أعلن الأردن إرسال مستشفى ميداني إلى مدينة نابلس، وهو ما أثار تساؤلات ومخاوف لدى أهالي الضفة الغربية المحتلة، في ظل ما تعيشه المدن والبلدات من هجمات واقتحامات من قوات الاحتلال والمستوطنين، وتهديدات بتهجيرهم من الضفة بعد انتهاء الحرب على قطاع غزة.
ومنذ إعلان الجيش الأردني، في بيان الخميس 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حتى تسارعت عمليات الإعداد والبناء بشكل سريع وملاحظ.
وذكر بيان الجيش أنه "بتوجيهات من الملك عبد الله الثاني، أرسلت القوات المسلحة الأردنية مستشفى ميدانياً إلى نابلس؛ لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمرضى والمصابين".
وبحسب البيان، فإن المستشفى يضم "فريقاً طبياً متكاملاً من جميع الاختصاصات ومساعدات طبية وعلاجية متنوعة، للمساهمة في تقديم الخدمة الطبية والعلاجية للأهل في نابلس".
بحسب البيان، فسيتكون المستشفى من "سبع قاطرات، تضم غرفتي عمليات، وغرفتين للعناية الفائقة، وخمسة عشر سريراً؛ لإجراء العمليات الجراحية التي يتم تحويلها وإخلاؤها إلى المستشفى، إضافة إلى مختبر وصيدلية وأشعة وعيادة أسنان، وغرفة تعقيم"، وفق البيان.
ولفت الجيش الأردني إلى أن إرسال المستشفى الميداني إلى نابلس يأتي "استمراراً للجهود التي تقدمها المملكة الأردنية الهاشمية لدعم صمود الأهل في الضفة الغربية".
وأكد استمرار عمل بقية المستشفيات والمحطات الجراحية الأخرى وهي: المستشفى الميداني الأردني في غزة والمحطة الجراحية في جنين والمحطة الجراحية في رام الله.
وأثارت التحركات السريعة بعض المخاوف، تحدث عنها مغرّدون عبر مواقع التواصل بشكل كبير في اليومين الماضيين.
حيث قال "نشاب" وهو حساب أردني يتابع 14 ألف متابع: "إن القوات المسلحة الأردنية أرسلت مستشفىً ميدانياً متنقلإً إلى نابلس في الضفة الغربية لاستشعار الأردن أن هناك حدثاً كبيراً قادماً، كما تم ارسال 45.000 طن من الحبوب، وإرسال 7 شاحنات من الأدوية لمخازن الضفة الغربية"، بحسب ما قال.
فيما قال خالد عودة الله وهو باحث وأستاذ جامعي فلسطيني في تغريدة: "من حق الناس أن تتساءل وتتخوف من توقيت وصول المشفى الميداني الأردني في نابلس، ويزيد الأمور سوءاً غياب الثقة بالمؤسسة الرسمية وتصريحاتها.. كل ذلك في الوقت الذي تحولت فيه كلمة مستشفى إلى مرادف للرعب في فلسطين في ضوء مجزرة غزة المفتوحة، وتصاعد العنف الدموي لعمليات الجيش الصهيوني كماً ونوعاً في الضفة وخاصة في المحافظات الشمالية، وتحفز ميليشيات المستوطنين للشروع في هجمات في الضفة.. حقيقة، تعيش الضفة حالة مرعبة من انعدام القيادة والعمل الجاد على المستوى الشعبي والاجتماعي لبناء تصور؛ ومن ثم آلية دفاعية عن المجتمع تمتد من الإعلام إلى كل ما يلزم لمهمة كهذه، بعيداً عن التهويل، ولكن واضح أن معركة غزة والضفة واحدة في العقل الصهيوني، ولكن المسألة مسألة توقيت وتكتيك. وأما المشفى الأردني فلا يعدو وصوله على الأرجح مسألة العلاقات العامة والقول بدعم الشعب الفلسطيني لتخفيف الاحتقان في الشارع الأردني والتحسب للمستقبل لن يكون الأردن بمنأى عنه في ضوء التصعيد المستمر في فلسطين".
وأظهرت فيديوهات نشرتها وسائل إعلام أردنية وناشطون وصول التجهيزات وبدء الإعدادات للمستشفى وهو الذي تم بسرعة قياسية.
تهديدات بالترحيل
وبينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي مجازره في قطاع غزة، كشفت منظمات حقوقية وشهود عيان أن الضفة الغربية المحتلة تشهد كذلك حملة مكثفة يشنها المستوطنون اليهود، بدعمٍ من جنود الاحتلال، لتهجير السكان الفلسطينيين المستضعفين، في أكبر حملة تهجير يتعرض لها أهالي الضفة منذ عقود.
حيث نقلت مجلة The Foreign Policy الأمريكية، عن درور إتكس، مدير ومؤسس مجموعة "كِرم نابوت" المعنية بمراقبة سياسات الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية، أن المستوطنين يتخذون الحرب الجارية غطاء لهم، ويستغلونها في "السعي لإعادة رسم الخريطة الديموغرافية للضفة الغربية".
كما يقول إتكس إن المستوطنين يسعون إلى طرد الفلسطينيين من المنطقة (ج) -وهي المناطق النائية الريفية في أراضي الضفة الغربية المحتلة، والتي يرى المجتمع الدولي أنها جوهر الدولة الفلسطينية المزمعة في المستقبل- وحصرهم في عدة جيوب بالمنطقة (أ)، التي تشمل المراكز الحضرية في الإقليم.
يرى إتكس أيضاً أن المستوطنين والمسؤولين الإسرائيليين يرون في الحرب الجارية على قطاع غزة فرصة لتوسيع نطاق خطواتهم بتكثيف العنف المسلَّط على الأهالي الفلسطينيين في الضفة الغربية وترهيبهم.
في غضون ذلك، تكاثرت الدعوات المطالبة بالطرد الجماعي للفلسطينيين من منازلهم في كل من الضفة الغربية وغزة منذ بدء الحرب، وقالت جماعات حقوقية إن الرأي العام الإسرائيلي يشهد تعميماً لخطاب المطالبة بطرد الفلسطينيين وتهجيرهم.
من الأمثلة الفجة على ذلك، اقتراح وزارة الاستخبارات الإسرائيلية الترحيل الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، والذي ورد في تقرير للوزارة بشأن الحرب الجارية.
فيما روَّج بعض النواب المتشددين في الكنيست خطاب التحريض على الترحيل الجماعي، ومنهم أرييل كالنر من حزب الليكود الحاكم. ففي منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، حثَّ كالنر السلطات على إلحاق نكبة أقسى بالفلسطينيين من تلك التي لحقت بهم بين عام 1947 وعام 1949.
بينما تخشى المنظمات الحقوقية أن يُسهم هذا الخطاب في إضفاء الشرعية على العنف الذي يتعرض له المدنيون الفلسطينيون، لا سيما أن هجمات المستوطنين زادت زيادة كبيرة منذ بداية الحرب.
فقد أشار مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى أن هذه الهجمات قد زاد متوسطها اليومي من 3 إلى 7 هجمات. ويزيد على ذلك أن جيش الاحتلال يشارك أيضاً في أعمال العنف، وقال المكتب إن قوات الأمن الإسرائيلية رافقت المستوطنين في أكثر من نصف هذه الهجمات.