مسؤولان عسكريان إسرائيليان يقران بـ”فداحة” الخسائر في صفوف المدنيين في غزة.. اعتبراها “تكلفة لتدمير حركة حماس”

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/19 الساعة 21:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/19 الساعة 21:11 بتوقيت غرينتش
الاحتلال يواصل العدوان على قطاع غزة/ الأناضول

 قال مسؤولان عسكريان إسرائيليان يوم الثلاثاء 19 ديسمبر/كانون الأول 2023 إن فداحة الخسائر البشرية في صفوف المدنيين هي تكلفة الحملة المكثفة التي تشنها إسرائيل لتدمير حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة وكذلك لتدمير ما وصفوها بـ"استراتيجية حرب المدن التي ينتهجها المسلحون" في غمرة قلق عالمي من الخسائر المذهلة الناجمة عن القصف.

ويقول مسؤولون في غزة إن إسرائيل ألقت بآلاف الأطنان من الذخائر في الأسابيع العشرة الماضية، مما أدى إلى تدمير القطاع ​​الضيق ومقتل نحو 20 ألف شخص، كثيرون منهم لاقوا حتفهم تحت أنقاض المباني. وأصيب 50 ألفاً آخرون، مع تعطل كل مرافق الرعاية الصحية تقريباً.

مجزرة يرتكبها الاحتلال في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة/الأناضول

إسرائيل تنفذ آلاف الهجمات على غزة

قال المسؤولان الإسرائيليان، في حديثهما مع الصحفيين في قاعدة بلماحيم الجوية التي تبعد 45 كيلومتراً عن غزة، إن إسرائيل تدرك أن الكلفة في أرواح المدنيين لكل ضربة تتوازن مع تقييم الميزة العسكرية.

وقال أحد المسؤولين، وهو مستشار قانوني للجيش الإسرائيلي، إن سلاح الجو ينفذ "الآلاف والآلاف من الهجمات، وكثيراً ما تتطلب الهجمات قوة نيران كثيفة" لاختراق الأنفاق.

وأضاف المسؤول في مؤتمر صحفي بالقاعدة الساحلية، التي تنطلق منها طائرات عسكرية رمادية مسيرة في عمليات القصف: "من المأساوي حقاً أن يؤدي ذلك إلى سقوط عدد كبير من المصابين المدنيين". وطلب الجيش الإسرائيلي عدم الكشف عن هوية المسؤولين لأسباب أمنية.

والهدف الرئيسي لحرب إسرائيل هو تفكيك القدرات العسكرية لحماس لمنع وقوع هجمات أخرى بعد أن اهتز كيان الدولة اليهودية في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

لكن الخسائر في الأرواح في القطاع الفلسطيني أدت إلى تآكل الدعم العالمي بعد عشرة أسابيع من إراقة الدماء، وأصبحت إسرائيل تواجه ضغوطاً متصاعدة لتقليص هجومها. وحث وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أمس الإثنين نظيره الإسرائيلي على تقليص الأضرار التي تطال المدنيين.

وقال أوستن إن حماية المدنيين في غزة "واجب أخلاقي وضرورة استراتيجية"، محذراً من أن العنف المفرط يولد الاستياء الذي قد يصب في مصلحة حماس ويجعل التعايش السلمي أكثر صعوبة على الأمد الطويل.

قصف الاحتلال الإسرائيلي على غزة
الاحتلال يواصل العدوان على قطاع غزة/ الأناضول

مطالب بوقف إطلاق النار في غزة 

في حين ضمت فرنسا وبريطانيا وألمانيا أصواتها يوم الأحد إلى الدعوات المطالبة بوقف لإطلاق النار. ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أيام القصف بأنه "عشوائي".

وعلى سبيل المثال، قالت السلطات الصحية في غزة إن غارة جوية قتلت 19 شخصاً، بينهم نساء وأطفال ورضيعان، من عائلتين أثناء النوم في منزليهما ببلدة رفح في جنوب غزة الثلاثاء. وانكشفت الضربة الجوية عن حفرة عميقة وأنقاض في الموضع الذي كان يقوم فيه مبنى كبير.

وقال محمد زعرب الذي فقدت عائلته 11 شخصاً في الغارة، إنه لم يرَ مثل هذه الأسلحة من قبل. ووصف زعرب، وهو من مواليد عام 1950، ما حدث بأنه عمل همجي.

ورداً على طلب للتعليق على الغارة، قال الجيش الإسرائيلي إنه يتبع الاحتياطات المجدية لتقليص الأضرار التي تلحق بالمدنيين، وفق القانون الدولي.

وقال غازي حمد، المسؤول الكبير في حماس يوم الأحد، إن إسرائيل تقصف عشوائياً المدارس والخيام التي تؤوي مئات الآلاف من النازحين والمستشفيات التي يكفل القانون الإنساني الدولي حمايتها.

وقال المستشار القانوني لجيش الاحتلال الإسرائيلي، إن المستشفيات قد تتحول إلى هدف عسكري مشروع إذا استخدمها مقاتلون. وتنفي حماس أنها تعمل انطلاقاً من البنية التحتية المدنية مثل المستشفيات أو المدارس.

غزة
غزة تحت قصف الاحتلال الإسرائيلي

استشهاد الآلاف من المدنيين في غزة

في حين قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي كان يتحدث إلى جانب أوستن في مؤتمر صحفي إن القوات الإسرائيلية تتبع القانون في عملياتها وتعمل على "تقليص الضرر الذي يلحق بالسكان المدنيين".

وقال ياجيل ليفي، خبير العلاقات العسكرية المدنية في جامعة إسرائيل المفتوحة، إن معدل المصابين المدنيين في الحرب بلغ نحو 61% في أكتوبر/تشرين الأول، أي نحو مثلي المعدل في الصراعات السابقة في غزة. وأضاف أن ذلك قد يشير إلى تفسير قواعد الاشتباك بمرونة أكبر لتقليص المخاطر التي تتعرض لها القوات البرية الإسرائيلية "من خلال إيقاع عدد أكبر من القتلى على الجانب الآخر".

وقال المسؤولون إن هدف الحكومة من الحرب وهو تدمير حماس يعني أن الحملة أشد وطأة مما كان عليه الحال في الصراعات السابقة التي كان هدفها ردع الجماعة عن شن هجمات.

وقال ليفي إنه بصرف النظر عن السبب، فإن إسرائيل "لا تكسب القلوب والعقول"، وإن الخيار السياسي هو الحل الوحيد على المدى الطويل.

وقال المستشار القانوني إنه بسبب العدد الهائل من القنابل، لم تتمكن إسرائيل دائماً من التحذير قبل الضربة، ولهذا السبب تحولت إلى الإخلاء الجماعي لمناطق الصراع.

هجمات جوية إسرائيلية مكثفة في غزة - الأناضول
هجمات جوية إسرائيلية مكثفة في غزة – الأناضول

نزوح كبير في غزة 

في سياق متصل فقد غادر كثيرون من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منازلهم عدة مرات؛ بناءً على تعليمات إسرائيلية بثتها في الراديو ووسائل التواصل الاجتماعي.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير آخر إن إسرائيل تخطط سلفاً لنحو 90% من غاراتها اليومية على غزة. وقال المسؤولان إن التخطيط المسبق يتضمن عملية من عشر خطوات لتحديد القيمة العسكرية للهدف، ومدى تناسب الرد، من بين أمور أخرى.

فيما قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي الأميرال دانيال هاجاري إن الجيش تراجع عن هجمات حين لاحظ تواجداً غير متوقع لمدنيين ويختار الذخيرة التي تلائم كل هدف لتجنب الأضرار غير الضرورية. وتقدر السلطات في غزة أن 60% من المنازل تضررت بسبب الهجوم. وقال هاجاري: "نعلم أن هذا صعب، لكننا نحاول إنقاذ الأرواح".

الشعب الفلسطيني يتعرض للإبادة

يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس الثلاثاء، إن الشعب الفلسطيني يتعرض لإبادة غير مسبوقة بعد مقتل حوالي 20 ألف شخص في قطاع غزة و290 بالضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأضاف عباس خلال تسلمه دعوة للمشاركة في قداس عيد الميلاد المجيد: "تمر علينا هذه الأيام أعياد الميلاد المجيدة، وشعبنا الفلسطيني يتعرض لعدوان همجي وحرب إبادة غير مسبوقة، في جميع أرجاء الوطن، في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية".

حماس المقاومة جنود الاحتلال غزة الحرب على غزة
قوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة في قطاع غزة/ الأناضول

وأضاف: "نهنئ أبناء شعبنا الفلسطيني، وأبناء الكنائس المسيحية التي تسير وفق التقويم الغربي خاصة، بحلول هذه الأعياد المباركة، التي نتمنى أن تأتي وقد توقف العدوان و(توقفت) استباحة الدم الفلسطيني، ليعمّ السلام في أرض السلام".

وأعلنت الطوائف المسيحية في الأراضي الفلسطينية إلغاء كافة الاحتفالات بأعياد الميلاد بما في ذلك إضاءة شجرة الميلاد؛ بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.

وتسببت حملة إسرائيل الرامية للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، بعد هجومها المباغت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إٍسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، في تدمير القطاع الساحلي وأشاعت فيه الجوع والبؤس.

تحميل المزيد