أظهر تحليل لصور أقمار صناعية وصور وفيديوهات، أجرته صحيفة New York Times، أن إسرائيل استخدمت قنبلتين على الأقل تزن الواحدة منها 2,000 رطل (907 كغم)، يوم الثلاثاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلال قصفها لمخيم جباليا، وهي منطقة مكتظة بالسكان تقع شمال مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد وجرح مئات المدنيين.
الصحيفة قالت الجمعة 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إنه ليس من الغريب أن تستخدم إسرائيل تلك القنابل، التي تُعد ثاني أكبر القنابل حجماً في ترسانتها، علاوةً على أن هذا الحجم يُعد من أكبر الأحجام التي تستخدمها غالبية الجيوش بشكلٍ منتظم.
أوضحت الصحيفة أن الأدلة والتحليلات تُشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ألقى قنبلتين من القنابل التي تزن 907 كغم على المكان، حسب أقل التقديرات، إذ بلغ عرض كل من حفرتي الانفجار الظاهرتين نحو 12 متراً.
تتوافق هذه الأبعاد مع انفجارات تحت الأرض، التي قد تُسفر عنها هذه النوعية من الأسلحة، عند إلقائها على تربةٍ رملية خفيفة، وذلك بحسب دراسة فنية أجراها مركز استشارات الذخائر Armament Research Services عام 2016.
مارك غارلاسكو، أحد مؤلفي الدراسة، قال إن هذه القنابل قد تحتوي على "صمام لتأخير الانفجار"، ويعمل ذلك الصمام على تأخير الانفجار لبضعة أجزاء من الثانية بعد اختراق السطح أو البناء، وذلك حتى تصل قوته التدميرية إلى عمق أكبر.
بحسب الصحيفة، تحتوي هذه القنابل عادةً على ذخائر الهجوم المباشر المشترك، ما يحولها من قنابل غبية، إلى أسلحة دقيقة موجهة بنظام التموضع العالمي GPS.
يُشير غارلاسكو إلى أن المشاهد المتاحة لا توضح ما إذا كانت القنابل مزودة برؤوس حربية لاختراق التحصينات أم لا، حيث يجري تصميم تلك الرؤوس لاختراق الهياكل العسكرية المصفحة، لكن تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل صرحت علناً وزعمت بأنها كانت تستهدف أحد قادة "حماس" في مخبأ تحت الأرض.
تقول صحيفة New York Times إنه يجري استخدام هذه النوعية من القنابل لاستهداف البُنى التحتية عادةً، لكن إسقاطها على منطقة مكتظة وكثيفة السكان مثل جباليا، أثار التساؤلات حول مدى اعتبارها قوة متناسبة -أي ما إذا كانت أهداف إسرائيل المقصودة تُبرر ما نتج عن القصف من دمار وحصيلة وفيات بين المدنيين.
كذلك أكدت الصحيفة أنها لم تستطع التحقق من وجود أنفاق تحت موقع القصف في ظل عجزها عن الوصول إليها، بينما قال جيريمي بيتي، محرر الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة الاستخبارات الدفاعية Janes، إن "القنبلة الوحيدة الأكبر في ترسانة إسرائيل يتراوح وزنها بين 4,500-5,000 رطل تقريباً (2,041-2,267 كغم)".
ووقعت 83 دولة منها الولايات المتحدة -وليس إسرائيل- على التزام بالامتناع عن "استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المكتظة، حسب ما تقتضيه الضرورة"، وذلك نظراً لأرجحية أن تؤذي المدنيين.
عمر شاكر، مدير شؤون إسرائيل وفلسطين في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قال إن "قصف إسرائيل المتواصل لغزة، بما في ذلك قصف جباليا، يُضخّم تلك المخاوف أضعافاً مضاعفة".
من جانبه، رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي التعليق على عدد أو نوع الأسلحة التي استخدمها في جباليا، لكن رسائله العامة بشأن قصفه المتكرر للمخيم الأسبوع الجاري شهدت بعض الالتباس.
حيث زعم الجيش في منشورات على الشبكات الاجتماعية أنه نشر مقطع فيديو للقصف يُظهر مصرع رئيس وحدة الصواريخ المضادة للدبابات في "حماس"، يوم الأربعاء 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لكن الصحيفة وجدت أن المشاهد المنشورة كانت تستعرض في الواقع قصف جباليا يوم الثلاثاء، 31 أكتوبر/تشرين الأول، والذي زعمت إسرائيل أنه تسبب في مقتل قائد مختلف، وقد رفض الجيش التعليق على سبب ذلك التناقض في رواياته.