أمرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بإرسال مجموعة حاملة طائرات، ودفاعات جوية، وطائرات مقاتلة، ومئات القوات إلى الشرق الأوسط منذ بدء عملية "طوفان الاقصى"، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأعلنت الوزارة أنها نشرت هذه القوات لمنع الحرب على غزة من التصاعد إلى حرب إقليمية.
غير أن مساعي البنتاغون اعترضها الاختلال الوظيفي الناشئ عن الانقسام بين نواب الكونغرس، ومن ثم العجز عن تمرير الميزانية وسداد فواتير الحكومة في الوقت المحدد، وهو ما يعني كذلك أن وزارة الدفاع الأمريكية ليس لديها المال لدفع تكاليف تعزيز القوات في الشرق الأوسط، بحسب ما نشره موقع Politico الأمريكي.
ويعتمد الجيش الأمريكي، مثل بقية إدارات الحكومة، على العمل بمقتضى تدابير التمويل المؤقت التي تجمِّد الإنفاق عند الحدود التي بلغها العام السابق. وقال كريس شيروود، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، إنه لما كان انتشار القوات الأمريكية في الشرق الأوسط غير مخطط له، فقد اضطرت الوزارة إلى سحب الأموال اللازمة لهذا الانتشار من عمليات أخرى، ومن حسابات تكاليف الصيانة.
وقد وقَّع الرئيس الأمريكي جو بايدن بالموافقة على هذا الإجراء المؤقت خلال هذا الشهر، لتجنب الإغلاق الحكومي، وحتى يتمكن نواب الكونغرس من الاتفاق على مشروع قانون الإنفاق للعام بأكمله.
واشنطن تبحث عن مصادر لتمويل الاحتلال
هكذا اضطرت وزارة الدفاع الأمريكية إلى التفتيش في حساباتها بحثاً عن مخصصات يمكن الاقتطاع منها لتعزيز القوات في الشرق الأوسط، إلا أن ذلك أدى إلى تقليل الأموال المتاحة لديها للتدريب والمناورات وعمليات الانتشار التي خطط لها الجيش الأمريكي بالفعل هذا العام.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع إن الوزارة قد تتأخر في سداد بعض المدفوعات المرتبطة بتعاقدات الجيش، "فقد دفعتنا الأحداث الحالية إلى مراجعة بعض الافتراضات عن الاحتياجات التشغيلية الموضوعة في ميزانية الرئيس للسنة المالية 2024. وعلى وجه التحديد لم يتضمن طلب الميزانية الأساسية ولا الطلب التكميلي للسنة المالية 2024 تمويل العمليات الأمريكية المتعلقة بإسرائيل"، ومن ثم "فإننا نستخرج الأموال من مخصصات أخرى".
والخلاصة أن تعزيز الحشد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط- الذي شمل إرسال مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية "جيرالد فورد" إلى شرق البحر المتوسط- قد اضطر الإدارات العسكرية والقيادة المركزية الأمريكية إلى مراجعة متطلبات العمليات الحالية والمستقبلية، على أساس تطورات الصراع الجاري واحتياجاته.
فيما قالت وزارة الدفاع الأمريكية، الثلاثاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني، إنها لا تزال تعمل على إصدار التقدير الإجمالي لتكلفة الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل.
قلق في وزارة الدفاع الأمريكية
يأتي ذلك فيما حذر كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية في السنوات الماضية من الضرر الذي تسببه تدابير التمويل المؤقتة على الاستعدادات العسكرية للقوات الأمريكية، وقالوا إن العمل بموجب إجراءات مؤقتة يمنع الإدارات من الشروع في برامج جديدة أو تجاوز حدود الإنفاق المرتبطة بميزانية العام السابق. وقد صار هذا العبء الواقع على كاهل وزارة الدفاع الأمريكية أثقل من المعتاد، لأن الوزارة باتت تدعم حربين في وقت واحد: واحدة في أوكرانيا، وأخرى في إسرائيل.
فيما قالت كاثلين هيكس، نائبة وزير الدفاع، خلال فعالية أقيمت يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني في واشنطن: "لقد اعتدنا اجتياز الأمر بالاعتماد على إجراءات التمويل المؤقتة لمشروعات الإنفاق غير المخطط لها، لكن لذلك الأمر عواقب وخيمة، وله ثمن سيُدفع، فلا أحد يمكنه إعادة شراء الوقت، لا أحد يستطيع".
وذهبت نائبة وزير الدفاع الأمريكي في تقديراتها إلى أن تأثير إبقاء البنتاغون تحت سقف الإنفاق المؤقت (إلى حين إقرار الميزانية) يعني فعلياً تخفيض إنفاق الوزارة بمقدار 35 مليار دولار. وقالت: "يقع علينا بناء الثقة مع الكونغرس، لإنجاز ما نريد إنجازه"، "لكن حقيقة الأمر أن بناء الثقة يستلزم العمل من الطرفين، ونحن نواجه مشكلة حقيقية في الثقة بأن شركاءنا في الكونغرس قادرون على إتمام ما يتعين عليهم عمله، لكي نتمكن من بلوغ الأهداف الموضوعة".
تنتهي صلاحية إجراءات التمويل المؤقتة، في 2 فبراير/شباط، وبعدها يقع الأمر على نواب الكونغرس لتمرير مشروع قانون الإنفاق للعام بأكمله. أما إذا استمرت الخلافات في الكونغرس حتى شهر أبريل/نيسان، فإن البنتاغون والوكالات الفيدرالية الأخرى ستواجه خفضاً شاملاً في الإنفاق بنسبة 1%.