كشفت رسائل بريد إلكتروني بين هيئة الإغاثة الكاثوليكية، وموظفين في الكونغرس الأمريكي في أكتوبر/تشرين الأول، أن كنيسة وديراً تعرّضا للقصف في غزة الأسبوع الماضي، كانا مُدرجين في قائمة المرافق المسيحية التي أبلغ موظفو الكونغرس السلطات الإسرائيلية بمواقعها لحمايتها وتجنب قصفها، وفقاً لتقرير نشره موقع "politico" الأمريكي، في 21 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتظهر رسائل البريد الإلكتروني، التي حصل عليها الموقع الأمريكي، توتراً متبادلاً بين أكبر منظمات الإغاثة المسيحية في غزة، وموظفي مجلس الشيوخ الأمريكي، في غمار مساعي الهيئة للحصول على تعهدٍ من إسرائيل بتجنبِ استهداف المرافق التابعة لها، والتي يتخذها عاملون بهذه المرافق ومدنيون مأوى لهم.
وقالت البطريركية اللاتينية في القدس، وهي الهيئة الكاثوليكية التي تشرف على المنطقة، في بيانٍ صادر عن مكتبها الإعلامي في 16 ديسمبر/كانون الأول، إن صاروخاً إسرائيلياً استهدف دير راهبات الأم تريزا (مرسلات المحبة)، وإن قناصاً من الجيش الإسرائيلي اغتال أماً وابنتها داخل كنيسة العائلة المقدسة. ويقع المبنيان في مجمَّع مشترك.
في المقابل، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه لم يتعمد استهداف هذه المنشآت، لكنه يراجع ما ورد عن حادثة دير الراهبات، حيث كانت قواته تنفذ عملية عسكرية بالقرب من المبنى خلال وقت القصف المذكور.
وتوضح رسائل البريد الإلكتروني، المؤرخة في الفترة من 14 إلى 26 أكتوبر/تشرين الأول، أن هيئة الإغاثة الكاثوليكية أرسلت إحداثيات مجموعة من المباني إلى موظفي مجلس الشيوخ الأمريكي، لإرسالها إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويؤكد الموظفون في الرسائل أن إسرائيل تلقت قائمة إحداثيات 4 مبانٍ -منها المبنيان اللذان قصفتهما إسرائيل بعد ذلك- إلا أن المسؤولين الإسرائيليين أخبروهم أنهم "لا يستطيعون ضمان" سلامة عشرات المدنيين بالداخل.
رسائل مشحونة بين الهيئة المسيحية والكونغرس
تُبرز رسائل البريد الإلكتروني بعضاً من الشقوق الموجودة في النظام الدولي، والتي تحاول منظمات الإغاثة من خلالها حماية مبانيها وموظفيها من القصف.
ويثير محتوى الرسائل شكوكاً في مزاعم إسرائيل، لا سيما أن جيش الاحتلال أكد للموظفين أنه سجَّل مواقع المنشآت المدرجة في القائمة، ومنها المنشآتان اللتان تعرضتا للقصف، وفقاً للموقع الأمريكي.
وتحتوي رسائل البريد الإلكتروني على رسائل مشحونة بالتوتر بين قادة هيئة الإغاثة وموظفي الكونغرس.
وقال موظف بالكونغرس في إحدى الرسائل المتوترة بين الجانبين: "يكرر الإسرائيليون أن عليكم النزوح بمجموعتكم"، إلا أن ممثلي الهيئة ردُّوا بأنهم لا يستطيعون إجلاء الناس من هذه المباني؛ لأن كثيراً منهم من ذوي الإعاقة، وكبار السن، فالدير "يعتني بأربعين طفلاً وعشرين شخصاً بالغاً من ذوي الإعاقة الشديدة"، و"يستحيل على هؤلاء أن يتحركوا جنوباً".
وتتضمن إحدى رسائل البريد الإلكتروني وثيقة من الحكومة الإسرائيلية بعنوان "تحديد الكنائس ضمن المواقع الحساسة بناءً على طلب الكونغرس الأمريكي".
كما تحتوي الوثيقة على صور جوية للمواقع الأربعة. وقد أرسلت الحكومة الإسرائيلية الملف إلى هيئة الإغاثة عبر موظفي الكونغرس لمراجعته.
وقال الأب إبراهيم نينو، المتحدث باسم البطريركية اللاتينية في القدس، إن قادة الكنيسة أرسلوا إحداثيات المواقع التابعة للكنيسة إلى الجيش الإسرائيلي أكثر من مرة، و"مع ذلك، حدث ما حدث [الاستهداف والقصف]"، "ونحن متيقنون لأن لدينا 648 شاهداً داخل مجمع الكنيسة".
وأرسلت المنظمات الدينية وهيئات الإغاثة إحداثياتها إلى الأمم المتحدة وتل أبيب مباشرة منذ بدء القتال في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كما أرسلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل مواقع منظمات الإغاثة في غزة، ومع ذلك، واصلت إسرائيل تنفيذ عملياتها العسكرية في هذه المواقع المدنية، ومنها المستشفيات، أو بالقرب منها.
وقال مسؤول كبير في هيئة الإغاثة الكاثوليكية، إن الهيئة كانت ترسل إحداثيات المواقع التابعة لها إلى الأمم المتحدة، وإلى الجيش الإسرائيلي مباشرة، في الحروب السابقة، إلا أن إسرائيل استهدفت الهيئات الإنسانية أكثر من مرة خلال الحرب الجارية، فاضطرت الهيئة إلى البحث عن طرق أخرى لـ"تجنب الوقوع في الاشتباك"، واستخدمت روابطها للتواصل مع مجلس الأمن القومي الأمريكي والكونغرس.