قالت مجلة Politico الأمريكية في تقرير نشرته يوم الخميس 4 يناير/كانون الثاني 2024، إن مسؤولي إدارة بايدن يضعون خططاً للتعامل مع احتمال توسع الحرب الدائرة الآن في قطاع غزة، وتحوُّلها إلى صراع إقليمي مُطوّل، وقد تحدّث أربعة مسؤولين مطلعين على المسألة، بينهم مسؤول كبير في الإدارة، عن النقاشات الداخلية حول السيناريوهات التي قد تجر أقدام الولايات المتحدة إلى حرب شرق أوسطية أخرى.
المسؤولون طلبوا جميعهم عدم الكشف عن هويتهم؛ حتى يتمكنوا من الحديث عن نقاشات الأمن القومي الحساسة الجارية، ويضع الجيش خططه للرد على مسلحي الحوثي المدعومين من إيران، والذين يهاجمون السفن التجارية في البحر الأحمر، بحسب ثلاثة مسؤولين أمريكيين لديهم اطلاع مباشر على النقاشات الجارية. وتشمل تلك الخطط ضرب الأهداف الحوثية في اليمن بحسب أحد المسؤولين، وهو الخيار الذي قدمه الجيش من قبل.
سيناريوهات أمريكية للتعامل مع الحرب في غزة
يبتكر مسؤولو الاستخبارات في الوقت ذاته طرقاً للتنبؤ بالهجمات المحتملة على الولايات المتحدة بواسطة القوات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، مع طرقٍ للتصدي لها، بحسب أحد المسؤولين. كما يعمل هؤلاء على تحديد أماكن الضربة التالية المحتملة للمسلحين الحوثيين.
وتحث الولايات المتحدة طهران على إقناع وكلائها بتهدئة وتيرة هجماتهم منذ شهور، خلف الكواليس. لكن المسؤولين يقولون إنهم لم يلحظوا أي مؤشر على أن تلك الجماعات بدأت في تقليل استهدافها، ويشعرون بالقلق من أن وتيرة العنف ستتصاعد خلال الأيام المقبلة.
ويقول المسؤولون إن احتمالية اندلاع صراع أوسع تتزايد، في أعقاب سلسلة المواجهات بالعراق ولبنان وإيران خلال الأيام القليلة الماضية. وأقنعت تلك المواجهات البعض في الإدارة بأن الحرب في غزة قد تصاعدت إلى خارج حدود القطاع بالفعل، وهو السيناريو الذي حاولت الولايات المتحدة تفاديه طيلة أشهر.
نقاش أمريكي حول الوضع في البحر الأحمر
جمع الرئيس فريق أمنه القومي في صباح يوم رأس السنة؛ للحديث عن الوضع في البحر الأحمر، ونقاش الخيارات وسبل المضي قدماً، بحسب مسؤولٍ كبير آخر في الإدارة. وأسفرت إحدى نتائج الاجتماع عن صدور بيان مشترك من الولايات المتحدة والعشرات من حلفائها، بحسب المسؤول الكبير، وذلك لتحذير الحوثيين من "العواقب" إذا استمروا في "تهديد الأرواح" وتعطيل التدفقات التجارية عبر البحر الأحمر.
بينما أكّد مسؤول أمريكي آخر أن مخاوف الإدارة حيال اندلاع حرب أوسع في المنطقة ليست جديدة. وأوضح أن الولايات المتحدة تشعر بالقلق حيال تصعيد الحرب في غزة منذ أسابيع، وأنه ليس هناك مؤشر على توسع التهديدات للقوات الأمريكية في الخارج خلال الأيام الأخيرة.
لكن هناك مؤشرات أخرى على أن الإدارة قلقة حيال زيادة تلك التهديدات. وفي أعقاب تفجير إيران يوم الأربعاء 3 يناير/كانون الثاني، بدأ مختلف مسؤولي الإدارة من البنتاغون وحتى الخارجية ووكالات الاستخبارات في تقييم الأساليب التي قد تستخدمها إيران أو قواتها بالوكالة في الشرق الأوسط، وذلك لاستهداف الولايات المتحدة أو حلفائها في المنطقة بشكلٍ مباشر.
خطط طوارئ أمريكية
تُعدُّ هذه النوعية من خطط الطوارئ طبيعيةً في حالات التوتر المتزايد داخل الشرق الأوسط، بحسب المسؤولين. لكن التهافت داخل الإدارة على إعداد التقارير حول نقاط الهجوم والردود الأمريكية المحتملة في الأسبوع الجاري، جاء نتيجة أوامر صدرت من أعلى مستويات الإدارة، بسبب المخاوف حيال استمرار تزايد العنف في المنطقة والشعور بأن واشنطن ستضطر إلى التدخل في النهاية.
ولا شك في أن احتمالية التصعيد بالبحر الأحمر تُثير القلق على نحوٍ خاص، حيث إن هجمات الحوثيين على السفن التجارية هناك دفعت الولايات المتحدة إلى الإعلان عن تشكيل تحالف بحري دولي جديد، بهدف ردع تلك الهجمات الحوثية.
بينما أجبرت هجمات الحوثيين شركات الشحن الكبرى التي تمثل قدراً كبيراً من الاقتصاد البحري العالمي، على تغيير مسارات سفنها، ما يزيد من تكاليف الشحن وتأخير الشحنات. ويخشى المسؤولون من حدوث تصعيدٍ أكبر في هذا الصدد.
حيث قال أحد المسؤولين الأمريكيين إن "أكثر أمر مقلق من وجهة نظرنا هو احتمالية أن تتسبب جماعة الحوثي في إغراق سفينة ما. فماذا سيحدث حينها؟".
مخاوف من تمدد الحرب للضفة ولبنان
هناك كذلك خوف مستمر من احتمالية امتداد العنف في غزة إلى الضفة الغربية ولبنان، حيث يتبادل حزب الله اللبناني إطلاق الصواريخ مع إسرائيل على الحدود بالفعل، وهناك تقارير حول شن هجمات من المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين داخل الضفة الغربية.
وقد تتزايد تلك المخاوف بعد الاشتباه في قتل إسرائيل قيادياً من حماس في لبنان يوم الثلاثاء 2 يناير/كانون الثاني. لكن الولايات المتحدة لم ترصد حتى الآن أي مؤشرات على رغبة حزب الله في خوض حرب أوسع.
في حين قال ميك مالروي، ضابط مشاة البحرية السابق الذي أصبح ضابطاً بوكالة الاستخبارات المركزية ومسؤولاً في البنتاغون لدى إدارة ترامب: "تحاول الولايات المتحدة تفادي تحويل الحرب في غزة إلى حرب إقليمية، لكن ذلك القرار ليس في أيدينا بمفردنا. وهناك مؤشرات تُومض باللون الأحمر إيذاناً بتحول الحرب إلى حرب إقليمية".