طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بوقف فوري للحرب على غزة وعقد مؤتمر دولي للسلام للتوصل لحل سياسي دائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، وفي مقابلة مع رويترز بمكتبه في رام الله يوم الجمعة 8 ديسمبر/كانون الأول 2023، قال عباس (87 عاماً)، إن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين بشكل عام وصل إلى مرحلة تنذر بالخطر وتتطلب مؤتمراً دولياً وضمانات من القوى العالمية.
وإلى جانب الحرب التي تخوضها إسرائيل مع حماس في غزة، قال إن قوات الاحتلال الإسرائيلي كثفت هجماتها في كل مكان بالضفة الغربية المحتلة منذ العام الماضي، مع تصعيد المستوطنين للعنف ضد البلدات الفلسطينية. وأكد عباس موقفه الثابت لصالح التفاوض بدلاً من المقاومة المسلحة لإنهاء الاحتلال الذي طال أمده.
عباس يدعم المقاومة السلمية في مواجهة إسرائيل
محمود عباس قال: "أنا مع المقاومة السلمية الشعبية… وأنا مع المفاوضات وأن يكون هناك مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية والذي يجب أن يقود إلى حل بحماية دولية يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف".
وكان عباس يتحدث في الوقت الذي كثفت فيه إسرائيل هجماتها على غزة. وفي شهرين من الحرب، قتلت إسرائيل أكثر من 17 ألف شخص، وأصابت 46 ألفاً آخرين، وأجبرت نحو 1.9 مليون شخص على النزوح، أكثر من نصفهم يلجأون الآن إلى مناطق في وسط غزة أو بالقرب من الحدود المصرية.
وقال مسؤول أمريكي كبير إن فكرة عقد مؤتمر دولي نوقشت بين مختلف الشركاء، لكن المقترح لا يزال في مرحلة مبكرة للغاية. وتابع المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "هذا هو أحد الخيارات العديدة المطروحة على الطاولة والتي سندرسها نحن وآخرون بعقل متفتح، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأن ذلك".
وشنت إسرائيل حملتها للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم قطاع غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة، وفقاً لإحصائيات إسرائيلية.
وقال عباس إنه على أساس اتفاق دولي ملزم، سيعمل على إحياء السلطة الفلسطينية الضعيفة، وتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تم تعليقها بعد فوز حماس في عام 2006، وطرد السلطة الفلسطينية بعد ذلك من غزة.
وقال إن السلطة الفلسطينية التزمت بجميع اتفاقيات السلام الموقعة مع إسرائيل منذ اتفاقات أوسلو عام 1993 والتفاهمات التي تلت ذلك، لكن إسرائيل تراجعت عن تعهداتها بإنهاء الاحتلال.
إجراء انتخابات في فلسطين
رداً على سؤال عما إذا كان سيغامر بإجراء انتخابات؛ نظراً إلى احتمال فوز حماس كما فعلت في عام 2006، قال: "من يفوز يفوز، هذه هي الديمقراطية".
وقال عباس إنه كان يعتزم إجراء انتخابات في أبريل/نيسان 2021، لكن مبعوث الاتحاد الأوروبي أبلغه قبل الموعد المحدد أن إسرائيل تعارض التصويت في القدس الشرقية، لذلك اضطر إلى إلغائها.
وأصر على أنه لن تكون هناك انتخابات بدون القدس الشرقية، قائلاً إن السلطة الفلسطينية أجرت ثلاث جولات من الانتخابات في الماضي شملت القدس الشرقية قبل أن تفرض إسرائيل الحظر.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في حرب عام 1967. وضمتها فيما بعد، وأعلنت المدينة بأكملها عاصمة لها، في خطوة لا تحظى باعتراف دولي. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
ولم يقدم عباس رؤية محددة لخطة ما بعد الحرب التي تمت مناقشتها مع المسؤولين الأمريكيين والتي تتولى السلطة الفلسطينية بموجبها إدارة القطاع الذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة. وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل لن تقبل بأن تحكم السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي قطاع غزة.
وقال عباس: "الولايات المتحدة الأمريكية تخبرنا بأنها تدعم حل الدولتين، وأنها ترفض أن تحتل إسرائيل قطاع غزة أو تقتطع أي جزء من أراضيه أو تكون لها سيطرة أمنية على قطاع غزة". وأردف قائلاً: "أمريكا لا تجبر إسرائيل على تنفيذ ما تقوله".
وأضاف أن السلطة الفلسطينية لا تزال حاضرة في غزة كمؤسسة، ولا تزال تدفع رواتب ونفقات شهرية تقدر بنحو 140 مليون دولار للموظفين والمتقاعدين والأسر المحتاجة. وأضاف أن السلطة الفلسطينية لا يزال لديها ثلاثة وزراء موجودين في غزة.
وقال عباس: "نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل السلطة وبحاجة إلى دعم دولي كبير" للعودة إلى القطاع. وتابع: "غزة اليوم ليست غزة التي تعرفونها. غزة مدمرة، المستشفيات مدمرة والمدارس مدمرة والبنية التحتية مدمرة، لم يبق شيء. غزة بحاجة إلى إمكانيات تمويل لإعادة الإعمار".
أمريكا تدعم الاحتلال الإسرائيلي
عباس أضاف: "الولايات المتحدة الأمريكية تدعم إسرائيل بشكل كامل، وتتحمل المسؤولية عما يجري في قطاع غزة، وهي القوة الوحيدة القادرة على أن تأمر إسرائيل بوقف هذه الحرب" والوفاء بالتزاماتها، لكنه قال إنها لا تفعل ذلك. ووصف واشنطن بأنها شريكة لإسرائيل.
ومضى قائلاً: "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أجريت اتصالات ولقاءات مع أكثر من رئيس دولة ورئيس وزراء وكبار المسؤولين من أمريكا والدول الغربية، من أجل وقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة ومنع تهجير المواطنين". واستطرد: "أنا ضد تهجير مواطن واحد سواء من قطاع غزة أو الضفة".
يذكر أنه في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ورداً على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، شنت حركة "حماس" هجوماً على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية بمحيط غزة.
في حين يشن الجيش الإسرائيلي، منذ ذلك اليوم، حرباً مدمرة وحصاراً خانقاً على غزة، خلفت 17 ألفاً و487 شهيداً، و46 ألفاً و480 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.