قالت وكالة رويترز، مساء الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن شركات الشحن البحري لا تزال متشككة بشأن التحالف البحري الدولي الجديد الذي تشكله الولايات المتحدة لمواجهة الهجمات يالبحر الأحمر، مع استمرار عديد من السفن في تجنب المنطقة أو إلغاء عقودها.
حيث قالت مصادر للوكالة وبينها مسؤولون في الشحن والأمن البحريين، إنه لا يُعرف سوى قليل من التفاصيل العملية عن المبادرة التي أطلقتها واشنطن الثلاثاء أو ما إذا كانت ستنخرط بشكل مباشر في حالة وقوع مزيد من الهجمات المسلحة في البحر.
وكثف مقاتلو جماعة الحوثي المدعومين من إيران في اليمن، منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني، هجماتهم على السفن في البحر الأحمر؛ لإظهار دعمهم لغزة. وتعهدت الجماعة بمواصلة العمليات التي تستهدف السفن أو السفن الإسرائيلية المتجهة إلى موانئ إسرائيلية.
ويطلق مقاتلون حوثيون صواريخ ويشنون هجمات بحرية على السفن من زوارق سريعة. وتتصدى سفن حربية أمريكية للصواريخ التي يطلقونها. والمقاتلون الحوثيون مدربون جيداً ويتمتعون بقدرات متنامية على شن هجمات ليلية.
وقال كوري رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة درياد غلوبال البريطانية لاستشارات المخاطر البحرية والأمن: "ما زال هناك عدد من الأمور المجهولة في ما يتعلق بالتحالف. لا نعرف على وجه التحديد عدد السفن الحربية التي ستشارك أو المدة التي ستستغرقها تلك السفن للوصول إلى المنطقة أو قواعد الاشتباك الخاصة بها وخطة الحماية الفعلية التي ستوفرها".
وأضاف: "هذه منطقة صغيرة إلى حد ما على صعيد العالم، ومع ذلك فإن توفير الحماية للسفن التجارية في هذه المنطقة يمكن أن يكون مهمة كبيرة اعتماداً على عدد السفن، إلى جانب أي تغييرات في تكتيكات الحوثيين".
وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني، هبطت قوة خاصة تابعة للحوثيين على متن سفينة "غالاكسي ليدر" من طائرة هليكوبتر، وأعادت السفينة إلى ميناء الحُديدة شمال اليمن. ولا تزال السفينة المحملة بسيارات وطاقمها رهن الاحتجاز.
وتعطل الهجمات طريقاً تجارياً رئيسياً يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس، وتسببت في ارتفاع تكاليف شحن الحاويات بشكل حاد، مع سعي الشركات لشحن بضائعها عبر طرق بديلة أطول في كثير من الأحيان.
وقال رانسلم: "نتوقع أن يستمر التهديد الذي يواجه الشحن البحري في المستقبل المنظور طالما استمر الصراع في غزة. واعتماداً على كيفية تعاون التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، يمكننا أيضاً أن نرى مستوى التهديد ضد انخفاض الشحن التجاري إذا كانت جهودهم فعالة".
وأضاف: "عدد من شركات الشحن العالمية تحوّل مسارها حول أفريقيا أو توقف تماماً عملياتها مؤقتاً داخل هذه المنطقة. وإذا لم تكن جهود التحالف فعالة، فإننا نتوقع تحوّل مزيد من شركات الشحن لطريق رأس الرجاء الصالح".
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في أثناء زيارة للبحرين، مقر البحرية الأمريكية بالشرق الأوسط، هذا الأسبوع، إن البحرين وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا من بين الدول المشاركة في العملية الأمنية بالبحر الأحمر.
وستُسيّر المجموعة دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن المجاور.
وقال مصدر في صناعة الشحن البحري متسائلاً: "هل سيفعلون أي شيء باستثناء إطلاق الصواريخ…؟ إذا كان هذا كل شيء، فهل سيقدمون الضمانات المطلوبة لشركات الشحن؟ لا نعرف بعد".
وقال مصدر آخر: "السوق بحاجة إلى أن ترى أنها حققت بعض النجاح أو الإجراءات الملموسة".
وقالت غرفة الشحن الدولية إنها تتوقع أن تتيح فرقة العمل الجديدة "جهداً منسقاً عبر عدد كبير من السفن الحربية العسكرية التي ستتيح رداً صارماً".
توقف رحلات البحر الأحمر
واصلت شركات شحن الحاويات على وجه الخصوص، وقف رحلاتها مؤقتاً عبر البحر الأحمر، واستخدمت بدلاً من ذلك طريق رأس الرجاء الصالح الذي يضيف أياماً إلى أوقات الرحلة ويرفع التكلفة. وأدى ذلك بدوره إلى إثارة مخاوف بشأن التأخير في التسليم وارتفاع الأسعار الذي قد يؤدي إلى موجة جديدة من التضخم العالمي.
وقال متحدث باسم شركة هاباج لويد الألمانية: "سنواصل تغيير مسار جميع السفن المخطط لها حتى 31 ديسمبر/كانون الأول. وعندئذ سنعيد تقييم الوضع ونتخذ القرار".
وقال مصدر آخر بقطاع الشحن إن بعض مالكي السفن ألغوا عقود تأجيرها عبر البحر الأحمر بحجة "الملاحة غير الآمنة" أو طلبوا علاوة مخاطر، إضافة إلى سداد تكاليف التغطية التأمينية المتزايدة ضد مخاطر الحرب.
وتوجد بالفعل قوة بحرية مشتركة بقيادة الولايات المتحدة تضم 39 دولة ومقرها البحرين. وتتركز اهتماماتها الرئيسية على "مكافحة المخدرات، ومكافحة التهريب، وقمع القرصنة، وتشجيع التعاون الإقليمي"، بحسب الموقع الإلكتروني للقوة.
وقال جيري نورثوود، المستشار بشركة الأمن البحري (ماست) والقبطان السابق في البحرية البريطانية، إن التحالف الجديد ستقوده في البداية الولايات المتحدة وبريطانيا، وبمرور الوقت "سيتم إقناع الأعضاء الآخرين بالقيام بواجبهم".
وأضاف نورثوود، الذي قاد سفناً حربية في المنطقة سابقاً: "لذا، سيتعين على الصناعة أن تدعمه".
وتابع: "ستوضع قواعد الاشتباك للسماح للسفن بالدفاع عن الملاحة ضد التهديدات على السطح ومن الجو. نقل القتال إلى الحوثيين على الشاطئ سيكون من أجل عملية مختلفة".