سخر مقال بموقع "إنترسبت" للكاتب جون شوارتز، من اجتماع عقده وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مع قادة منظمات حقوق الإنسان للاحتفال بالذكرى الـ75 لاعتماد الأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لا سيما وأنه جاء بالتزامن مع الدعم الأمريكي للعدوان على قطاع غزة.
ورتبت وزارة الخارجية الأمريكية لهذا الاجتماع لـ"تسجيل ونشر" إشادة بلينكن بحقوق الإنسان، بينا لم يتسنّ للعالم سماع ردود المدافعين عن حقوق الإنسان، والذين انتقدوا دعم الولايات المتحدة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقال المقال، إن الإعلان العالمي للاجتماع، علامة بارزة في التاريخ، ورغم أنه كان مجرد بيان مبادئ، وبالتالي لم يكن له قوة قانونية في حد ذاته، فإنه كان "ملهماً" وكأنه الأساس الذي بُنيت عليه العديد من المعاهدات والقوانين اللاحقة.
ووفقاً لموسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، فقد تُرجِمَ الإعلان إلى ما يزيد على 550 لغة، من الأبخازية إلى لغزة الزولو في جنوب أفريقيا، أي أكثر من أي وثيقة أخرى.
وفي بداية الاجتماع في 7 ديسمبر/كانون الأول 2023، في وزارة الخارجية، أبلغ بلينكن الحضور بأن "عالمية حقوق الإنسان تواجه تحدياً شديداً والحقوق تُنتَهَك في أماكن كثيرة جداً… وبالطبع نرى فظائع في خضمّ الصراع". ولكن بعد يوم واحد فقط، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأشار المقال إلى أن الإعلان العالمي ينص على أن "لكل فرد الحق في التمتع بجنسية ما"، وقد اعتُمِدَ في 10 ديسمبر/كانون الأول 1948، أي قبل يوم واحد من صدور قرار الأمم المتحدة رقم "194"، والذي ذكر أنه في أعقاب إنشاء "إسرائيل" في وقت سابق من العام ذاته، "ينبغي السماح للاجئين الفلسطينيين، الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش في سلام مع جيرانهم بالقيام بذلك في أقرب وقت ممكن".
اجتماع لالتقاط الصورة وإظهار بلينكن
ولفت المقال إلى التناقض الواضح في موقف الولايات المتحدة، فلم تحتفل وزارة الخارجية الأمريكية بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وشارك في الاجتماع، 4 منظمات لحقوق الإنسان، ممثلة جميعها بكبار مسؤوليها: منظمة العفو الدولية (أنييس كالامارد)، وهيومن رايتس ووتش (تيرانا حسن)، ولجنة حماية الصحفيين (جودي جينسبيرغ)، وفريدوم هاوس (مايكل أبراموفيتز).
وأكدت المنظمات الأربع حضورها، ولكن عندما سُئلت وزارة الخارجية، رفضت تحديد مَن كان حاضراً، لأن هذا الاجتماع، كما أوضحت، جرى في "مكان خاص".
ووفقاً للجنة حماية الصحفيين، أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية، أن الوزير بلينكن أراد الإدلاء ببيان رسمي، لكن الاجتماع كان "خاصاً".
وبمعنى آخر، أصرّت الحكومة الأمريكية على أن يكون هناك قسم عام من الاجتماع في البداية، يتحدث فيه بلينكن وتُلتَقَط فيه صورة لقادة منظمات حقوق الإنسان وهم يستمعون إليه، ومن ثم انتشرت الصور مع كلمات بلينكن إلى العالم، دون كلمات قادة المنظمات الحقوقية.
تناقض صارخ يتزامن مع الدعم الأمريكي لإسرائيل
وعند سؤاله عن تجاربه الخاصة في مثل هذه المواقف، قال كينيث روث، سلف تيرانا حسن في رئاسة منظمة هيومن رايتس ووتش، إنه "ليس هناك خطأ بطبيعته في عقد اجتماع غير رسمي مع مسؤولين حكوميين، لكن الأمر غريب بالنسبة لإدارة بايدن للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين للإعلان العالمي بعقد اجتماع غير رسمي".
يوضح روث أن الإعلان العالمي، كان له تأثير متواضع في العقد الذي أعقب اعتماده؛ لأنه كان من غير الدبلوماسي أن تنتقد حكوماتٌ حكوماتٍ أخرى بالاسم، لكن ذلك تغير في الستينيات والسبعينيات.
ويؤكد روث أن "إحياء ذكرى الإعلان الذي احتضن ما جعل الوثيقة مؤثرة إلى هذا الحد، كان من الممكن أن يكون بمثابة اجتماع مسجّل يتم فيه تمييز الحكومات المسيئة بالاسم بلا مواربة".
وقالت أماندا كلاسينغ، المديرة الوطنية للعلاقات الحكومية والمناصرة بمنظمة العفو الدولية، إن الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامارد، "حثت الوزير بلينكن على اغتنام نقطة المنعطف الحالية، وأن يكون متسقاً في اهتمام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان، وإرسال رسالة مفادها أن حقوق الإنسان تنطبق بالتساوي على الحلفاء غير الأمريكيين وعلى أقرب أصدقائها".
وأوضحت أن هذا الأمر أصبح ملحاً بشكل خاص اليوم، حيث وثقت منظمة العفو الدولية أن "حكومة إسرائيل"، وهي واحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، تنتهك القانون الإنساني الدولي بشكل صارخ في هجماتها على غزة، وحثته على رؤية الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووقف نقل وبيع الأسلحة للحكومة الإسرائيلية الحالية.
وعُقِدَ الاجتماع في غرفة استقبال توماس جيفرسون، التي يعتلي حائطها لوحة وتمثال له، وقد كان أول وزير خارجية للولايات المتحدة، وكان أيضاً مؤلف إعلان الاستقلال -الذي كان بشكلٍ ما سلف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.