قالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن البيت الأبيض "يشعر بالإحباط بشكل متزايد" إزاء سلوك إسرائيل في الحرب على غزة، مع تزايد عدد الشهداء إلى أكثر من 11 ألفاً، وعدم الاستجابة لدعوات الإدارة الأمريكية بشأن الهدنة.
ورأت الوكالة أن ذلك يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الحليفين المقربين، مشيرة إلى أن مسؤولي الإدارة الأمريكية يجرون ما يصفونه بمحادثات "أكثر صعوبة" مع نظرائهم الإسرائيليين في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة تأطير الصراع.
إلا أن عدة أشخاص مطلعين على تلك المحادثات، وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لارتباطها بمداولات خاصة، قالوا إن المساعي الأمريكية إنما تُقابل "بالتجاهل" من إسرائيل.
تزايد نفاد صبر واشنطن
وقال المسؤولون إن الإدارة كثفت رسائلها الخاصة إلى إسرائيل مع تزايد نفاد الصبر، لكن في الوقت نفسه لا تزال الإدارة تفي بطلبات الأسلحة الإسرائيلية، ولم تهدد حتى الآن بأية عواقب ضد شريكها الرئيسي في المنطقة.
تسلط المحادثات المتوترة الضوء على مخاطر استراتيجية إدارة بايدن، التي ارتكزت إلى حد كبير على فكرة أن الاحتضان العلني الوثيق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من شأنه أن يفتح المجال خلف الكواليس لإيصال رسائل صارمة وتأطير سلوك إسرائيل في الحرب.
لكن ثبت أن هذا توازن صعب مع تصعيد إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، كما تعرضت الإدارة أيضاً لضغوط متزايدة من الحلفاء العرب، الذين يقولون إن احتضان إدارة بايدن أعطى نتنياهو الضوء الأخضر للمضي قدماً.
في الوقت نفسه، تجاهل نتنياهو حتى الآن المخاوف الأمريكية بشأن الأمريكيين الذين لا يزالون محتجزين في غزة، ومئات الأمريكيين الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من مغادرة القطاع، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
في السياق، قال بريان كاتوليس نائب رئيس معهد الشرق الأوسط لشؤون الأبحاث: "إذا كانت خطة العمل الخاصة بإسرائيل تتمثل في الأساس في أنه 'كان هناك 30 ألف مقاتل من حماس وسوف نقتلهم جميعاً، ونعم سيكون هناك دماء وأضرار، ونحن نأسف لذلك'، فإن هذا أمر مثير للقلق".
أضاف: "ينتج عن ذلك أزمة إنسانية داخل غزة، وتنتج تهديدات للمواطنين الأمريكيين الذين لم يخرجوا بعد، وربما يؤدي إلى تصعيد التوتر في جميع أنحاء المنطقة".
غضب أمريكي
نقطة التوتر الأخرى هي مستقبل قطاع غزة، حيث تحوّل نتنياهو من القول بأن إسرائيل لا تريد احتلال المنطقة مرة أخرى إلى التعهد ببقاء القوات الإسرائيلية هناك إلى أجل غير مسمى، مما أثار ردود فعل إقليمية ودولية.
في سياق متصل، قال المسؤولون إن الولايات المتحدة تحذر مراراً وتكراراً بشأن ضرورة حماية إسرائيل للمدنيين خلال حربها على غزة، لافتين إلى أنه عندما سألت الولايات المتحدة عما حدث عندما قصفت إسرائيل مخيم جباليا بالقطاع وارتكبت مجزرة هناك؛ كان الرد الإسرائيلي شبه رافض، زاعماً أن "الهدف قد تحقق".
ورفض مسؤولون إسرائيليون التعليق على المحادثات، لكن المسؤولين الإسرائيليين أقروا بأنهم لا يستطيعون الاستمرار في الحملة إلا لفترة طويلة، وفق بلومبرغ.
مؤخراً، بدأت الولايات المتحدة في جعل غضبها الداخلي تجاه إسرائيل أكثر علانية، حيث قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، إن "عدداً كبيراً جداً من الفلسطينيين قتلوا".
بينما قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن "استخدام حماس للمدنيين كدروع لا يقلل من مسؤولية إسرائيل عن التصرف بطرق تفصل الإرهابيين عن المدنيين"، وفق تعبيره.
كما سمح بايدن لبعض إحباطاته بالظهور أيضاً، وقال للصحفيين، الإثنين 13 نوفمبر/تشرين الثاني، إنه "لم يكن متردداً في التعبير عن مخاوفه" بشأن القتال في مستشفيات غزة، والأسبوع الماضي قال بايدن كذلك إن الجهود المبذولة لتنفيذ هدنة إنسانية في القتال "استغرقت وقتاً أطول قليلاً مما كنت آمل".
ضغوط الشركاء
ويعود جزء من نفاد صبر الولايات المتحدة المتزايد إلى الضغوط التي يمارسها الشركاء الآخرون، وخاصةً في العالم العربي، ويعتقد بعض القادة أن احتضان بايدن لنتنياهو، واجتماعه مع حكومة الحرب خلال زيارته لإسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعطى الضوء الأخضر للحملة التي تتكشف الآن.
بدورها، قالت كارين يونغ، الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: "هناك إحباط هائل تجاه الولايات المتحدة، وما يعتبره الكثيرون افتقاراً لمصداقية إدارة بايدن"، مضيفة "سوف يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لاستعادة الشعور بالثقة".
لكن وسط هذه المخاوف مضت الولايات المتحدة قدماً في تقديم الدعم المالي والعسكري لإسرائيل، بما في ذلك توفير بعض الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في حملة القصف، ويشمل ذلك قذائف مدفعية من عيار 155 ملم، أثارت احتجاجات جماعات الإغاثة بسبب ضعف دقتها.
ولليوم الـ40 يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت 11 ألفاً و320 شهيداً فلسطينياً، بينهم 4650 طفلاً و3145 امرأة، فضلاً عن 29 ألفاً و200 مصاب، 70% منهم أطفال ونساء، وفق مصادر رسمية فلسطينية.