تواجه خطة الحكومة الإسرائيلية التي تسمح بعودة المستوطنين إلى منازلهم في غلاف غزة معارضة كبيرة من قبل المسؤولين المحليين في جنوب الأراضي المحتلة، واعتبروا الخطة "توقيعاً على كارثة جديدة لدولة إسرائيل"، وفق ما ذكرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الإثنين 1 يناير/كانون الثاني 2024.
الصحيفة قالت إن رؤساء سلطات الجنوب انتقدوا الخطة الحكومية التي دخلت حيز التنفيذ الإثنين الأول من يناير/كانون الثاني، والتي تسمح للسكان بالعودة إلى منازلهم في المستوطنات التي تبعد بين أربعة إلى سبعة كيلومترات عن قطاع غزة.
تفاصيل خطة إعادة المستوطنين
تنص الخطة أيضاً على أن المستوطنين من سكان سديروت وياد مردخاي، اللتين تبعدان أقل من أربعة كيلومترات عن قطاع غزة، سيتمكنون أيضاً من العودة إلى منازلهم. ووصف رئيس بلدية سديروت ألون دافيدي القرار بأنه "مضلل" و"غبي"، وحذر من أن هذه الخطة تهدد حياة السكان.
كما قال دافيدي: "حين أعيد سكاني إلى أي واقع سأعيدهم؟ إذا وجد سُكان في شمال قطاع غزة، فسيوجد إرهابيون أيضاً، وحينها سيعود التهديد بإطلاق النار المضاد للدبابات. من يعيدهم فهو يوقع على كارثة جديدة لدولة إسرائيل"، وفق ما نقلته صحيفة "هآرتس".
فيما أوضح دافيدي أيضاً أن الخطة لا تتضمن استجابة مدنية وأمنية لاحتياجات المستوطنين، وأن توجيهات قيادة الجبهة الداخلية لا تسمح بفتح مرافق تعليمية في المدينة. وقال: "ما يقولونه فعلياً للسكان بهذه الخطوة: أحضروا الأطفال الذين سيبقون مدة شهرين داخل مناطق محمية".
بينما نص قرار الحكومة الصادر يوم الجمعة 29 ديسمبر/كانون الأول، على أن الدولة لن تتمكن من توفير التعليم للأطفال إلا في 29 فبراير/شباط. على أن هذه الخطة لا تجبر المستوطنين على العودة، والحكومة ستواصل تمويل إقامتهم في الفنادق حتى 29 فبراير/شباط.
أما من يختارون العودة إلى منازلهم فسيحصلون على منحة حكومية بقيمة 200 شيكل (55 دولاراً) لكل شخص بالغ و100 شيكل (28 دولاراً تقريباً) لكل طفل كل يوم لشهرين. لكن الخطة تنص أيضاً على أن المقيم الذي يقرر العودة لن يحصل على هذه الأموال إذا أراد المغادرة مرة أخرى، حتى في حال تفاقم الوضع الأمني.
العودة على مراحل
وفقاً لهذه الخطة التي قدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي للسكان، في المرحلة الأولى سيُسمح بعودة ست مستوطنات فقط اعتماداً على تقييم الوضع. وقبل أن يتمكن سكانها من العودة، ستتمركز قوات عسكرية فيها، وستُرسل تعزيزات إلى غرف الطوارئ؛ وستُركَّب سياجات وبوابات وإنارة محيطية وإجراءات تكنولوجية أخرى لضمان سلامة السكان.
في محاولة لتلبية احتياجات المستوطنين، التقى منذ وقت ليس ببعيد قائد قيادة الجبهة الداخلية العقيد رافي ميلو مع بعضهم وتحدث معهم عن هذه الخطط. ورغم ذلك، دعا رئيس المجلس الإقليمي، تامير عيدان، الأهالي إلى عدم العودة إلى منازلهم.
حيث قال عيدان: "الحكومة نفسها التي خرقت الاتفاق معنا في 7 أكتوبر/تشرين الأول تحاول الآن رشوة السكان للعودة إلى منازلهم دون القضاء على التهديد الأمني، ودون توفير خطة أمنية أساسية في المنطقة ودون نظام تعليمي يمكنه استيعاب العائدين".
أضاف عيدان أنه إذا لم يعد رئيس الوزراء والوزراء إلى رشدهم، وبدأوا العمل مباشرة مع رؤساء المجالس وتقديم حلول فورية، "فلن نتردد في شن معركة شرسة عليهم، حتى والحرب دائرة. وسندعو جميع المستوطنين الذين يمثلهم المجلس إلى التحرك والسكن في خيام أمام الكنيست حتى تعود الحكومة إلى رشدها".
تشكيك في توفير الأمن للمستوطنين
كما انتقد رئيس المجلس الإقليمي ساحل عسقلان، إيتمار رابيفو، خطة الحكومة، موضحاً أنه غير مستعد لتنفيذها. وقال إن المدارس النائية في المجلس الإقليمي ساحل عسقلان لا تزال غير مستعدة لقبول مزيد من الطلاب.
وقال إن الدولة أقرت ميزانية لبناء مدرسة جديدة، لكنه أوضح أن بناءها سيستغرق شهرين على الأقل. وأضاف: "في الواقع، إلى أن يتم بناؤها، لن يكون لدى الطلاب مكان للدراسة، لذا لن يتمكنوا من العودة حتى الموعد الذي حددته الحكومة".
بينما شدد رابيفو على أن الدولة لا تزال عاجزة عن توفير الأمن لسكان المنطقة. وقال: "هناك أزمة ثقة كبيرة بين السكان والجيش، وبين الدولة ومن خان الثقة. لا يمكنك أن تطلب من السكان العودة دون أن يتوفر ما يكفي من العناصر الأمنية. أغلقوا ثغرات السياج أولاً. لا يمكن أن يعود السكان إلى منازلهم، وبعد صدمة شديدة تعرضوا لها، ليعلموا أن السياج قد اُخترق ويمكن لأي شخص الدخول منه".
فيما يرى رابيفو أن قرار السماح لسكان كيبوتس ياد مردخاي بالعودة إليه قرار خاطئ أيضاً. وقال: "قيادة الجبهة الداخلية تدعي أنها فهمت من سكان ياد مردخاي أنهم يريدون العودة. قد يكون هذا صحيحاً، لكنهم لا يرغبون في العودة بطريقة تختلف عن الآخرين".
أضاف رابيفو أن القرار يفرق بلا سبب بين ياد مردخاي والمستوطنات المجاورة لها، وقال: "لماذا لا يعود الآخرون ويعود سكان ياد مردخاي؟ لأنهم يريدون ذلك؟".