تشهد جامعة كولومبيا الأمريكية احتجاجات بعد تجميد نشاط مجموعتين طلابيتين حتى نهاية الفصل الدراسي، بسبب تنظيمهما تظاهرات تطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، في حين وجّهت الجامعة لهما تهمة "الانتهاك المتكرر" لقواعدها، الأمر الذي دفع الطلاب إلى تأسيس ائتلاف جديد، يهدف إلى دعوة جامعة كولومبيا لسحب استثماراتها من إسرائيل.
صحيفة The New York Times الأمريكية، قالت إن ما يقرب من 400 طالب حملوا الأعلام الفلسطينية ولافتات مصنوعة يدوياً، مساء الثلاثاء 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وتناوب المتظاهرون التحدث عبر الميكروفون، وأدانوا الحرب الإسرائيلية على غزة، وانتقدوا جامعتهم لأنها قررت تجميد مجموعتين طلابيتين مؤيدتين للفلسطينيين حتى نهاية الفصل الدراسي.
إلى ذلك، قال محسن مهداوي، 33 عاماً، وهو طالب بجامعة كولومبيا ولاجئ فلسطيني: "لقد قلنا ذلك من قبل، إن أصواتنا أعلى وأقوى من أصوات أصحاب الأموال، يا جامعة كولومبيا"، و"لن تتمكنوا من إخراس أصواتنا".
وفي الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني، شارك نحو 200 من أعضاء هيئة التدريس في مسيرة احتجاجية على قرار تجميد مجموعة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، ومجموعة "الصوت اليهودي من أجل السلام".
وفي المظاهرة، تلا الأساتذة والخريجون ومحتجون بيانات في التضامن مع المجموعتين وأعضائهما، بينما حلّقت مروحية تابعة للشرطة في سماء المنطقة. وانضم مئات من الطلاب إلى الحشد لتأييد أعضاء هيئة التدريس أثناء تحدثهم.
من جهتها، سألت بريميلا ناداسن، أستاذة التاريخ في كلية بارنارد، إدارة الجامعة في استنكار: "أين شجاعتكم الأخلاقية؟"، و"نحن هنا لنقول للطلاب: إنهم [إدارة الجامعة] يستطيعون إيقاف مجموعة ما، لكن لن يستطيعوا إيقاف تيار متدفق".
وبحسب الصحيفة، فقد زاد انتشار هذه المشاهد والاحتجاجات في مدينة نيويورك وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة، وزادت معها حدة الأزمة التي تصارعها الجامعات في ظل تداعيات الحرب على غزة.
فعلى الرغم من أن الخلافات بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حاضرة في الجامعات منذ أجيال، فإن سياق الحرب الحالية واستمرارها وارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة، كل ذلك زاد من الانتقادات الموجهة للجامعات، التي اكتفت بجهود خافتة في احتواء الخلاف المحتدم بداخلها، وفقاً للصحيفة.
والأسبوع الماضي، أوقفت جامعة كولومبيا المجموعتين المؤيدتين لفلسطين، وعللت ذلك بأن المجموعتين انتهكتا سياسة الجامعة. ومع ذلك، لم توضح الجامعة ماذا فعلت المجموعتان بالضبط، ما عدا القول إنهما نظمتا فعاليات "غير مصرح بها"، تضمنت "خطاب تهديد وترهيب"، لكنها لم تكشف عن معالم هذا الخطاب.
"رقابة انتقائية"
بعد تجميد النشاط، أصدرت المجموعتان بياناً مشتركاً على إنستغرام، اتهمتا فيه الجامعة بممارسة "رقابة انتقائية" على المجموعات المؤيدة للفلسطينيين، ووصفتا هذه الخطوة بأنها "هجوم على حرية التعبير لصرف الانتباه عن حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وتمكين استمرارها".
في المقابل، ضغط مانحون مؤيدون لإسرائيل على هذه المؤسسات؛ للإعلان صراحة عن إدانة حماس والتصرف بحزمٍ في مواجهة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات.
وفي سياق الإضراب الذي عقده أعضاء هيئة التدريس في جامعة كولومبيا، قال جوزيف هاولي، أستاذ الأدب الكلاسيكي، إن الرقابة على خطاب الطلاب تجعل وظيفته "أصعب ألف مرة"، وأبدى معارضته لموقف الجامعة، ووصفها خطاب الطلاب المؤيد للفلسطينيين بأنه مصدر تهديد.
وتابع: "إن هذه الاتهامات هي التي تدفعني للاحتجاج اليوم، والقيام بأمر لم أفعله من قبل، واضطررت إلى فعله وأنا بعيد كل البعد عن الارتياح لذلك، وهو التحدث بصفتي عضواً يهودياً في هيئة التدريس بهذه الجامعة".
ائتلاف جديد
ردَّ طلاب جامعة كولومبيا على تجميد المجموعتين المؤيدتين للفلسطينيين بالإعلان عن ائتلاف جديد، اسمه "ائتلاف جامعة كولومبيا لسحب الاستثمارات من دولة الفصل العنصري".
والائتلاف مكون من 40 مجموعة طلابية تمثل طائفة كبيرة من الطلاب الذين تختلف انتماءاتهم العرقية والإثنية والدينية، لكنهم يجمعون على دعوة جامعة كولومبيا إلى سحب استثماراتها من إسرائيل.
وقال دين حليم، وهو طالب بكلية الحقوق وابن لاجئ فلسطيني ومشارك في الائتلاف الطلابي، إن قرار جامعة كولومبيا تجميد المجموعتين المؤيدتين للفلسطينيين استفز طلاب الجامعة، فكأن الإدارة تقول للطالب الفلسطيني: "مأساتك لا تهمني في شيء"، و"لا يمكنك التحدث عن أهلك وشعبك، حتى لو كانوا يموتون".
بينما أوضحت مريم علوان، وهي طالبة أمريكية من أصل فلسطيني وعضو في مجموعة طلاب من أجل العدالة في فلسطين، أنها صارت تخشى الذهاب إلى المحاضرات لأن زملاءها أخذوا يتحرّشون بها في الحرم الجامعي. وقالت إنها تلقت رسائل كثيرة تهددها بالقتل.
وعلى الرغم من ذلك، قالت مريم في المظاهرة التي شهدتها الجامعة يوم الثلاثاء 14 نوفمبر/تشرين الثاني، إن الرسائل التي ترسلها الجامعة إلى الطلاب بشأن الحرب الجارية، نادراً ما تتطرق إلى محنة الفلسطينيين، و"أصدقائي يفقدون أفراداً من عائلاتهم كل يوم"، و"أرى أخي الصغير في كل صورة تُنشر لطفل مصدوم" من آثار القصف والغارات الإسرائيلية. "لذا ألح على جامعتي أن تستخدم على الأقل كلمة فلسطيني في رسائل البريد الإلكتروني التي ترسلها".
رداً على ذلك، قالت سامانثا سلاتر، المتحدثة باسم جامعة كولومبيا، في بيان نُشر الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني، إن الجامعة ملتزمة بأن تتيح للمجموعات الطلابية فسحة للنقاش والاحتجاج، ولكن هذه الفسحة تخضع لحدود معينة، و"لن تعتذر الجامعة عن تطبيق سياساتها والتدابير المعمول بها ليكون الحرم الجامعي آمناً، ويتيسر إجراء الأنشطة الجامعية الأساسية فيه دون انقطاع".