سلَّم عدد من الأطفال البريطانيين، المولودين لآباء أو أجداد وُلدوا في غزة ولا يزال لهم أقرباء فيها، الأربعاء 13 ديسمبر/كانون الأول 2023، عريضةً تطالب بوقف استهداف الأطفال، ووقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة، وأرسلوا نسخةً إلكترونيةً إلى زعيم المعارضة كير ستارمر، بعد إخفاقهم في الحصول على موعد معه.
وتزامن تسليم العريضة التي وقَّع عليها أكثر من 2500 طفل بريطاني مع اعتصام حاشد أمام مكتب ريشي سوناك، دعا له التحالف المؤيد لفلسطين في بريطانيا، بالتعاون مع العائلات الفلسطينية من غزة، واستمر نحو ساعة، وتخلله إلقاء كلمات لعدد من الأطفال.
وعبَّر الأطفال المشاركون عن مشاعر الحزن والغضب والحنين إلى الوطن، حيث قال فراس، ذو الـ11 ربيعاً: "كل عشر دقائق تُزهق روح طفل بريء في غزة، والعالم يقف مكتوف الأيدي، حكومتنا شريكة في هذه المذبحة". ويضيف معبراً عن قريبه الذي فقده: "فقدت ابن عمي يزن، الذي كان عمره 10 سنوات فقط، إن مجرد التفكير في فقدان مزيد من أفراد الأسرة أمر لا يطاق".
أطفال بريطانيا يطالبون بوقف إطلاق النار
وواصل فراس رسالته المؤثرة، واصفاً مأساة أربعة رضَّع وُجدوا في ظروف مروعة في مستشفى الناصر، كما أعرب عن حنينه لغزة، التي تعلَّم فيها السباحة، وقضى أوقاتاً جميلة مع جدته، لكنه يخشى العودة إلى مكان لم يَعُد يستطيع التعرف عليه.
في جانب آخر تقف تالين رضوان، الطفلة البالغة من العمر 10 سنوات، لتشارك ذكرياتها عن أوقات الفرح التي كانت تقضيها في غزة، حيث كانت تلعب مع أبناء عمومتها وتستمتع بالأطباق الشهية التي تُعِدُّها جدتها مثل "الدوالي" و"المقلوبة"، لكنها تقول إن الفرحة قد اختفت الآن وحل محلها الألم والحزن.
فيما كتب طفل فلسطيني يبلغ من العمر 16 عاماً رسالةً يشير فيها إلى وقْع فقدان عائلته بأسرها عليه: "فقدت أكثر من 40 شخصاً من أحبائي، منهم 20 طفلاً بين عمر 3 أشهر و18 عاماً. وكان لكل واحد منهم حلم، لكن تلك الأحلام تلاشت مع صدى الانفجارات".
وأضاف: "كم جيلاً يجب أن يُشرَّد، وكم روحاً بريئة يجب أن تُزهَق؟"، منوِّهاً بحق الأطفال الفلسطينيين "في مستقبل أفضل خالٍ من الحروب والعدوان".
ويَجمع هؤلاء الأطفال صوت واحد يطالب بوقف إطلاق النار، وينشدون "إحلال السلام في أرض تعبث فيها ألعاب الحرب بأحلام البراءة".
كما يتطلعون إلى مستقبل يسوده الأمان والعدالة، حيث يمكن للأطفال أن يعيشوا حياةً خالية من الخوف والدمار.
عريضة من أجل غزة
قال الأطفال في نص العريضة: إنهم "يشعرون بالقلق إزاء الأرواح البريئة التي تُزهَق في هذا العدوان العنيف"، وإنهم "يطالبون الحكومة البريطانية بالضغط على إسرائيل لوقف القصف الجوي والبري والبحري على غزة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع المحاصر".
وأضافوا أنهم "يتعاطفون مع الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون في ظروف مأساوية، ويفتقرون إلى الأمن والتعليم والرعاية الصحية، ويتعرضون للخطر كل يوم".
جرائم متواصلة للاحتلال في غزة
يشار إلى أن قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل يؤدي إلى استشهاد نحو 300 فلسطيني كل يوم، كثير منهم أطفال، ويتسبب الحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل في معاناة إنسانية لا توصف في غزة، وتجعل السكان يفتقرون لأبسط مقومات الحياة الأساسية من الماء والغذاء والدواء.
فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة بآخر احصائياتها ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 18 ألفاً و608 شهداء، و50 ألفاً و594 مصاباً، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مؤكدةً أن الاحتلال ارتكب 16 مجزرة وإبادة جماعية خلال الساعات القليلة الماضية، وذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن خدماتها في القطاع "على شفا الانهيار".
ويُصعد جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدافه لمستشفيات القطاع والبنى التحتية، وسط تفاقم الكارثة الإنسانية بين السكان، خاصةً في محافظة رفح جنوب القطاع، حيث ضاعفت الأمطار معاناة النازحين داخل أحد مراكز الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وفق مراسل الأناضول.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلَّفت إلى جانب القتلى والجرحى دماراً هائلاً في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.