أخفق مجلس الأمن الدولي، مساء الجمعة 8 ديسمبر/كانون الأول 2023، في تمرير مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة؛ بعد استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض "الفيتو"، حيث أبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي معارضتها وقفاً فورياً لإطلاق النار بقطاع غزة، في الوقت نفسه قال مسؤولان أمريكيان حالي وآخر سابق، إن إدارة الرئيس جو بايدن طلبت من الكونغرس الموافقة على بيع 45 ألف قذيفة لدبابات ميركافا الإسرائيلية؛ لاستخدامها في قتال حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.
فيما قال نائب المندوبة الأمريكية روبرت وود: "في حين تدعم الولايات المتحدة بشدةٍ السلام المستدام الذي يتيح للإسرائيليين والفلسطينيين العيش بأمن وسلام، لا ندعم الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار"، ورأى أن ذلك "سيؤدي فقط إلى زرع بذور الحرب المقبلة، لأنه لا رغبة لحماس في رؤية سلام مستدام أو حل الدولتين".
مندوب إسرائيل يهاجم حركة حماس
كان مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، قد قال في جلسة لمجلس الأمن، إن الأمن والاستقرار الإقليميين لا يمكن أن يتحققا قبل القضاء على حركة "حماس"، معتبراً أن "وقف إطلاق النار في الوقت الحالي يعني ترسيخ حكم حماس في غزة واستمرار معاناة الجميع".
في سياق موازٍ، قال مسؤول أمريكي حالي وآخر سابق إن إدارة الرئيس جو بايدن طلبت من الكونغرس الموافقة على بيع 45 ألف قذيفة لدبابات ميركافا الإسرائيلية؛ لاستخدامها في قتال حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.
يأتي الطلب في غمرة مخاوف متزايدة من استخدام أسلحة أمريكية في الصراع الذي أودى بحياة آلاف المدنيين.
من ناحية أخرى قال مسؤولون بقطاع الصحة لـ"رويترز"، إن عشرة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب عدد كبير بجروح جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في خان يونس بجنوب غزة.
كان مجلس الأمن وتحت ضغط من الأمين العام للأمم المتحدة، قد انعقد للبت في دعوة إلى "وقف فوري لإطلاق النار لدواعٍ إنسانية" بغزة، في حين وصل وفد "قمة الرياض" إلى واشنطن، لاستكمال جولته الداعية إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من شهرين على القطاع.
ووجّه أنطونيو غوتيريش رسالة إلى مجلس الأمن استخدم فيها المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية، التي تتيح له "لفت انتباه" المجلس إلى ملف "يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر"، في أول تفعيل لهذه المادة منذ عقود، وهو ما أثار حفيظة إسرائيل.
وكتب في رسالته، أنه "مع القصف المستمر للقوات الإسرائيلية، ومع عدم وجود ملاجئ أو حدّ أدنى للبقاء، أتوقع انهياراً كاملاً وشيكاً للنظام العام؛ بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل من المستحيل (تقديم) مساعدة إنسانية، حتى لو كانت محدودة".
وجدّد دعوته إلى وقف إطلاق نار إنساني؛ لتفادي "تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين، وعلى السلام والأمن في المنطقة"، وفق تعبيره.
وعلّق المتحدث باسمه ستيفان دوغاريك، بالقول: "نأمل أن يأخذ مجلس الأمن بندائه"، مشيراً إلى أن الأمين العام تحدث منذ الأربعاء الماضي، مع وزيري الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والبريطاني ديفيد كاميرون، ومع عدد من الدول العربية.
مجلس الأمن شريك في جرائم إسرائيل!
من جانبها رأت منظمة "أطباء بلا حدود"، أن "عدم تحرك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واستخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الدول الدائمة العضوية لا سيما الولايات المتحدة، يجعلانه شريكاً في المجزرة الجارية بغزة"، معتبرةً أن "هذا التقاعس أعطى رخصة قتل جماعي للرجال والنساء والأطفال". ولفتت المنظمة إلى أنه "يتعين على المجلس أن يطالب بوقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وضمان دخول غير مقيّد للمساعدات".
في المقابل تتواصل، الجمعة، حالة التضامن العربي مع قطاع غزة، الذي يواجه حرباً إسرائيلية مستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهدت في الأيام الأخيرة اتساعاً في نطاق عملياتها العسكرية البرية.
وتعددت أشكال هذا التضامن، من خلال إطلاق عدة فعاليات داعمة كالوقفات الاحتجاجية في بعض الدول العربية والتظاهرات في دول أخرى، فضلاً عن أدعية مناصرة للفلسطينيين من خطيبي "الحرمين الشريفين".
جاء ذلك تزامناً مع تصاعد حدة الغارات الإسرائيلية واتساع نطاق العمليات البرية شمالي وجنوبي قطاع غزة، خاصة عند محور شرقي مدينة خان يونس (جنوب)، بعد انتهاء الهدنة الإنسانية مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023.
ففي السعودية، دعا خطيب المسجد الحرام بندر بليلة، في خطبة الجمعة، لأهل غزة والمسجد الأقصى بـ"اللطف والحفظ"، وفق ما نقلته قناة "الإخبارية" الرسمية، وتابعته الأناضول.
وقال خطيب المسجد الحرام: "اللهم ألطف بإخواننا المؤمنين في فلسطين، اللهم اجعلهم في أمانك وإحسانك وضمانك، اللهم احفظ المسجد الأقصى واجعله في عزة ورفعة إلى يوم الدين".
فيما ندد نظيره في المسجد النبوي حسين آل الشيخ، بـ"ظلم الصهاينة"، بحسب المصدر ذاته.
ودعا خطيب المسجد النبوي، قائلاً: "اللهم عليك بالصهاينة المعتدين، اللهم عليك بالصهاينة فقد ظلموا ودمروا، اللهم كن للمسلمين في غزة".
مظاهرات في قطر دعماً لغزة
أما في قطر، فشهد مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب، في العاصمة الدوحة، وقفة احتجاجية تضامناً مع غزة، تخللتها هتافات منددة بالاعتداءات الإسرائيلية، وفق فيديو نقله موقع الجسرة الإخبارية المحلي.
وفي الأردن، شارك آلاف في وقفة تضامنية مع غزة بالعاصمة عمّان، نظمتها الحركة الإسلامية (حزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين)، إضافة إلى قوى نقابية وحزبية.
وهتف المشاركون في الوقفة: "فلسطين فلسطين.. شعب الأردن ما بلين (لا يلين)"، و"شعب الأردن متحدين.. ضد بيع فلسطين"، فيما رفعوا لافتات كتب على بعضها "أوقِفوا الإبادة".
وأما في تونس، فشارك العشرات من الصحفيين في وقفة تضامنية مع نظرائهم الفلسطينيين العاملين بقطاع غزة، والذين يتعرضون لاعتداءات إسرائيلية، أدت إلى مقتل بعضهم.
وقال نقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر، في كلمة خلال مشاركته بالوقفة: "العدوان يحاول قتل الحقيقة من خلال استهداف الصحفيين، (الذين) سيبقون شاهدين على جرائم وحرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني".
من جانبه، قال نقيب الصحفيين التونسيين زياد دبّار، في كلمة خلال الوقفة: "نحن أمام مجزرة حقيقية تتطلب منا أكثر من التضامن، وتتطلب المرور للفعل، ومقاطعة المحتل، وكل من يتعامل معه".
وبحسب آخر إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، والتي نشرها الخميس، فإن إسرائيل قتلت 81 صحفياً فلسطينياً منذ بداية حربها على القطاع.
في السياق ذاته شهدت شوارع من العاصمة تونس تظاهرة بمشاركة العشرات من المواطنين تضامناً مع قطاع غزة. وردد المشاركون في التظاهرة هتافات، من بينها "قولوا الله، قولوا الله.. على غزة ما نتخلى".
مظاهرات للأطفال في بيروت دعماً لفلسطين
في بيروت، نظم عشرات الأطفال اللبنانيين وقفة أمام مركز منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"؛ للمطالبة بحماية أطفال غزة من "العدوان الإسرائيلي".
الأطفال الذين تجمعوا في باحة المبنى بمنطقة السوديكو وسط بيروت، حملوا لافتات كتب على بعضها "إسرائيل تقتل الطفولة"، و"نطالب بحماية لأطفال غزة"، فيما حمل بعضهم صوراً لأطفال من غزة وهم تحت الركام.
وقال سامر مزهر، المسؤول عن الحملة، لمراسل الأناضول: "نحن هنا لنوجه رسالة تضامن قوية مع أطفال غزة وفلسطين بشكل عام، الذين حُرموا من أبسط مقومات الحياة".
وفي السياق ذاته، نظم العشرات من أمهات وطلبة المدارس في بيروت، وقفة احتجاجية بالقرب من السفارة الفرنسية؛ احتجاجاً على دعم باريس لإسرائيل في حربها على غزة.
وحمل المشاركون الأكفان البيضاء، ونعشاً رمزياً كتب عليه أسماء أطفال غزة الذين قضوا بالقصف الإسرائيلي، ووضعوا أشرطة لاصقة على أفواههم، تعبيراً عن الصمت العالمي أمام ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
وقالت إحدى الأمهات المشاركات في الوقفة دانيا دندشلي، لـ"الأناضول": "نريد إيصال رسالة بأن السفارة الفرنسية صامتة أمام أصوات أطفال وأهالي غزة تحت الركام".
أما في اليمن، فتظاهر آلاف في سبع محافظات دعماً لغزة في مواجهة الحرب، منها العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، فيما رفعوا العلمين اليمني والفلسطيني.
كما شهدت مدن تعز (جنوب غرب)، ومأرب (وسط) والحديدة (غرب) والمحويت وحجة وصعدة (شمال) مسيرات حاشدة، وفق مراسل الأناضول.
جدير بالذكر أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي بضوء أخضر أمريكي، حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى الخميس 17 ألفاً و177 شهيداً و46 ألف جريح معظمهم من الأطفال والنساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.