كشف ضابط إسرائيلي كان مسؤولاً عن استجواب يحيى السنوار، في مقابلة مع صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الجمعة 15 ديسمبر/كانون الأول 2023، تفاصيل التحقيق الذي أجراه مع رئيس حركة "حماس" في غزة، حينما كان معتقلاً بسجون الاحتلال عام 1988.
وقال الضابط الإسرائيلي عن السنوار: "كان يتحدث دائماً برأس مرفوع، وبلهجةٍ حازمة متسلطة، ولا تظهر عليه أي أمارات خوف من المحقق. بل إنه يتحدى المحقق طوال الوقت. وسأذكر الذي كتبته عنه في التحقيق الأول. فقد حفظته، وما زلت أتذكره: شخص غير عادي بالتأكيد، في شخصيته، ودهائه، وارتفاع مستوى ذكائه الشخصي. وهو متدين متطرف، ومؤمن، وواثق بصدق أقواله وأفعاله".
وقال الضابط الإسرائيلي إن السنوار قال له في أثناء التحقيق: "أنت تعلم أنه يوماً ما سأكون أنا في الحكم، وستكون أنت الشخص الذي يُحقَّق معه، سأقف أمامك بصفتي محققاً رسمياً في الحكومة، وسأستجوبك". وتابع الضابط: "أرتعد عندما أقول هذا الآن؛ لأنه عندما تفكر في الأمر، فستجد أنه لم يعُد بعيداً عن الواقع بعد الآن. لو كنت أعيش في مستوطنات غلاف غزة لحظة الهجوم، لربما أجد نفسي في نفق ما، في مواجهة هذا الرجل. أتذكر حقاً كيف أخبرني بذلك، على سبيل الوعيد بعينيه الحمراوين. وكما قال لي: ستتغير الأدوار بيننا، وسينقلب العالم عليك. انظر إلى مدى ثقته بنفسه".
وأضاف المحقق: "إنه لا يعرف الخوف. ولم يُخفِ أفكاره بشأن نيته قتل أعضاء الشاباك، وقال: (سأقتل جميع ضباط المخابرات)، هكذا خاطب الشاباك. أفهم مستوى الحرب النفسية التي مارسها آنذاك حين كان معتقلاً. كان يقف أمامنا يشتم ويهدد دون خوف. لم أعرف ما غرضه، ولماذا قد يفعل شخص شيئاً كهذا أثناء استجوابه؟ فحتى لو هذا ما تعتقده، ماذا تستفيد من إخبار المحقق بأنك ستقتله".
واستطرد: "على مستوى القسوة والصلابة، لم أرَ له مثيل. لم أرَ شخصاً يتصرف ويتحدث بهذه الطريقة الجريئة، لا يخجل ولا يخاف من المحقق، بل يقول لك: أنت المجرم، وسوف تدور عليك دائرة الزمان، وسأتعامل مع اليهود الكفار مثلك".
وقال المحقق: "لقد حاول اللعب على ما هو معروف وما ليس معروفاً. فقد أعطانا ما يعلم أننا نعرفه لكن التزم الصمت بشأن الباقي".
إسرائيل تريد اغتيال السنوار
حينما حكمت محكمة عسكرية إسرائيلية على القائد في حماس يحيى السنوار بالسجن بتهمة التخطيط والتنفيذ لعمليات متعددة ضد إسرائيل عام 1988، كان ردّه على الحكم دراسة اللغة العبرية. كان ذلك قبل عقود من تنسيقه للهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 كما تتهمه تل أبيب الآن.
يقول ميخا كوبي، الذي استجوب السنوار لصالح جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، لصحيفة فايننشيال تايمز الأمريكية: "لقد قرأ السنوار كل الكتب التي صدرت عن شخصيات إسرائيلية بارزة مثل فلاديمير جابوتنسكي ومناحيم بيغن وإسحاق رابين".
استخدم السنوار عبريته بطلاقة خلال مقابلة مع قناة تلفزيونية إسرائيلية بعد خمسة عشر عاماً من سجنه، وكانت رسالته أنه بدلاً من الحرب، يجب على الجمهور الإسرائيلي أن يدعم هدنة أو وقف إطلاق نار مع حركة حماس المسلحة، قائلاً وهو يرتدي بذلة قرمزية اللون: "نحن نفهم أن إسرائيل تمتلك مئتي رأس حربي نووي وأن لديها سلاح جو هو الأكثر تطوراً في المنطقة، ونحن نعلم أننا لا نملك القدرة على تفكيك إسرائيل".
يُعتبر السنوار البالغ من العمر 61 عاماً اليوم، أهم رجل مطلوب لدى إسرائيل في غزة، ويشير إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بـ"رجل ميت يمشي". وتتهم إسرائيل زعيم حركة حماس في غزة بأنه الشخص الأكثر انخراطاً في الهجوم المفاجئ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على غلاف غزة، الذي أدى إلى تدمير فرقة غزة، ومقتل أكثر من 1500 إسرائيلي.
القضاء على السنوار هو الهدف الرئيسي من الحملة الإسرائيلية المتصاعدة لـ"تدمير" حماس، والتي يقول المسؤولون الفلسطينيون إنها أدت إلى استشهاد 15 ألف شخص في غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، منذ أن بدأت إسرائيل انتقامها من الهجوم، مدمرةً مناطق مدنية واسعة عبر القصف المكثف من البر والجو والبحر.
أُفرج عن السنوار عام 2011 بعد قضاء 22 عاماً بسجن إسرائيلي في صفقة تبادل أُطلق فيها سراح أكثر من ألف فلسطيني مقابل جندي إسرائيلي واحد، وهو جلعاد شاليط الذي احتجزته حماس في غزة. وبحلول عام 2017، تم انتخابه زعيماً للحركة في غزة، ليحل محل إسماعيل هنية، الذي أصبح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والمقيم في قطر.
وأسفرت الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى مساء الخميس، عن 18 ألفاً و787 شهيداً و50 ألفاً و897 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.