أفاد تقرير لموقع Ynet الإسرائيلي، أن مدينة المنتجعات "إيلات" (أم الرشراش) تحولت إلى "مدينة لاجئين" في الأسابيع الأخيرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط تدفق المستوطنين الفارّين من مستوطنات غلاف غزة ومناطق أخرى، مما تسبب بزيادة عدد السكان.
أشار الموقع إلى أن أولئك الفارّين لا يتمتعون جميعهم بالوضع نفسه من حيث الحصول على مكان للسكن بسهولة، "لأنه يوجد كذلك نوع من المكانة"، مشيراً إلى أن أولئك الذين أجلَتهم الدولة يحق لهم الحصول على غرف في فنادق، بينما أولئك الذين فروا من أنفسهم ولا يستوفون المعايير حقاً يحاولون البحث بمفردهم عن سكن.
مستوطنة من كيبوتس (تجمُّع استيطاني) "سدي نحميا"، تدعى شيرا، تتوسل للحصول على شقة صغيرة "حتى غرفة ونصف إذا كان لديك واحدة، أي شيء بسعر معقول. منذ يومين وأنا أتصل بأصحاب العقارات في أم الرشراش والكيبوتسات المحيطة بها.. بسبب كيلومتر واحد، لا نُعرَّف على أننا تعرضنا للإجلاء بل فررنا بأنفسنا".
بدورها، تقول أوشريت عمرو مشديروت، التي وصلت إلى أم الرشراش مع أربعة أطفال، وهي عضو برلماني في مدينة الخليل، إنهم في البداية، هربوا من سديروت للعيش مع أقاربهم في القدس، ثم وصلوا إلى أم الرشراش حيث يحاولون التأقلم.
أضافت: "ليس من السهل العيش في غرفة فندق مع ثلاثة أطفال صغار ورضيع.. سأتمكن من البقاء هنا لمدة شهر أو شهرين آخرين، فقط أوعدني أنه عندما أعود لن يكون هناك وجود لحماس".
"لم يأتوا لقضاء عطلة"
يقول إريك، أحد سكان المدينة وصاحب شركة سياحة بحرية: "لا أتذكر أننا شهدنا وقتاً كهذا، المدينة مليئة بالناس، لكنهم لم يأتوا لقضاء عطلة. الجميع هنا في حالة من عدم اليقين وكل شيكل مهم. هناك بعض العمل لأنه يجب على الأطفال تصفية أذهانهم، لذا يحضرهم الآباء أحياناً إلى مناطق الجذب السياحية. وقد خفضنا الأسعار إلى النصف.. الناس لا يفهمون أنَّ أم الرشراش صارت مدينة لجوء".
وشرح شارون، من مستوطنة موشاف نيتسان في الجنوب، أثناء التنزه على طول الممشى الخشبي مع ابنته الصغيرة وكلبه جيسي، كيف هربوا من المنزل قبل أسبوعين، ووصلوا إلى أم الرشراش مع بقية الأشخاص الذين أجلَتهم الدولة. ويوضح شارون: "نحن لاجئون، الأمر ليس سهلاً. لقد وضعونا في فندق جيد لكن ينتابني القلق. نحن لم نأتِ في إجازة".
والمدينة مكتظة بالفعل بالناس والفنادق ممتلئة عن آخرها، لكن لا يوجد جو من الحرية هنا، ويقول إيتان، صاحب محل نظارات: "صارت المدينة مخيماً للاجئين. ويتدفق الناس دون توقف. والآن يقولون إنهم سيبقون هنا حتى ديسمبر/كانون الأول على الأقل، وربما لفترة أطول. هناك اعتقاد أنَّ الأعمال التجارية ازدهرت في أم الرشراش الآن مع ازدحام المدينة؛ لكن هذا أبعد ما يكون عن الواقع. فالمتاجر والمطاعم فارغة معظم الوقت، هؤلاء أناس في حالة من عدم اليقين، لذا يدخرون كل شيكل. لم يأتوا هنا للإنفاق".
وهربت رافيتا، وهي زوجة رجل عسكري، من عسقلان مع بناتها الأربع بعد عدة أيام صعبة، وتقول: "نحن لاجئون حقاً. كان من المستحيل البقاء في المدينة. قضينا أسبوعين في نتانيا (قرية أم خالد) ثم وصلنا إلى أم الرشراش. ننتقل من مكان إلى آخر، ونضبت مدخراتنا. الناس هنا يساعدوننا، لكننا مثل المُشرَّدين. لا يمكننا الاستمرار على هذا المنوال. وفي الوقت نفسه، لا أملك الشجاعة للعودة".
وعلى مسافة غير بعيدة، تقول تامي جيلون من كيبوتس "أو هانير": "أنا هنا مع ثلاثة أطفال، وزوجي ضمن جنود الاحتياط ونفهم أنَّ الوضع سيستمر لفترة طويلة. لكن ماذا سيحدث لنا؟ إلى أين سنعود؟ إلى أين سآخذ أطفالي؟ يسأل الأطفال أيضاً نفس الأسئلة، لكن ليس لدي إجابات".
حشد موارد المدينة بأكملها
في مركز الاتصال التابع للمدينة، تجري عاملة الهاتف محادثة صعبة مع أم هربت من عسقلان وتقيم في أم الرشراش منذ ثلاثة أسابيع على نفقتها الخاصة. وقد نفد المال منها وهي تطلب السكن لكن موارد مجلس المدينة محدودة. وخلال الأسبوعين الأولين، تُرِكَت العائلات التي لجأت إلى المدينة بمفردها تماماً. ولم يبدأ مجلس المدينة بالانتباه لهم إلا منذ أسبوع واحد فقط، حيث وصل إلى المدينة سيل من الوجهاء يرتدون البدلات، مسلحين بالوعود والكلمات اللطيفة.
يقول رئيس البلدية إيلي لانكري: "هذا حدث يستمر لعدة أشهر ونحن نستعد لتقديم الخدمات. لقد أخذنا على عاتقنا مسؤولية الأشخاص الذين أتوا إلى هنا، لكن يجب أن نتذكر أنَّ مدينة أم الرشراش، التي تعتمد على السياحة، تضررت أيضاً مالياً. وقد ناشدت الحكومة لكي تساعد الشركات التي تنهار، حتى نتمكن من الاستمرار في تقديم الخدمات التعليمية والرعاية الاجتماعية والطب والضيافة وتلبية كل الاحتياجات".
وتقول رويتال، أحد سكان المدينة: "بمجرد أن بدأ كل شيء، تذكرت حرب الخليج، وشرحت للجميع أنَّ هؤلاء لاجئون ولن يذهبوا إلى أي مكان. وفي الواقع يكمن التحدي في الأشخاص الذين فروا بأنفسهم؛ وهم عائلات من الجنوب والشمال الذين لم يُخلوا منازلهم بأمر من الدولة. وهم منتشرون في جميع أنحاء المدينة، في فنادق صغيرة ونُزل وشقق. لم يكن لدى أحد أي فكرة عن كيفية الوصول إليهم. هؤلاء الناس يحتاجون إلى الطعام والملابس والدواء، لكنهم ليسوا على أي قائمة. ووفقاً لتقديراتنا، هناك حوالي 25 ألف شخص من هؤلاء الأشخاص هنا، وليس لديهم مكان يعودون إليه".
تقول هفتسيبا شمونة، وهي أكاديمية تبلغ من العمر 37 عاماً، التي جُنِّد زوجها في صفوف الاحتياط بالجيش الإسرائيلي: "لدينا بالفعل خبرة في الحروب – لكننا لم نتوقع ذلك. غادرنا منزلنا أيضاً لمدة شهرين خلال حرب لبنان الثانية، لكن الأمر مختلف هذه المرة. يقولون إنه لا يزال أمامنا أشهر هنا وربما تندلع حرب عالمية ثالثة في لحظة. نحن في حالة من عدم اليقين المالي".