كشف رئيس الوحدة السيبرانية التابعة لمكتب المدعي العام الإسرائيلي، حاييم فيسمونسكي، خلال جلسة استماع للجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، أنَّ الوحدة قدمت أكثر من 11 ألف طلب لإزالة محتوى لعمالقة التكنولوجيا، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. مشيراً إلى أن الوحدة حققت معدلات نجاح تصل إلى حوالي 92% من فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، لكنه أردف أنَّ الشركات "الأصغر" أكثر إشكالية، ومنها منصتا إكس (تويتر سابقاً)، وتليغرام.
صحيفة Calcalist الإسرائيلية قالت في تقرير، الخميس 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إنه في الوقت الذي يحاول فيه رئيس اللجنة، عضو الكنيست، سيمحا روثمان، معرفة ما يمكن فعله بشأن نسبة الـ8% المتبقية التي لا يستطيع مكتب المدعي العام إزالتها، تستمر الحياة على تطبيق المراسلة الفورية تليغرام.
مهنية تليغرام
التقرير أشار إلى أن منصة تليغرام، التي يبلغ عدد مستخدميها 800 مليون، لا تكتفي بعدم تنقيح المحتوى، بل تستخدم منهجها الحر المتمثل في عدم مراقبة المحتوى على الإطلاق كنقطة انطلاق لكسب الهيمنة.
كما أوضح التقرير أنه من أراد أن يعرف ما حدث في وقت مبكر من صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل، لم يكن أمامه خيار سوى فتح إحدى قنوات تليغرام العديدة المرتبطة بحماس أو مؤيديها الذين اعتمدوا على تليغرام وسيلةً أساسية للاتصال؛ حيث بثت مقاطع فيديو على التطبيق، توثّق أحداث عملية طوفان الأقصى وأسر مواطنين إسرائيليين.
تضاعف قناة كتائب القسام
الأرقام وحدها تحكي القصة، حيث قالت الصحيفة: "تضاعف حجم القناة المخصصة للجناح العسكري لحركة حماس، كتائب عز الدين القسام، بثلاث مرات منذ بداية الحرب لتصل إلى حوالي 647 ألف مشارك، وكل منشور تشاركه عليها هذه الأيام يحصل على 239 ألف مشاهدة تقريباً في المتوسط".
بينما على مدار العام الذي سبق الهجوم، شهدت القناة نمواً متواضعاً من 182 ألف مشترك إلى حوالي 200 ألف مشترك، مع حصول كل منشور على حوالي 25 ألف مشاهدة.
وسلط تقرير الصحيفة الضوء على قناة "غزة الآن"؛ حيث كان عدد متابعيها نحو 344 ألف مستخدم قبل الحرب، أما الآن فقد بلغ عدد متابعيها 1.9 مليون شخص، وقفز متوسط عدد المشاهدات لكل منشور على هذه القناة 10 أضعاف ليصل إلى نحو 432 ألف مشاهدة لكل منشور.
المؤسسات الإسرائيلية لا تحظى باهتمام
ومن ناحية أخرى، لا تحظى المنظمات المؤسسية والرسمية لدولة إسرائيل باهتمام كبير على تليغرام. وبينما زاد عدد متابعي القناة الرسمية للناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، التي كان عدد مستخدميها قبل الحرب حوالي 20 ألف مستخدم، إلى حوالي 97 ألف مستخدم، لكنها واحدة من القنوات القليلة التي تديرها إسرائيل، وتحظى باهتمام يُذكَر.
وتبذل إسرائيل جهداً عبر قنوات متعددة للضغط على تليغرام من أجل إزالة القنوات التابعة لحماس أو مؤيديها، وهو ما يحدث من خلال الضغط على أبل وغوغل المسيطرتين على متاجر التطبيقات.
وعلى الرغم من أنَّ غوغل وأبل لم تناقشا هذا الأمر مباشرةً، إلا أنَّ موقفهما وحده هو الذي أدى إلى الإزالة الناجحة للعديد من القنوات. على سبيل المثال، أُزيلَت قنوات الجناح العسكري لحركة حماس التي تضم أكثر من 700 ألف مستخدم، الأسبوع الماضي من أجهزة أندرويد، وأزيلت هذه القناة أيضاً في الأيام القليلة الماضية من أجهزة آيفون.
ومع ذلك، فإنَّ تأثير هذه الإزالة هامشي للغاية؛ إذ لم ينخفض عدد مستخدمي قناة تليغرام التابعة للجناح العسكري لحركة حماس سوى بنحو 100 ألف مستخدم إلى 647 ألفاً.
مشاهدات هائلة
ولا تزال هناك قنوات تابعة لحماس على تليغرام، التي تضم ملايين المستخدمين، وتسمح بإخفاء الهوية والتوزيع السريع من خلال البوتات والانتشار على نطاق لا يمكن لأي منصة رقمية أخرى تقديمه، بحسب الصحيفة.
كما تحظى هذه المحتويات بمشاهدات هائلة، بعد وقت قصير من تدفقها إلى جميع المنصات الرقمية الأخرى، وبالتالي تشكل طوفاناً مرئياً وعنيفاً لا توجد طريقة لتصفيته بنجاح كامل.
ويحرص الرئيس التنفيذي للشركة بافيل دوروف على التأكيد على ضرورة إبقاء هذه القنوات مفتوحة. وكتب دوروف، وهو روسي مقيم في دبي: "هل سيساعد إغلاق قناتهم في إنقاذ الأرواح، أم أنه سيعرّض المزيد من الأرواح للخطر؟ رغم أنه سيكون من السهل علينا تدمير مصدر المعلومات هذا، إلا أنَّ هذا قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الخطير بالفعل"، مضيفاً أنَّ حماس تستخدم أيضاً رسائل تليغرام لتحذير المواطنين الفلسطينيين من هجمات وشيكة.
وكان دوروف يتخذ موقفاً مماثلاً فيما يتعلق بقنوات تليغرام التي يديرها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". ورغم أنه تلقى الكثير من الانتقادات بسبب ذلك، إلا أنَّ دوروف اعتاد الدفاع عن قراره بعدم حذف قنوات التنظيم.
وقال دوروف في مؤتمر TechCrunch Disrupt في سان فرانسيسكو عام 2015: "لا أعتقد أننا يجب أن نشعر بالذنب حيال ذلك. نعم، هناك حرب في الشرق الأوسط. إنها سلسلة من الأحداث المأساوية، لكن في النهاية، سيجد تنظيم داعش دائماً وسيلة للتواصل من نفسه".