قالت صحيفة The New York Times الأمريكية، في تقرير نشرته يوم الجمعة 5 يناير/كانون الثاني 2024، إن الحدود بين إسرائيل ولبنان صارت مشهداً لبلدات مهجورة ومزارع مُهمَلة، حيث أدى تصاعد التوترات والضربات المتبادلة بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وجماعة حزب الله إلى نزوح أكثر من 150 ألف شخص في كلا البلدين.
وقد ازدادت احتمالات إنهاء الأعمال العدائية عبر الحدود قتامة منذ أن أدى اغتيال أحد كبار قادة حماس، يوم الثلاثاء 2 يناير/كانون الثاني، في إحدى ضواحي العاصمة اللبنانية بيروت، إلى تغذية المخاوف المتزايدة من اندلاع حرب أوسع نطاقاً. وقد نُسِبَت الغارة على نطاق واسع إلى إسرائيل.
إجلاء آلاف المستوطنين بالأراضي المحتلة
في شمال إسرائيل، وبالقرب من الحدود مع لبنان، أدت الأوامر العسكرية بالإخلاء إلى إبقاء الناس بعيداً عن منازلهم لمدة ثلاثة أشهر تقريباً، وسط هجمات صاروخية يومية يشنها حزب الله وغيره من الفصائل المسلحة في لبنان. وقد أدى الاضطراب الذي طال أمده والتداعيات الاقتصادية إلى زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوضع حد للهجمات.
وقال موشيه دافيدوفيتز، الذي يرأس المجلس الإقليمي في منطقة الجليل الغربي شمال غربي إسرائيل: "يتعرض الناس يومياً لإطلاق النار، ويضطرون للركض إلى الملاجئ. هذا وضع لا يُطَاق، ولا يمكن أن يستمر. لا يمكن أن نبقى أهدافاً للرماية".
وأضاف دافيدوفيتز أنَّ العديد من السكان بالقرب من الحدود يعملون في الزراعة، وقد عُزِلوا عن المزارع والبيوت الزراعية وأقفاص الدجاج التي تُشكِّل مصدر رزقهم؛ نظراً إلى أنَّ الرحلات اليومية لرعاية مزارعهم محفوفة بالمخاطر: فقد قُتِل أحد المزارعين، وهو أب لثلاثة أطفال، في غارة جوية شُنَت من لبنان الشهر الماضي، بينما كان يقود سيارته إلى بساتين التفاح الخاصة به في ثكنة متات، جنوب الحدود مباشرة.
هروب اللبنانيين خوفاً من القصف الإسرائيلي
أما في جنوب لبنان، حيث يعمل العديد من السكان أيضاً في المزارع، فتراوحت المشاعر بين الخوف والتحدي والاستسلام للهروب من الضربات الإسرائيلية على أهداف حزب الله. ولم يتلقَ أولئك الذين غادروا سوى قليل من المساعدة من الحكومة اللبنانية، التي تعرضت لانهيار مالي زادت وتيرته بسبب سنوات من الفساد وسوء الإدارة.
وقال محمد سرور، رئيس بلدية عيتا الشعب، وهي بلدة لبنانية يبلغ عدد سكانها 12 ألف نسمة وتبعد أقل من ميل واحد (1.6 كيلومتر) عن الحدود الإسرائيلية، إنَّ 10 أشخاص هناك قُتِلوا في المعارك على طول الحدود.
وأضاف سرور: "لم أرغب بالبداية في مغادرة البلدة، وظللت أغدو وأروح. لكن الآن غادرت إلى الأبد".
بينما عماد زيتون (69 عاماً)، الذي يعيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة في بلدة دير كيفا بجنوب لبنان، على بعد نحو 10 أميال (16 كيلومتراً) من الحدود الإسرائيلية، اختار البقاء حتى الآن.
وقال زيتون، الذي يدير مطبعة صغيرة: "حزب الله يدافع عن بلدي، لكن إذا ساءت الأمور"، فسيتعين على عائلته مغادرة المدينة. وأضاف: "لن يكون لدينا خيار".
مخاوف من توسع الحرب في المنطقة
لم يُؤدِّ مقتل مسؤول حماس، صالح العاروري، الذي قُتِل في انفجار، إلا إلى زيادة المخاوف من تصعيد أوسع نطاقاً بالمنطقة.
وتضغط إدارة بايدن من أجل التوصل إلى اتفاق لتخفيف التوترات وإبعاد قوات حزب الله عن الحدود، لكن لم تُحرِز تقدماً يُذكَر. ويوم الخميس 4 يناير/كانون الثاني، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه رد على جولة جديدة من الضربات من لبنان بشن غارات جوية على موقع مراقبة لحزب الله ووحدة مضادة للدبابات. وتُعَد موجة الإخلاء الإسرائيلية الأخيرة الأكبر في تاريخها.
ومن بين 200 ألف إسرائيلي انتقلوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، يعيش أكثر من 80 ألفاً بالقرب من الحدود مع لبنان. ولم يكن القرار بنقل هذه المواقع راجعاً إلى هجمات حزب الله فحسب، بل أيضاً إلى المخاوف من احتمال تنفيذ الجماعة اللبنانية محاولة توغل مماثلة لعملية طوفان الأقصى. أما في جنوب لبنان، فنزح نحو 75 ألف شخص، بحسب الأمم المتحدة.