أفادت تقارير إسرائيلية وأمريكية، نُشرت الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2023، بـ"تزايد المؤشرات" بشأن قبول الاحتلال الإسرائيلي التوصل إلى "هدنة مؤقتة" في غزة، يتم بموجبها الاتفاق على صفقة تبادل أسرى جديدة مع حركة حماس، والانتقال إلى "المرحلة الثالثة" من الحرب، في ظل تزايد الضغوط الأمريكية على تل أبيب بشأن إنهاء ما تصفه بـ"العمليات القتالية العنيفة" هناك.
وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الثلاثاء 19 ديسمبر/كانون الأول، إن تل أبيب مستعدة لهدنة جديدة في قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح الأسرى لدى المقاومة، فيما أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقاء مع عائلات المحتجَزين، أنه أوفد مؤخراً "مرتين مدير الموساد إلى أوروبا لتنشيط مسار الإفراج عنهم".
إسرائيل تدرس تقديم تنازلات في حرب غزة
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، الثلاثاء 19 ديسمبر/كانون الأول، أن تل أبيب تدرس تقديم تنازلات في صفقة تبادل الأسرى المفترضة مع حركة حماس، مشيرة إلى أنها تخاطر في ذلك، وتعرف الثمن الباهظ الذي تطالب به حماس في الصفقة الجديدة.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية، عن الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، هيلي تروبر، أنه جرى تداول صفقة تبادل محتملة، لكنه قال إنه "في الوقت الحالي لا يوجد شيء ملموس.. تمت مناقشة القضية في مجلس الوزراء، ولا يوجد حالياً أي شيء على الطاولة.. هناك محادثات، وآمل أن تنضج".
محلل الشؤون العسكرية بصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، قال في تقرير نُشر على صحيفة "هآرتس"، إنه على المستوى السياسي وفي المؤسسة الأمنية، هناك رغبة متزايدة بانتقال الحرب الجارية في غزة إلى المرحلة التالية الشهر المقبل، لكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد تكون لديه خطط أخرى بسبب اعتبارات خاصة لديه.
وأضاف الخبير العسكري الإسرائيلي، أن واشنطن أوصت بتغيير شكل القتال، من خلال إنشاء منطقة عازلة قرب الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومستوطنات الغلاف، وربما أيضاً بين شمال القطاع وجنوبه، وتخفيض القوات من خلال سحب جزء من قوات الاحتياط، والتحول إلى شكل من أشكال غارات مركزة، بدلاً من الفرق الأربعة التي تحافظ الآن على عمليات برية واسعة النطاق.
ويتركز النقاش في "إسرائيل" على مسألة "متى يكون من الأفضل السعي لتحقيق هذا التغيير، في منتصف يناير/كانون الثاني أو في نهايته"، وفقاً للخبير العسكري.
واستدرك هرئيل، بأن هناك عقبة سياسية رئيسية أمام مثل هذه الخطوة، تتمثل في الوضع السياسي لنتنياهو، الذي يخشى من انهيار ائتلافه الحاكم، بسبب ضغط حلفائه من اليمين المتطرف، الذين يرفضون خفض وتيرة الحرب، ويريدون استمرار كثافة الهجمات.
وشدد هرئيل على أن الأهداف التي أعلنها نتنياهو، في بداية الحرب على قطاع غزة أصبحت الآن تتصادم مع الواقع، وأن الهجمات القوية التي نفذها الجيش لم تنجح في التسبب بانهيار كامل أو تدير القدرة القتالية لحركة حماس.
كيف تبدو المرحلة الثالثة من الحرب على غزة؟
الكاتب الأمريكي ديفيد إغناتيوس، في تقرير على صحيفة "واشنطن بوست"، ذكر أن المسؤولين الإسرائيليين يدركون أن هناك حاجة إلى الانتقال إلى مرحلة جديد في الحرب على غزة، وانسحاب جنود الاحتياط من الخطوط الأمامية، وقد تشمل المرحلة التالية إحياء مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حماس، وما يصاحب ذلك من وقف إطلاق نار يدوم لأسابيع، يعقبه انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، لا سيما في شمال غزة.
وأضاف إغناتيوس، أن الخطط الإسرائيلية ما زالت غامضة، لكن يبدو أن المسؤولين الإسرائيليين يتفقون مع إدارة الرئيس جو بايدن على أساسيات قائمة تتعلق بـ"حكم غزة بعد الحرب"، سواء بفلسطينيين من السلطة الفلسطينية، أو قوة لحفظ السلام، تحظى بدعم من الدول العربية التي وصفها بـ"المعتدلة".
وتضغط إدارة بايدن على "إسرائيل" للانتقال إلى المرحلة التالية في أقرب وقت ممكن، وتجنب المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، فيما أعدت وزارة الخارجية الأمريكية وثيقة من 20 صفحة تقريباً، تحدد الخطوات والخيارات الأساسية لمرحلة ما بعد الحرب، لكن نتنياهو يقاوم الضغوط الأمريكية، فيما يؤكد بعض المسؤولين الإسرائيليين على عملية انتقالية في يناير/كانون الثاني أو بعده، ولكن هذا اعتراف واضح منهم بأن مرحلة جديدة قادمة، وفقاً لما ذكره الكاتب الأمريكي.
وأشار الكاتب الأمريكي، إلى أن المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين على ما يبدو، يسعون إلى تجديد الحوار مع حماس بوساطة قطرية، لإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المحتجَزين الإسرائيليين الذين لا يزالون في غزة، والذين يزيد عددهم على 100.
وكشف أن المسؤولين الإسرائيليين، يدرسون تمديد وقف إطلاق النار، ربما لمدة أسبوعين، للسماح لحركة حماس بجمع المحتجزين، والانتقال بهم في مكان آمن، مقابل ذلك من الممكن أن تتعهد "إسرائيل" أيضاً بسحب قواتها، وتنفيذ عمليات أكثر تركيزاً، ولا سيما في شمال القطاع.
هنية والنخالة في مصر.. ومباحثات لهدنة في غزة
ووصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إلى القاهرة، لإجراء مباحثات مع المسؤولين المصريين حول تطورات العدوان على قطاع غزة، والعديد من الملفات الأخرى، وفقاً لبيان صادر عن حركة حماس، الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وأعلن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، أن وفداً من الحركة برئاسته سيتوجه إلى القاهرة خلال أيام.
وأضاف: "سنتوجه إلى القاهرة برؤية واضحة هي وقف العدوان، وانسحاب قوات العدو من قطاع غزة، وإعادة الإعمار".
وشدد على أن تبادل الأسرى سيتم عبر "مبدأ الكل مقابل الكل"، بعملية سياسية تتفق عليها القوى الفلسطينية، وعلى رأسها حماس.
ونقلت وكالة "رويترز"، عن مصدر مطلع الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2023، أن "محادثات مكثفة تجري بوساطة قطرية ومصرية للتوصل إلى هدنة ثانية محتملة في قطاع غزة، ستعيد حركة حماس بموجبها بعض الرهائن مقابل إطلاق إسرائيل سراح سجناء فلسطينيين".
وأضاف المصدر أن "عدد الأشخاص المقرر إطلاق سراحهم ما زال قيد البحث، وتصرّ إسرائيل على إدراج الرهائن من النساء والرجال الأكثر ضعفاً"، مشيراً إلى أن "سجناء أمنيين متهمين خطيرين، يمكن أن يكونوا ضمن القائمة".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، أسفرت عن استشهاد 19 ألفاً و667 قتيلاً، و52 ألفاً و586 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، وكارثة إنسانية غير مسبوقة.