في الوقت الذي تواصل فيه قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي حربها على قطاع غزة، قال أبو عبيدة، الناطق الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن عناصر المقاومة تمكنت في 4 أيام فقط من إعطاب وتدمير 62 آلية عسكرية لجيش الاحتلال، وقتلت ما لا يقل عن 9 جنود خلال عمليتين منفصلتين خلال الأسبوع الماضي.
وفي ختام جزء من خطابه وجَّهه للإسرائيليين الذين يتابعون المشهد، قال أبو عبيدة إن عدد قتلى جنودهم أكثر بكثير مما تعلنه الحكومة بشكل رسمي.
وتابع في إشارة للأسرى الإسرائيليين لدى حماس بقوله "عرضنا إتمام صفقة تبادل منذ بداية المعركة، ونحيطكم علماً بأن قيادتكم تضللكم، ويبدو أنها قررت أن تجعل مصير أسراكم الفقد والضياع مثل رون أراد".
هذا التصريح أثار الكثير من الجدل والتساؤل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من الدول العربية، حيث تساءل المتابعون عن قصة هذا الأسير الإسرائيلي الذي ذُكر اسمه في الخطاب.. فمن هو رون أراد؟
طيار مفقود يلف مصيره الكثير من الغموض
رون أراد هو طيار في سلاح الجو الإسرائيلي، تم أسره خلال حرب لبنان الأولى، واعتُبر بشكل رسمي "مفقوداً أثناء القتال". واستمر هذا التوصيف لمدة 30 عاماً تقريباً بسبب استمرار الغموض حول مصيره.
وقد تم القبض على الطيار والملاح في سلاح الجو الإسرائيلي، في 16 أكتوبر/تشرين الأول عام 1986، بعد القفز بالمظلة من طائرته الفانتوم أثناء مشاركته في هجوم الاحتلال خلال حرب لبنان الأولى.
وفيما تمكنت طائرة كوبرا إسرائيلية من استعادة ربان الطائرة، إلا أنها فشلت في تحديد موقع أراد الذي كان مساعداً للطيار.
أراد، البالغ عمره 28 عاماً في ذلك الوقت، شوهد آخر مرة وهو يخرج بالمظلة من طائرته الفانتوم التابعة للجيش الإسرائيلي، وقد تباينت تفسيرات ما حدث للطيار في التصريحات الرسمية الإسرائيلية التي قالت إنه من المحتمل أن يكون قد هبط في منطقة صيدا، وتم القبض عليه من قبل أعضاء حركة أمل الشيعية اللبنانية، الذين نقلوه بعد ذلك إلى بيروت.
رفض صفقة تبادل مع حركة أمل اللبنانية
يُعتقد أنه في ذلك الوقت كان محتجزاً من قبل رئيس الأمن في حركة أمل آنذاك، مصطفى الديراني. بدوره أعلن زعيم حركة أمل نبيه بري أن حركته تحتجز رون أراد واقترح تبادل أسرى مع الاحتلال الإسرائيلي مقابل تحرير 450 معتقلاً لديه، إضافة لـ3 ملايين دولار، لكن المفاوضات انهارت ورفض الجانب الإسرائيلي الصفقة.
في العام 1987 تلقت الحكومة الإسرائيلية رسائل مكتوبة بخط اليد وصورة لأراد وهو ملتحٍ، كدليل على أنه لا يزال على قيد الحياة.
ثم في أوائل عام 1988 قطع الديراني علاقاته مع حركة أمل بسبب الخلافات الأيديولوجية، وقد أخذ معه رون أراد. وفي ذلك العام قام بتشكيل جماعة جديدة أطلق عليها اسم "المقاومة المؤمنة".
ظل أراد أسيراً لدى جماعة الديراني حتى بداية عام 1989، وبعد مفاوضات بين الحركة الجديدة والإيرانيين، تم تسليم رون أراد إلى الحرس الثوري الإيراني مقابل مبلغ مالي ضخم.
استخلاص أية معلومات عن الطيار المفقود
اعتقلت القوات الإسرائيلية الديراني عام 1994 واستجوبته بشأن الطيار الإسرائيلي المفقود رون أراد، لكنه لم يكن يعرف مكان وجود الطيار بعد تسليمه لإيران. وتدور معظم المعلومات الإسرائيلية حول الطيار المفقود من جلسات الاستجواب تلك.
وبحلول العالم 1998، ادعى نجل قائد سابق في الحرس الثوري الإيراني، ويعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، أن لديه معلومات تتعلق بأراد يمكنه مشاركتها مع سلطات الاحتلال مقابل مبلغ من المال، إلا أن مطالبه المالية كانت مرتفعة للغاية، ورفضت الحكومة الإسرائيلية العرض.
لجنة تحقيق إسرائيلية تحدد مصير رون أراد
في وقت لاحق، حاولت لجنة تم تشكيلها في عام 2004 معرفة مصير أراد بناءً على نصوص الاستجواب من الديراني والمعلومات الاستخبارية التي تم جمعها منذ هذا التاريخ.
وخلصت اللجنة إلى أنه كان محتجزاً في طهران بإيران ابتداء من عام 1990، ولكن من المرجح أنه تم نقله بعد ذلك إلى لبنان واحتجازه في منشأة تابعة للحرس الثوري الإيراني.
وأعلنت اللجنة أن رون أراد توفي في تلك المنشأة في وقت ما بين عامي 1995 و1997 ودُفن في مكان مجهول.
وقد تم حجب هذه المعلومات من قبل الحكومة الإسرائيلية، ولكن تم نشرها بعد التماس قدَّمه صحفي إسرائيلي إلى المحكمة العليا.
وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، فإنه بغض النظر عن نتائج هذه اللجنة، أعلن المسؤولون الإسرائيليون أنهم يواصلون البحث عن أراد حتى يعثروا على دليل موثوق على أنه مات بالفعل.
مصير غامض رغم غلق الملف
صرَّح زعيم حزب الله حسن نصر الله في عام 2006، بأنه يعتقد أن أراد قد مات، وأن رفاته مفقودة. وقد تلقت إسرائيل من الحركة رسالة عمرها عقدان من الزمن، كتبها أراد إلى عائلته في أواخر عام 2007.
في ذلك الوقت لم يتم تقديم المزيد من المعلومات رغم أن حزب الله أجرى تحقيقاً داخلياً، وقدم تقريراً إلى لجنة تابعة للأمم المتحدة للتوسط بين لبنان وإسرائيل.
ثم في أكتوبر/تشرين الأول عام 2016، كشفت تقارير صحفية أن تحقيقاً مشتركاً أجراه الموساد والمخابرات العسكرية للجيش الإسرائيلي، بناءً على معلومات جديدة تم تلقيها خلال العامين الماضيين، خلص إلى أن أراد قد توفي على الأرجح في العام 1988.