كشف مسؤول حوثي، مساء الإثنين 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، في تصريحات لقناة الجزيرة، أن هناك اتصالات غير مباشرة من دول، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، لوقف كافة العمليات التي تقوم بها القوات الحوثية في البحر الأحمر، دعماً للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مشدداً في الوقت نفسه على أنه "بوسعنا مواجهة أي تحالف محتمل يمكن أن تشكله أمريكا في البحر الأحمر".
كذلك قال المسؤول الحوثي إن أمريكا عرضت عدم عرقلة جهود السلام في اليمن مقابل وقف العمليات العسكرية بالبحر الأحمر، و"نرفض ذلك".
استهداف سفينة قرب جيبوتي
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الإثنين، عن تلقي تقارير عن وقوع حوادث بحرية بالقرب من ميناء المخا اليمني وجيبوتي. وقالت الهيئة في أحدث إشعار إنها تلقت تقريراً عن وقوع حادثة على بعد 63 ميلاً بحرياً شمال غربي جيبوتي بحلول الساعة الـ10.28 بتوقيت غرينتش. كما أضافت أن السلطات، التي لم تحددها، تحقق في الحادث.
في الوقت نفسه أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الإثنين، عن إطلاق عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة بالبحر الأحمر في أعقاب سلسلة من الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة شنها الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن.
وقال أوستن، الذي يقوم بزيارة للبحرين، التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة تشمل بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا. وأضاف أنهم سيقومون بدوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال أوستن في بيان: "هذا تحدٍّ دولي يتطلب عملاً جماعياً. ولذلك أعلن اليوم عن إطلاق (عملية حارس الازدهار)، وهي مبادرة أمنية مهمة جديدة متعددة الجنسيات".
وتستهدف قوات الحوثيين باليمن السفن التجارية في البحر الأحمر، بدعوى أن هجماتها تأتي انتقاماً للحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة.
وأفادت شبكة CNN بأن الولايات المتحدة تدرس تعزيز حماية السفن التجارية حول طريق الشحن الحيوي، وفقاً لمسؤولين عسكريين، مع أعضاء القوات البحرية المشتركة، وهي قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات مكلفة بحماية الشحن التجاري في البحر الأحمر.
قلق بسبب عمليات الحوثيين في البحر الأحمر
تعكس مناقشات مجموعة عمل الأمن البحري القلق المتزايد في المنطقة بشأن تدخل الحوثيين في البحر الأحمر الذي تمر عبره ملايين من براميل النفط يوميًا. وقال المسؤولون الأمريكيون علنًا إن المناقشات تركزت على إمكانية مرافقة السفن العاملة في البحر الأحمر وعبر مضيق باب المندب إلى خليج عدن – القناة الضيقة التي تفصل بين اليمن والقرن الإفريقي.
في المقابل قالت حكومة النرويج، الإثنين، إن النرويج ستشارك بما يصل إلى عشرة ضباط من البحرية في قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات محتملة بقيادة الولايات المتحدة؛ لحماية مسارات الشحن في البحر الأحمر.
في حين قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الإثنين، إن الحكومة تجري محادثات مع قطاع الشحن والشركاء حول كيفية تعزيز الأمن البحري، خصوصاً بعد الهجمات على السفن في البحر الأحمر.
ورداً على سؤال عن قرار شركة النفط الكبرى "بي.بي" إيقاف جميع عمليات العبور عبر البحر الأحمر مؤقتاً، قال المتحدث إن مثل هذه القرارات مسائل تجارية.
وأضاف للصحفيين: "نتحدث إلى القطاع وإلى شركائنا على المستوى الدولي وفي المنطقة حول كيفية تعزيز الأمن البحري، خصوصاً في سياق الهجمات الأحدث".
عرقلة التجارة البحرية في قناة السويس
في سياق موازٍ تسببت الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران على السفن بالبحر الأحمر، في عرقلة التجارة البحرية مع تحويل شركات الشحن العالمية الكبرى مسارات سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب قناة السويس.
وقالت الجماعة إنها شنت هجوماً بطائرتين مسيرتين على سفينتي شحن بالمنطقة الإثنين، في أحدث سلسلة من الهجمات الصاروخية وباستخدام طائرات مسيرة على السفن، تقول الجماعة إنها للرد على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبدأت العديد من شركات الشحن الكبرى، وضمن ذلك شركة البحر المتوسط للشحن (إم.إس.سي)، في الإبحار حول أفريقيا؛ وهو ما سيؤدي إلى زيادة التكاليف والتأخيرات التي من المتوقع أن تتفاقم خلال الأسابيع المقبلة، بحسب محللي الصناعة. ويمر نحو 15% من حركة الشحن العالمية عبر قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا.
وتسببت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، والتي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في صدمة بأنحاء المنطقة، وهناك قلق من توسع نطاق الصراع.
وأظهرت هجمات البحر الأحمر قدرة القوات شبه العسكرية في الشرق الأوسط المدعومة من إيران على زعزعة التجارة العالمية في وقت تستعدي فيه طهران ووكلاؤها الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال ألبرت جان سوارت، المحلل لدى "إيه بي إن أمرو"، لـ"رويترز"، إن الشركات التي حولت مسار سفنها تسيطر مجتمعة "على نحو نصف سوق شحن الحاويات في العالم". وأضاف أن "تجنب البحر الأحمر سيؤدي إلى ارتفاع التكلفة بسبب طول وقت السفر".
شركة بريطانية تعلق نشاطها في البحر الأحمر
علقت شركة النفط البريطانية العملاقة بريتش بتروليوم مؤقتاً جميع عمليات العبور لشحناتها عبر البحر الأحمر، في علامة على أن الأزمة، التي أثرت في الغالب على شحن البضائع حتى الآن، قد تتسع لتشمل شحنات الطاقة. وارتفعت أسعار النفط الخام: وسط هذه المخاوف اليوم الإثنين.
وقال لارس بارستاد الرئيس التنفيذي لشركة فرونت لاين، لـ"رويترز"، إن "أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب آخذة في الارتفاع بشكل طبيعي، لكن مع إعادة توجيه السفن حول إمدادات الشحن في أفريقيا ستكون أكثر إحكاماً مع سير الشحنات لفترة أطول. من شأن ذلك أن يضع الأقساط تحت ضغط تصاعدي قوي".
وفي وقت لاحقٍ الإثنين، قالت شركة النفط والغاز النرويجية (إكوينور) إنها أعادت توجيه "بضع سفن" تحمل النفط الخام والغاز البترولي المسال بعيداً عن البحر الأحمر. ورفضت الشركة الإفصاح عن عدد هذه السفن.
وقالت شركة ناقلات النفط البلجيكية (يوروناف) إنها تتجنب البحر الأحمر حتى إشعار آخر.
وأجبرت هجمات الحوثيين الشركات كذلك على إعادة التفكير في علاقاتها مع إسرائيل، إذ قالت شركة إيفرغرين التايوانية، الإثنين، إنها قررت التوقف مؤقتاً عن قبول شحنات إسرائيلية.
يذكر أنه ومنذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تتوالى الهجمات الجماعة، وكان آخرها اعتراض الناقلة التجارية النرويجية "ستريندا" في 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، وسفينتي حاويات في الـ15 من الشهر ذاته. وقالت الجماعة إنها استهدفت هذه السفن بـ"صواريخ بحرية مناسبة"، دون الكشف عن حجم الأضرار التي تعرضت لها هذه السفن، أو ما إذا كان قد تم سحبها إلى السواحل اليمنية.
ويقع مضيق باب المندب بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا، ويربط البحر الأحمر مع خليج عدن والمحيط الهندي، ويختصر رحلات السفن مدة 14 يوماً في المتوسط، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية. ومع بناء قناة السويس شمال مصر، اكتسب المضيق أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، حيث شكل جزءاً من الرابط بين البحر الأبيض المتوسط وشرق آسيا.