أقرَّ إسرائيل أفيشر، رئيس هيئة تراخيص الأسلحة النارية بوزارة الأمن القومي الإسرائيلية، بأنه وافق من قبل على المشاركة في السياسات الكارثية التي ينتهجها وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير، لكنه عدل عن موقفه الآن وبات يدعو الوزير إلى إيقافها، بحسب صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الأحد 17 ديسمبر/كانون الأول 2023.
كانت تقارير صحفية قد كشفت، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن بن غفير عيَّن مسؤولين موالين له للموافقة على طلبات التراخيص مع أنهم ليسوا مؤهلين لذلك.
فقدان السيطرة
كتب أفيشر عريضةً طالب فيها الوزير بإيقاف سياسته "قبل فقدان السيطرة على الأمور"، إلا أن بن غفير رفض مزاعمه جملة وتفصيلاً، واتهم رئيس هيئة التراخيص بالتقصير في عمله، فأعلن الأخير استقالته، لكنه لا يزال يواصل العمل في مكتب الهيئة، لأنه لم يتبق له إلا بضعة أشهر في المنصب.
كما انتقد أفيشر مكتبَ المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، لأنه وافق على تعيين بن غفير لبعض مساعديه "مسؤولين مؤقتين عن إصدار تراخيص الأسلحة"، وحثَّ الوزير على إيقاف سياسته المتساهلة في توزيع الأسلحة على المواطنين، مع أن أفيشر كان مشاركاً فيها قبل أن يصرح بالاعتراض عليها.
إلى ذلك، وصف مسؤول كبير في جهاز إنفاذ القانون الإسرائيلي تصريحات أفيشر بأنها "عريضة اتهام كتبها أفيشر بحق نفسه وبحق بن غفير، لأنه شارك في السماح للوزير بتوزيع الأسلحة كأنها حلوى".
كانت تقارير صادرة الشهر الماضي قد كشفت أن أفيشر والمستشار القانوني في وزارة الأمن القومي أرييل سيزيل قد سمحا لبن غفير منذ توليه منصبه بتخفيف قيود التراخيص، وإسناد مهمة إصدارها إلى موظفي مكتبه وموظفات صغيرات في وزارة الأمن القومي.
لكن بعدما زادت طلبات الترخيص بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، ازداد العبء على موظفي المكتب، فاستعانت الوزارة بموظفين مؤقتين تلقوا بضع ساعات من التدريب، فزاد هؤلاء من التوسع في قبول طلبات الترخيص ووافقوا على آلاف منها.
وقد أدلى أفيشر بهذه التفاصيل أمام لجنة التدقيق الحكومية في الكنيست في اليوم التالي لإعلان استقالته، وقال إن الهيئة ستعيد فحص التراخيص التي اعتمدتها.
"الانفلات الأمني"
في سياق متصل، أشار أفيشر إلى أن سياسة إصدار التراخيص باتت تسودها "الفوضى إلى حد بعيد" وتحيط بها أجواء تُفضي إلى "الانفلات الأمني"، وقد وردت تقارير عديدة عن "حوادث غير معهودة" في مستودعات الترخيص، وفي المجال العام.
كما حذَّر من أن "التوسع في منح التراخيص للقوى العاملة" أثار مخاوفه من الوقوع في شبهة خيانة الأمانة. وأقرَّ بأنه يتحمل المسؤولية القانونية عما حدث في الهيئة، وأشار في الوقت نفسه إلى أن الهيئة عملت خلال الشهرين الماضيين في ظل "أجواء من الذعر، وأن عملية الإشراف على إصدار تراخيص الأسلحة والرقابة عليها اكتنفتها صعوبات منطقية".
بناء على ذلك، أوصى رئيس الهيئة في عريضته بالتشديد العاجل لسياسة التراخيص، والعودة إلى التدابير التي تقتضي إجراء مقابلات مباشرة مع طالبي الترخيص، والتخلي عن سياسة المقابلات الهاتفية التي باتت الهيئة تتبعها منذ بداية الحرب، إلا أن بن غفير رفض هذا الطلب، ولا يزال إجراء المقابلات عبر الهاتف مستمراً حتى اليوم، أي بعد نحو أسبوعين من الكشف عن الخلافات التي تشهدها الهيئة.
"تفاحة فاسدة"
في غضون ذلك، قالت مصادر في وزارة الأمن القومي إن بن غفير تجاهل العريضة، وألقى باللوم على أفيشر في المخالفات التي كُشف عنها في الهيئة، وقال إن موافقات الوزارة تصدر بناء على توجيهاته. ووصف الوزير رئيسَ هيئة تراخيص الأسلحة بأنه "تفاحة فاسدة"، وزعم أنه "أذعن لضغوط القوى اليسارية".
وردَّ مكتب بن غفير على الاتهامات الموجهة للوزير بأن "رئيس هيئة تراخيص الأسلحة النارية كان شريكاً مباشراً في تنفيذ السياسات التي ينتقدها الآن، وأشرف بنفسه على إصدار تراخيص الأسلحة وتنفيذ التغييرات التي جرت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلا أنه بعد أن هاجمت القوى اليسارية الوزيرَ، طلب أفيشر تغيير السياسات المتَّبعة.
لكن الوزير لا يتخذ قراراته بناء على ضغوط اليسار، وأهم من ذلك أنه هو من يحدد السياسات، ومن ثم فإن الموظفين الذين لا ينفذون هذه السياسات ويلتزمون بها مقصرون في أداء واجبهم، ولن يعملوا في إدارته بعد ذلك، بحسب هآرتس.