادي الميداني البارز في "حزب الله" وسام طويل، بغارة إسرائيلية استهدفت سيارته جنوب لبنان، الإثنين.
يذكر أنه ومنذ بداية الحرب، تقدم واشنطن لتل أبيب أقوى دعم عسكري ومخابراتي ودبلوماسي ممكن، ويعتبر منتقدون الولايات المتحدة "شريكة" في "جرائم حرب إسرائيلية" بغزة، إلا أن تصريحات بعض مسؤوليها تشير إلى معارضتها لمسألة "التهجير القسري" للفلسطينيين.