قال موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره الإثنين 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن مصر أخبرت الولايات المتحدة بأن هدف إسرائيل، المتمثل في القضاء على حركة حماس وحكمها في قطاع غزة، هدف حربي غير واقعي، وفقاً لمصادر مطلعة قريبة من الملف الفلسطيني، وعلى علم بتفاصيل الواقعة.
ويحذر المسؤولون المصريون على الدوام من قبول التهجير القسري للفلسطينيين، ويرفضون المحاولات الأمريكية للاضطلاع بدور أمني محتمل في غزة مستقبلاً. وينبع موقف مصر من رغبتها في وضع نهاية سريعة للحرب ومخاوفها من أن تؤدي حرب طويلة الأمد إلى زعزعة استقرار منطقة سيناء.
مصر ترفض تهجير أهالي غزة إلى سيناء
يشير الخبراء إلى أن دعوة إسرائيل إلى التهجير القسري للفلسطينيين دفع مصر إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً في هذه الحرب. ورفض الرئيس عبد الفتاح السيسي بشدة التهجير القسري، معتبراً إياه تصفية للقضية الفلسطينية.
وقال أيمن زين الدين، وهو دبلوماسي مصري كبير سابق، لموقع Middle East Eye: "محاولات التهجير القسري للفلسطينيين من غزة أوضحت أن إسرائيل قد تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري".
في حين يقول خبراء إن قبول تدفق اللاجئين سيكون مربحاً للحكومة المصرية التي تعاني أزمة اقتصادية، إذ قيل إن إسرائيل طرحت خطة لشطب ديون مصر الدولية مقابل استضافة اللاجئين في سيناء.
وقالت ميريت مبروك، مديرة برنامج مصر بمعهد الشرق الأوسط، لموقع Middle East Eye: "لكن مصر رفضت بشدة. ولا أظن أن الحوافز المالية ستؤثر عليها".
تولي مصر مسؤولية الأمن في غزة
في الوقت نفسه، رفضت مصر أيضاً خطة نشرها موقع Middle East Eye سابقاً، ناقش فيها مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون تولي مصر مسؤولية أمن قطاع غزة إلى حين تسليمه إلى السلطة الفلسطينية، في حالة هزيمة حماس.
وقال زين الدين: "لا شك عندي في أن مصر لن تسمح لإسرائيل بالاستعانة بها لإدارة أمن قطاع غزة… لأن هذا من شأنه أن يجعل مصر متواطئة في الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني"، وأكد مرة أخرى أن هذه الخطة ستشكل "تهديداً مباشراً" للأمن القومي المصري.
في الوقت نفسه قال خالد فهمي، الخبير في شؤون مصر بجامعة تافتس، إن "الرفض الذي يواجهه السيسي للتهجير القسري يأتي أولاً وقبل كل شيء من داخل الجيش. فسيناء خط أحمر بالنسبة للجيش المصري".
وقال كريم حجاج، الأستاذ في كلية الشؤون العالمية والسياسات العامة بالجامعة الأمريكية في القاهرة، لموقع Middle East Eye إن "الأولوية القصوى لمصر في الوقت الحالي هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتعزيز تمرير المساعدات الإنسانية إلى غزة لدرء احتمال التهجير القسري".
يُذكر أنه في عام 2008، صنعت حماس ثغرات في سياجها مع مصر وسمحت لآلاف الفلسطينيين بدخول سيناء في تحدٍّ للحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.
وقال الرئيس المصري آنذاك، حسني مبارك، إنه أعطى الأمر "بالسماح لهم بالدخول لتناول وشراء الطعام، ثم العودة، ما داموا لا يحملون أسلحة".
التضحية لحماية أراضي سيناء
فيما قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لزعماء القبائل والقادة العسكريين في سيناء إن الحكومة "مستعدة للتضحية بملايين الأرواح لضمان عدم تعدي أحد على أراضينا".
ويقول خبراء إن تركيز القاهرة على إدخال المساعدات إلى غزة دافعه الأساسي تجنب تكرار ما حدث عام 2008، الذي قد يضع جيش السيسي في موقف مزعج يواجه فيه الفلسطينيين المتضورين جوعاً بسبب الحصار الإسرائيلي.
مثل غيره من القادة العرب، يحاول السيسي أن ينحاز إلى موقف شعبه من إسرائيل. فاتخذ قراراً نادراً بالسماح بالاحتجاجات. وفي علامة على مخاطر هذا القرار، شق بعض المتظاهرين طريقهم إلى ميدان التحرير في القاهرة وهم يرددون شعار احتجاجات الربيع العربي عام 2011: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية".
وقالت ميريت مبروك: "بغض النظر عن مستوى المصري الذين تتحدث معه- وصولاً إلى الرئيس-هناك تعاطف حقيقي مع الفلسطينيين. لكن الاحتجاجات سلعة مجهولة. وما قد يبدأ بدعم لفلسطين قد يتغير كثيراً. أنا متأكدة من أن أحدهم يقضي ليالٍ طويلة في التفكير في هذا الأمر".
مكاسب اقتصادية لمصر
قال ريكاردو فابياني، من مجموعة الأزمات الدولية، إن مصر في موقف قوي يمكنها من انتزاع صفقات اقتصادية من الغرب، رغم رفضها قبول اللاجئين الفلسطينيين.
وهو يرى أن الولايات المتحدة وأوروبا يمكنهما الضغط على صندوق النقد الدولي لتخفيف متطلبات الإصلاحات الاقتصادية في مصر، لأن القاهرة تتطلع إلى زيادة قرضها من الصندوق من 3 مليارات دولار إلى 5 مليارات دولار.
وسبق لمصر أن حصدت مكاسب اقتصادية من حروب في الشرق الأوسط. فعام 1991، تمكنت من الحصول على إعفاء من نصف ديونها البالغة 20.2 مليار دولار المستحقة للولايات المتحدة وحلفائها مقابل الانضمام إلى التحالف ضد العراق في حرب الخليج الثانية.
وقال فابياني إن معظم ديون مصر هذه المرة مملوكة لهيئات خاصة، لذا ستبحث القاهرة عن مزايا في تعزيز موقفها المالي وإبرام اتفاق لمساعدة اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي. وقد تجدد دول الخليج أيضاً ودائعها في البنك المركزي المصري.
وقال فابياني: "مصر رسمت خطوطها الحمراء ورأت أنها تُحترَم. والآن يخشى الجميع من زعزعة استقرار مصر. وبطريقة غير متوقعة وغريبة، استفادت مصر من هذه الحرب".