لم تتمكن قوات الاحتلال الإسرائيلي، معززة بدباباتها الثقيلة والمتطورة منذ نحو 4 أيام، من الوصول إلى مخيم جباليا شمالي القطاع، وحي الشجاعية شرقي مدينة غزة، على الرغم من الدعم الذي تحصل عليه جراء القصف المكثف من طائرات وآليات مدفعية، بسبب المقاومة الشرسة التي يواجَهون بها من قبل مختلف فصائل المقاومة في هذه المناطق، فيما أقر جيش الاحتلال بأنه "في ذروة القتال بغزة".
وينفذ عناصر فصائل المقاومة الفلسطينية عمليات عسكرية متواصلة ضد الآليات الإسرائيلية المتوغلة شمالي القطاع، وسط اشتباكات ضارية تكثفت خلال اليومين الماضيين.
محور الشمال
فقد أفاد مراسل "الأناضول" نقلاً عن شهود عيان ومصادر محلية، أن اشتباكات ضارية تدور بين مقاتلي كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة "حماس" والقوات الإسرائيلية في جميع محاور التوغل الإسرائيلي شمالي وجنوبي القطاع.
وفق المصادر ذاتها، فإن الاشتباكات الأعنف تدور حالياً في محور الشمال وعلى تخوم مخيم جباليا، أكبر مخيمات اللجوء الفلسطيني في غزة.
ذكر الشهود، أن الجيش الإسرائيلي كثف الليلة الماضية قصفه على مخيم جباليا قبل أن تندلع اشتباكات مع عناصر المقاومة منعت الدبابات من التقدم والدخول لقلب المخيم المكتظ بالسكان.
فيما تركزت الاشتباكات في مناطق "أبو شرار" و"أبو شرخ" و"الفالوجا" و"الشيخ زايد" و"بركة أبو راشد" ومفترق "الشهداء الستة"، وجميع هذه المناطق تحيط بمخيم جباليا وتتمركز فيها القوات الإسرائيلية.
من جنبها، أعلنت كتائب عز الدين القسام الذراع المسلحة لحركة "حماس"، الأحد، عن "إجهاز" مقاتليها على 10 جنود إسرائيليين في منطقة الفالوجا ببلدة جباليا، شمالي قطاع غزة.
وقالت الكتائب، في بيان مقتضب: "مجاهدو القسام يجهزون على 10 جنود صهاينة من مسافة صفر بمنطقة الفالوجا شمالي القطاع".
في بيانٍ لاحق، أعلنت أن مقاتليها "تمكنوا من الإجهاز (أيضاً) على 3 جنود صهاينة من مسافة صفر، بعد الإطباق على آلية عسكرية" في المنطقة ذاتها.
إلى جانب ذلك، وفي عملية أخرى شمالي القطاع أيضاً، أفادت كتائب القسام بأن مقاتليها "استهدفوا قوة إسرائيلية خاصة متحصنة داخل مبنى بقذيفة أفراد غرب مخيم جباليا".
كما "استهدف عناصر القسام قوة إسرائيلية خاصة راجلة بعبوة أفراد في جباليا، ودبابة ميركافا في منطقة تل الزعتر (شمال) وآليتين عسكريتين في جباليا بقذائف الياسين 105″، وفق بيان آخر، وقالت الكتائب، إن مقاتليها تمكنوا أيضاً من "الإجهاز على قناص إسرائيلي في منطقة الفالوجا".
فيما لم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي بشأن بيانات "القسام".
في الشجاعية أيضاً
في صورة قريبة لما يحدث في جباليا تحاول الدبابات الإسرائيلية الدخول لقلب حي الشجاعية شرق مدينة غزة، لكنها تواجه مقاومة كبيرة، وفق مصادر محلية.
تتمركز الآليات العسكرية منذ أيام، على الأطراف الشرقية لحي الشجاعية وتحاول التقدم لمئات الأمتار يومياً، لكنها تعود أدراجها في ظل ضراوة الاشتباكات.
على صعيد الوضع الصحي، قال رائد النمس، المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إن "شمال القطاع بات الآن لا يوجد فيه أي خدمات صحية بعد توقف جميع المستشفيات".
كذلك، أضاف النمس، في تصريح لـ"الأناضول": "عدد كبير من سيارات الإسعاف بالشمال توقفت عن العمل".
وأشار إلى إنشاء جمعية الهلال الأحمر نقاطاً طبية ميدانية بشمال القطاع تستقبل يومياً 200 إلى 250 حالة من الإصابات الطفيفة والمتوسطة.
وشدد النمس على أن "الوضع أصبح كارثياً ويتطلب تدخلاً دولياً لإنقاذ مئات آلاف الفلسطينيين".
محور الجنوب
في محور جنوبي القطاع، قتل الجيش الإسرائيلي، الأحد، 7 فلسطينيين وأصاب آخرين في قصف استهدف منزلاً بمخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، بحسب شهود عيان ومصدر طبي.
نقلاً عن الشهود، قال مراسل "الأناضول" إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت منزلاً لعائلة "وشاح" مأهولاً بالسكان في مخيم البريج وسط القطاع؛ ما أدى إلى تدميره بشكل كامل وإلحاق أضرار بالغة بالمنازل المحيطة به.
كذلك، أفاد مصدر طبي فلسطيني في مستشفى "شهداء الأقصى" بمدينة دير البلح وسط القطاع بأن جثامين 7 قتلى، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى، وصلت إلى المستشفى؛ جراء قصف مخيم البريج.
المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، أوضح أن غالبية القتلى والجرحى من النساء والأطفال، خاصةً أن المنزل كان يوجد فيه عدد كبير من النازحين من مدينة غزة.
بينما ذكر الشهود أن أطقم الإنقاذ ظلت تعمل لساعات طويلة في انتشال القتلى وإنقاذ المصابين من تحت أنقاض المنزل المدمر؛ بسبب إمكانياتها المحدودة.
كذلك، أظهرت مشاهد مصورة لـ"الأناضول" حجم الدمار الكبير الذي حل بالمنطقة المستهدفة في مخيم البريج جراء الغارات الإسرائيلية والصعوبات التي تواجهها أطقم "الدفاع المدني" لانتشال القتلى وإنقاذ الجرحى.
في سياق متصل، قصف الطيران الحربي الإسرائيلي، الأحد، خطوط المياه الواصلة بين مدينتي خان يونس ورفح جنوبي قطاع غزة.
وأفاد مراسل الأناضول، نقلاً عن شهود عيان ومصادر محلية، بأن مقاتلات إسرائيلية قصفت الأنابيب التي تضخ المياه من مدينة رفح إلى خان يونس؛ في محاولة لقطع المياه عن المدينة الأخيرة التي بدأ الجيش فيها عمليات عسكرية واسعة قبل نحو أسبوع.
كما شن الجيش غارات جوية مكثفة على طريق رئيس رابط بين رفح وخان يونس، أسفرت عن تدميره بشكل كامل؛ ما يعني عرقلة حركة التنقل بين المدينتين.
نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طالب الجيش الإسرائيلي سكان خان يونس بإخلائها، ثم بدأ عملية عسكرية برية في المدينة يتخللها قصف جوي عنيف يستهدف أحياءها على مدار الساعة؛ ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى.
فيما يتكدس مئات آلاف من النازحين الفلسطينيين في خان يونس، بعد أن لجأوا إليها من محافظتي غزة وشمال القطاع في أول شهرين من الحرب الإسرائيلية، إثر تركيز الجيش الإسرائيلي قصفه الجوي وعملياته البرية في المحافظتين.
حالياً، يُقدر عدد سكان خان يونس، مع إضافة النازحين، بنحو 600 ألف نسمة، ما يجعلها أكبر مدن قطاع غزة من حيث عدد السكان.
يأتي ذلك فيما تواصل الدبابات الإسرائيلية قصفها المدفعي لمناطق حي الشيخ ناصر بمدينة خان يونس ومناطق شرقي المدينة، وفق الشهود.
الجانب الآخر
على الصعيد الإسرائيلي، نقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قوله إنه "لا حدود زمنية للعملية البرية، ويجب أن نمنح الجيش الوقت الذي يحتاج إليه".
كما قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه "في ذروة القتال في غزة".
جيش الاحتلال أشار إلى أن أشد المعارك تدور في حي الشجاعية وبلدة جباليا ومدينة خان يونس.
يشار إلى أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، فصل خلالها شمالي القطاع عن الوسط والجنوب، وخلّفت حتى مساء السبت 17 ألفاً و700 شهيد، و48 ألفاً و780 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
فردا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، شنت حركة "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية بمحيط قطاع غزة.