شن جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الإثنين 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، عدة غارات عنيفة على مناطق متفرقة من قطاع غزة، ما أوقع عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى، في الوقت نفسه كشفت وكالة "الأونروا"، عن نزوح ما يصل إلى 1.9 مليون شخص في مختلف أنحاء قطاع غزة، جراء القصف المتواصل للاحتلال الإسرائيلي على القطاع، والذي ما زال يحصد عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى.
وشهد حي الدرج بمدينة غزة قصفاً مدفعياً عنيفاً، كذلك الأمر بالنسبة لمنطقة خان يونس التي شهدت غارات جوية شنها طيران الاحتلال، طالت منازل في حي الأمل، وأحياء أخرى غربي خان يونس.
وفي رفح، وصلت جثث 8 شهداء على الأقل إلى المستشفى الكويتي، 5 منهم أطفال، إلى جانب العشرات من المصابين، في قصف جوي طال منزل عائلة عطية وسط رفح.
في غضون ذلك، أعلنت مصادر محلية استشهاد 9 أشخاص وإصابة عدد كبير في قصف استهدف مخيم دير البلح ومنطقة الحساينة غرب مخيم النصيرات للاجئين.
قصف الشفاء
في وقت سابق من يوم الإثنين، عاد الجيش الإسرائيلي إلى قصف مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفيات قطاع غزة، والذي تحول إلى مأوى لآلاف النازحين، ما أسفر عن تدمير أحد مبانيه جزئياً وسقوط عدد من القتلى والجرحى، في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات بين قوات الجيش والمقاومة الفلسطينية بمناطق متفرقة من القطاع.
إذ أفاد شهود عيان بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت مبنى الجراحات التخصصي في مجمع الشفاء، فيما قصفت الدبابات الإسرائيلية بوابة المستشفى وساحته بعدد من القذائف.
وذكر الشهود، أن القصف تسبب بسقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف النازحين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى المستشفى خلال الأسابيع الماضية، من المناطق الشرقية لمدينة غزة بعد أن توغلت الدبابات الإسرائيلية في أجزاء منها.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة أشرف القدرة، إن "ما يقوم به الاحتلال من استهداف للمستشفيات والمراكز الطبية جزء من سياسته لتصفية القطاع الصحي في غزة وإسقاط المنظومة الصحية".
كما أضاف القدرة، لمراسل "الأناضول"، أن "القصف الإسرائيلي لـ(الشفاء) تركز على ساحة المستشفى ومبنى الجراحات التخصصي؛ ما تسبب في سقوط عدد من الشهداء والجرحى".
ثم أشار إلى أن المستشفى يؤوي آلاف النازحين الذين خرجوا من منازلهم مجربين من المناطق الشرقية والشمالية للقطاع.
إلى جانب ذلك، نفذ طيران الاحتلال قصفاً عنيف استهدف محاور مختلفة من القطاع، كان آخره قصف منزل في مخيم رفح جنوبي القطاع، مخلفاً 8 شهداء، 4 منهم أطفال.
85 % من السكان نازحون
في سياق متصل، كشفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في أحدث تقاريرها، أنه "منذ يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، نزح ما يصل إلى 1.9 مليون شخص (أو أكثر من 85% من السكان) في مختلف أنحاء قطاع غزة، بعضهم عدة مرات. ويتم إجبار العائلات على الانتقال بشكل متكرر بحثاً عن الأمان"
وأوضحت الوكالة الأممية، أنه "حتى تاريخ 13 ديسمبر/كانون الأول، كان ما يقرب من 1.4 مليون نازح يقيمون في 155 منشأة تابعة للأونروا بكافة محافظات قطاع غزة الخمس، وضمن ذلك في الشمال وفي مدينة غزة".
كما شددت على أن "أكثر من 1.2 مليون نازح يقيمون في 98 مرفقاً بمناطق الوسط وخان يونس ورفح".
الوكالة أوردت كذلك، أن العدد الإجمالي للزملاء العاملين في الأونروا الذين قُتلوا منذ بداية الأعمال العدائية، بلغ 135 عاملاً فيها.
ظروف حياة قاسية
إضافة إلى القصف الإسرائيلي يعيش النازحون الفلسطينيون في مجمع الشفاء الطبي ظروفاً معيشية قاسية، في ظل انعدام المياه والطعام وتفشي الأمراض.
في منشور على حسابه بمنصة "إكس"، قال الفلسطيني عماد الدين العطل: "أمكث في مستشفى الشفاء منذ أسبوعين أنا وعائلتي بعد قصف العمارة السكنية التي أوجد بها".
كما أضاف: "المستشفى لا يوجد به أي قطرة ماء للشرب ولا طعام، والأمراض منتشرة بين المرضى والنازحين، وتم قصف المستشفى اليوم مرتين، وإطلاق الرصاص من القناصة علينا، والقصف بمحيطه لا يتوقف. الوضع كارثي".
دمار واسع
في مدينة غزة أيضاً، أفاد شهود عيان تمكنوا من الوصول إلى شارع "المنصورة" في حي الشجاعية شرقي المدينة، بأن الشارع، الذي كان يصنف ضمن أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في غزة، تحول إلى ما يشبه "مدينة الأشباح".
يقول الشهود إن الدبابات الإسرائيلية دمرت البنية التحتية للشارع وعشرات المباني والمنازل فيه، إضافة إلى إحراقها عشرات المنازل الأخرى.
بمناطق شمالي القطاع، أصيب عدد من طواقم الدفاع المدني بعد استهدافهم قرب مستشفى "اليمن السعيد" بمخيم جباليا، وفق مصادر محلية.
قصف مدرسة
جنوبي القطاع، استهدفت الآليات المدفعية الإسرائيلية مدرسة "الشيخ جبر" في مخيم خان يونس؛ ما أدى إلى تدمير أجزاء منها، دون الحديث عن إصابات.
وأفادت مصادر محلية لـ"الأناضول"، بأن القصف المدفعي طال أيضاً محال تجارية ومنازل وسط خان يونس؛ ما أدى إلى تدميرها وإحراقها.
يشار إلى أنه ومنذ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي عملية توغل بري بقطاع غزة، بدأت بمنطقة الشمال قبل أن تتوسع إلى وسط وجنوب القطاع، وسط مقاومة شرسة من حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية المسلحة، وفق اعتراف مسؤولين إسرائيليين، قالوا إن جيش بلادهم يدفع "ثمناً باهظاً" في غزة.