منذ حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي، شن المستوطنون اعتداءات في مختلف محافظات الضفة الغربية، ويقول المزارع الفلسطيني عبد الرحيم عيسى إنه يمتلك نحو 80 ألف متر مربع من الأرض في قرية سنيريا بمحافظة قلقيلية شمال الضفة الغربية، جلّها مزروعة بأشجار الزيتون، لكنه هذا العام لم يستطع جني المحصول، بسبب عربدة سكان بؤرة استيطانية، شيّدت قبل نحو عامين على مقربة من قريته.
يأتي ذلك، وسط مخاوف رسمية وشعبية فلسطينية من تنفيذ مخطط إسرائيلي دعا له وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يقضي بإقامة معازل حول المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، على حساب الأراضي الفلسطينية.
وأسفرت اعتداءات المستوطنين عن مقتل 8 فلسطينيين وإصابة عشرات وتهجير 9 تجمعات سكانية بدوية وتحطيم مركبات واقتلاع أشجار ومنع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي "حرباً مدمرة" على غزة، استشهد فيها 10 آلاف و22 فلسطينياً، منهم 4104 أطفال و2641 سيدة، وأصاب أكثر من 25 ألفاً آخرين، إضافة إلى مقتل 163 فلسطينياً واعتقال 2215 في الضفة الغربية، بحسب مصادر رسمية.
اعتداءات على الفلسطينيين
وقبل أيام، أُصيب عيسى ونجله زيدان (43 عاماً) بجروح وُصفت بالبليغة، جراء تعرضهما للاعتداء من قبل مجموعة من المستوطنين، ويقول عيسى لوكالة الأناضول في منزله: "ذهبنا لتفقد الحقل، حيث مُنعنا منذ 7 أكتوبر من الوصول للموقع، بدعوى قربه من بؤرة استيطانية، وبتهديد من المستوطنين أنفسهم".، ويضيف: "تفاجأت بنحو 14 مستوطناً يهاجموننا بالعصي والسكاكين، حاولنا الفرار وطلبنا منهم عدم الاعتداء علينا دون جدوى".
وأفاد المواطن الفلسطيني بأنه أصيب بجروح بليغة، بينها جرح في الرأس، وكسر في أحد أضلعه الخلفية، وتضرر في شبكية عينه"، وأن نجله زيدان أُصيب بعدة جروح، بينها طعنة بسكين وصلت الكبد.
وتابع قائلاً: "أرادوا قتلنا فعلاً، سمعت أحدهم يقول للآخر إنه يهم بضربي بحجر كبير على رأسي، بينما كنت شبه فاقد للوعي"، وفق عيسى.
ونقل المسن الفلسطيني ونجله بواسطة مروحية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي حضر للموقع بعد الحادثة، ظناً منه أنهما مستوطنان.
وعن سبب تعرضهما للهجوم، أوضح: "يريدون منا هجر الأرض للسيطرة عليها، لكن هذه الأرض كل ما نملك.. شرفنا وعرضنا، لن نتركها لهم حتى لو كلفنا الأمر حياتنا".
ولم يتمكن عيسى ومثله عدد من أهالي المنطقة وباقي أراضي الضفة الغربية، من جني ثمار الزيتون لهذا الموسم من العام.
الاحتلال يستثمر حرب غزة لتوسيع المستوطنات
وقبل 4 أشهر تعرضت عائلة عيسى لاعتداء مماثل أُصيب فيه 3 أفراد منها بكسور وجروح.
فيما تقول وزارة الخارجية الفلسطينية، إن "المستوطنين يسعون للسيطرة على أكبر قدر ممكن من أراضي الضفة، بحجة توفير حماية أمنية لهم من الفلسطينيين".
من جهته، أضاف مساعد وزير الخارجية الفلسطيني أحمد الديك: "إسرائيل تستثمر الحرب على قطاع غزة لضم الضفة الغربية والسيطرة على الأرض الفلسطينية، وخلق معازل (مناطق عازلة) بدعوى أمنية غير أنها سياسية توسعية".
وأفاد الديك بأن إسرائيل تمنع المزارعين الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من الوصول إلى حقول الزيتون الذي يُعد أهم موسم زراعي فلسطيني.
واعتبر أن تصريحات سموتريتش "جزء لا يتجزأ من عمليات الضم التدريجي المعلن وغير المعلن للضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية"، وأردف بهذا الخصوص: "في حال نفذ المخطط الإسرائيلي (إقامة مناطق عازلة لصالح المستوطنات) ستصبح فلسطين بلد الزيتون دون زيتون".
كما أشار إلى أن الاحتلال يسيطر فعليا على المناطق المصنفة "ج" التي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة المحتلة، وتستخدمها كعمق استراتيجي للاستيطان ولتوسيع المستوطنات وليس فقط كمناطق عازلة.
واتهم الديك إسرائيل بتوفير الحماية للمستوطنين الذين باتوا يسيطرون حاليا على الضفة وعلى جميع الطرق والشوارع التي تصل بين محافظاتها، ويعربدون ويعتدون على مركبات المواطنين الفلسطينيين.
ويأتي هذا بعد أن أعلن وزير المالية الإسرائيلي، في وقت سابق إقامة "مناطق عازلة حول المستوطنات والطرق التي يستخدمها المستوطنون بالضفة الغربية ومنع الفلسطينيين من دخولها حتى لغرض الزراعة".
وقال سموتريتش في منشور على منصة "إكس"، إنه وجه رسالة بهذا الشأن إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بداعي "استمرار انعدام الأمن للمستوطنين" في الضفة الغربية.
ونشر سموتريتش نسخة عن الرسالة كتب فيها: "في الأسابيع الأخيرة، خاطبتكم في عدة مناسبات، شخصياً وفي إطار المناقشات الوزارية، للمطالبة بتغيير المفهوم الأمني في يهودا والسامرة (الضفة) بهذا الوقت، مع تأكيد ضرورة خلق مساحات أمنية مطهرة (عازلة) حول المستوطنات والطرق ومنع العرب من دخولها، وضمن ذلك لغرض الحصاد".