تحرك وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الإثنين 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، للتعامل مع الانتقادات المتزايدة داخل صفوف الوزارة بشأن سياسة إدارة الرئيس جو بايدن مع الحرب في غزة؛ إذ دعا مئات من موظفي الحكومة بشكل علني وفي أحاديث خاصة إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وقالت مصادر مطلعة على الأمر إن ما لا يقل عن ثلاث برقيات تنتقد سياسة الإدارة أرسلت عبر "قناة المعارضة" الداخلية بالوزارة، والتي تأسست خلال حرب فيتنام وتسمح للدبلوماسيين بإثارة المخاوف بشأن السياسة مع وزير الخارجية دون الكشف عن هوياتهم.
وتركز الانتقادات على دعم بايدن الراسخ لإسرائيل في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية، رداً على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
ورفضت واشنطن دعوات من زعماء عرب وفلسطينيين وآخرين لمطالبة إسرائيل بوقف هجومها على قطاع غزة، لكنها دعت إلى فترات توقف مؤقتة للسماح بدخول المساعدات وإجلاء الأمريكيين والأجانب.
بلينكن يحاول احتواء الأزمة بوزارته!
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى موظفي وزارة الخارجية أقر بلينكن، الذي عاد لتوه من رحلة استغرقت تسعة أيام إلى الشرق الأوسط وآسيا، بالأثر العاطفي الذي أحدثه الصراع على العاملين، وكذلك بالانقسامات المحتملة داخل القيادات حول السياسة.
إذ قال بلينكن في الرسالة التي حصلت عليها وكالة رويترز: "أعلم أن المعاناة التي سببتها هذه الأزمة بالنسبة للكثيرين منكم لها أثر كبير على المستوى الشخصي"، وأضاف: "المعاناة المصاحبة لرؤية صور يومياً للرضع والأطفال والمسنين والنساء وغيرهم من المدنيين الذين يعانون في هذه الأزمة أمر مؤلم. وأنا شخصياً أشعر بذلك".
وتابع المسؤول الأمريكي في رسالته: "أعلم أيضاً أن بعض الأشخاص في الوزارة قد يختلفون مع الأساليب التي نتبعها أو لديهم وجهات نظر حول ما يمكننا القيام به بشكل أفضل. لقد نظمنا منتديات في واشنطن للاستماع إليكم، وشجعنا المديرين والفرق على إجراء مناقشات صريحة مع العاملين حول العالم على وجه التحديد، حتى نتمكن من سماع تعليقاتكم وأفكاركم. لقد طلبت من قيادتنا العليا الاستمرار في القيام بذلك".
ويشار إلى أن موقع هافينجتون بوست هو أول من أورد تقريراً عن هذا البريد الإلكتروني.
دعم واسع لفلسطين
وتأتي رسالة بلينكن وسط احتجاجات في الولايات المتحدة ودول أخرى تطالب بوقف إطلاق النار، وقلق واسع النطاق بين المسؤولين بشأن تعامل الولايات المتحدة مع أزمة الشرق الأوسط. وأعلن أحد مسؤولي وزارة الخارجية استقالته وقال إنه يعارض استمرار تقديم مساعدات لإسرائيل تتسبب في سقوط قتلى، على حد قوله.
وفي الأسبوع الماضي، نشر أكثر من 500 شخص، عملوا في حملة بايدن الانتخابية عام 2020، رسالة تدعو الرئيس إلى دعم الوقف الفوري لإطلاق النار. ونظمت مجموعة من موظفي الكونغرس وقفة احتجاجية في وقت سابق في مبنى الكابيتول للمطالبة بوقف إطلاق النار، بحسب صور تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينما تشير بعض المصادر إلى وجود "إحباط عميق" بين العاملين في وزارة الخارجية، يقول عدد من المسؤولين إن ترحيب قيادة الوزارة بمجموعة متنوعة من الأصوات من غير المرجح أن يغير سياسة بايدن بشكل جذري.
وفي مؤتمر صحفي، قال المتحدث باسم الوزارة ماثيو ميلر إن بلينكن التقى بعدد من الأشخاص من مكاتب مختلفة داخل الوزارة للاستماع إلى آرائهم حول السياسة المتعلقة بالحرب في غزة، وأضاف ميلر: "إنه يشجع الناس على تقديم تعليقات. ويشجع الناس على التحدث إذا اختلفوا. وهذا لا يعني أننا سنغير سياستنا بناءً على ما يختلفون عليه".ومنذ 38 يوماً، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت أوضاعاً إنسانية وصحية كارثية، إذ قتل وأصيب الآلاف، بينما نزح نحو 1.5 مليون نسمة من أصل 2.3 مليون من منازلهم جراء القصف المتواصل ومنع إمدادات الغذاء والماء والأدوية والكهرباء والوقود.