رجحت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، في تقرير لها نشر الخميس 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن تقلص تل أبيب من نشاط عدوانها على قطاع غزة قريباً، مشيرة إلى أن مدينة "خان يونس" بقطاع غزة قد تكون المحطة الأخيرة فيما يسميه جيش الاحتلال "المرحلة الصعبة" من الحرب، وأن ينتقل الجيش بعد ذلك إلى نطاق أضيق في عملياته.
واعتبرت الصحيفة العربية، في التقرير نفسه، أن تصريحات رئيس الوزراء "الرنانة" بشأن الحرب، والتي يصرّ فيها إلى مواصلتها "إلى النصر"، تخفي "واقعاً مراً" آخر، يجعلها ترجح أن العملية ستتقلص في أقرب وقت ممكن.
بين كلام نتنياهو والواقع
فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول: "سنواصل الحرب حتى النهاية"، "وسوف تستمر الحرب حتى القضاء على حماس، وحتى النصر". وربما يصح هذا الكلام من الناحية التاريخية، فالحرب بين إسرائيل وتنظيمات المقاومة قد تستمر سنوات، وربما حتى لأجيال.
إلا أن تصور الأمور مختلف لدى العائلات الإسرائيلية التي احتُجز أحباؤها في غزة، ولدى الزوجات اللواتي ودَّعن أزواجهن بعد استدعائهم إلى الجيش في 7 أكتوبر/تشرين الأول ولم يعودوا بعد، ولدى الآباء الذين يقاتل أبناؤهم أو فتياتهم في الميدان، ولدى جميع الإسرائيليين الذين قلبت الحرب حياتهم رأساً على عقب.
تقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إنه يجب التعامل مع التصريحات الرنانة -مثل تصريح نتنياهو عن استمرار الحرب- بحذرٍ؛ لأن الحديث عن حروب المستقبل يُراد به التستر على كآبة الواقع الحاضر. ولذلك، ترجح الصحيفة أن تكون المعارك في "خان يونس" هي المحطةَ الأخيرة فيما يسميه جيش الاحتلال "المرحلة الصعبة" من الحرب.
"ترتيبات نهائية" في غزة
كذلك، اعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أن الأخبار التي نشرت في اليومين الماضيين عن توسيع الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في غزة، تُظهر أمرين: أولاً، جيش الاحتلال لم يتمكن بعد من "تطهير" البوابات الشمالية لقطاع غزة، ومقاتلو المقاومة لا يزالون يخرجون أحياناً من المباني والسواتر والأنفاق؛ وثانياً، أن جيش الاحتلال يستشعر قرب انتهاء الحرب، ولذلك يحاول تحقيق المزيد من الإنجازات قبل إعلان وقف إطلاق النار.
ومن ثم، تزعم "يديعوت أحرونوت" أن غزة تشهد هذه الأيام ما يمكن أن يُطلق عليه الترتيبات النهائية للعملية العسكرية في غزة، والغاية من هذه الترتيبات تيسير حضور الجيش الإسرائيلي في القطاع خلال المرحلة المقبلة.
فيما توقعت الصحيفة أن تُستكمل مرحلة الترتيبات النهائية هذه في النصف الأول من شهر يناير/كانون الثاني. وتُرجِّح أن يعود جزء كبير من جنود الاحتياط الإسرائيليين بعدها إلى ديارهم. وأن يعمل جيش الاحتلال على إنشاء شريط أمني -عرضه كيلومتر واحد- يفصل القطاع عن المستوطنات المحيطة به.
خيبة أمل الاحتلال
تقول الصحيفة الإسرائيلية إن الهدنة تنطوي على بعض المرارة للإسرائيليين، لأن الحرب لم تبلغ الأهداف التي وضعت لها.
كما أشارت إلى أن الأهداف التي وضعتها المنظومة السياسية الإسرائيلية أمام الجيش كانت بعيدة المنال، وأنه كان واضحاً للجميع منذ اليوم الأول أن الإبادة، والسحق، والتدمير، ليست إلا أمنيات مرجوة تأثَّر واضعوها بشدة الضربة التي تلقتها إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
الصحيفة العبرية شددت على أن الأمنيات لا يجوز التعامل معها على أنها خطط عسكرية، ولا خطط استراتيجية.
واعتبرت أن المبالغة في التوقعات تستدعي خيبة الأمل بعد ذلك، وأن تهدئة الحرب ستكون أشد إيلاماً للقوات المقاتلة أكثر من غيرهم، وكذلك في صفوف العناصر اليمينية المتطرفة التي كانت تتطلع إلى حرب متعددة الجبهات تؤدي إلى ترحيل ملايين الفلسطينيين، وعودة الاستيطان في قطاع غزة.