بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي مجازره في قطاع غزة، كشفت منظمات حقوقية وشهود عيان أن الضفة الغربية المحتلة تشهد كذلك حملة مكثفة يشنها المستوطنون اليهود، بدعمٍ من جنود الاحتلال، لتهجير السكان الفلسطينيين المستضعفين، في أكبر حملة تهجير يتعرض لها أهالي الضفة منذ عقود.
حيث نقلت مجلة The Foreign Policy الأمريكية، في تقرير لها، الأربعاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن درور إتكس، مدير ومؤسس مجموعة "كِرم نابوت" المعنية بمراقبة سياسات الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية، إن المستوطنين يتخذون الحرب الجارية غطاء لهم، ويستغلونها في "السعي لإعادة رسم الخريطة الديموغرافية للضفة الغربية".
طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية
كما يقول إتكس إن المستوطنين يسعون إلى طرد الفلسطينيين من المنطقة (ج) -وهي المناطق النائية الريفية في أراضي الضفة الغربية المحتلة، والتي يرى المجتمع الدولي أنها جوهر الدولة الفلسطينية المزمعة في المستقبل- وحصرهم في عدة جيوب بالمنطقة (أ)، التي تشمل المراكز الحضرية في الإقليم.
يرى إتكس أيضاً أن المستوطنين والمسؤولين الإسرائيليين يرون في الحرب الجارية على قطاع غزة فرصة لتوسيع نطاق خطواتهم بتكثيف العنف المسلَّط على الأهالي الفلسطينيين في الضفة الغربية وترهيبهم.
في غضون ذلك، تكاثرت الدعوات المطالبة بالطرد الجماعي للفلسطينيين من منازلهم في كل من الضفة الغربية وغزة منذ بدء الحرب، وقالت جماعات حقوقية إن الرأي العام الإسرائيلي يشهد تعميماً لخطاب المطالبة بطرد الفلسطينيين وتهجيرهم.
من الأمثلة الفجة على ذلك، اقتراح وزارة الاستخبارات الإسرائيلية الترحيل الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، والذي ورد في تقرير للوزارة بشأن الحرب الجارية.
فيما روَّج بعض النواب المتشددين في الكنيست خطاب التحريض على الترحيل الجماعي، ومنهم أرييل كالنر من حزب الليكود الحاكم. ففي منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، حثَّ كالنر السلطات على إلحاق نكبة أقسى بالفلسطينيين من تلك التي لحقت بهم بين عام 1947 وعام 1949.
زيادة الهجمات مع بدء حرب غزة
بينما تخشى المنظمات الحقوقية أن يُسهم هذا الخطاب في إضفاء الشرعية على العنف الذي يتعرض له المدنيون الفلسطينيون، لا سيما أن هجمات المستوطنين زادت زيادة كبيرة منذ بداية الحرب.
فقد أشار مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى أن هذه الهجمات قد زاد متوسطها اليومي من 3 إلى 7 هجمات. ويزيد على ذلك أن جيش الاحتلال يشارك أيضاً في أعمال العنف، وقال المكتب إن قوات الأمن الإسرائيلية رافقت المستوطنين في أكثر من نصف هذه الهجمات.
في أبرز مناطق التهجير بجنوب تلال الخليل، يقول الفلسطينيون والناشطون الحقوقيون الإسرائيليون إن المستوطنين يقتحمون المنازل، ويعتدون على المدنيين، ويطلقون النار، ويقطعون إمدادات الكهرباء، ويغلقون الطرق، ويُنذرون السكان بالمغادرة وإما القتل.
يمكن الاستدلال على هذه الحملة باختفاء التجمعات الفلسطينية على قمم التلال وفي أودية تلال جنوب الخليل، فقد صارت هذه المناطق خالية إلا من بعض المباني المتداعية.
حيث أُجبر الأهالي على الرحيل من 15 تجمعاً سكانياً تقع في جنوب تلال الخليل وغور الأردن وفي المناطق الرعوية شرق رام الله. وقالت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، إن هذه المناطق كانت تؤوي 133 عائلة فلسطينية، لكنها تعرضت لتهديد المستوطنين وأُجبر الأهالي على الفرار منها، وقدمت المجموعة سرداً تفصيلياً لأعمال العنف والتهديد التي تعرض لها السكان.