عندما انقطعت الاتصالات في غزة يوم الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ظهرت أصوات قليلة تحدثت عن ليلة من الغارات الجوية الكثيفة والذعر بين السكان الخائفين من أن يكون انقطاعها إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من العنف، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
الصحيفة قالت إن بعض سكان غزة يستخدمون تطبيق "سناب شات" منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع لنشر صور من حياتهم، ومقاطع فيديو للناس وهم يصطفون في طوابير طويلة أمام المخابز أو للحصول على المياه، أو يزدحمون في المستشفيات والمدارس.
لكن لم يُنشر على التطبيق إلا محتوى محدود جداً منذ مساء الجمعة؛ والقليلون الذين لا يزالون يستخدمونه لم يتمكنوا من فتحه إلا عبر شرائح هاتف من دول أخرى.
كان من بين هؤلاء ألماظة عودة، وهي محامية، تغرد على سناب شات من جنوب غزة، التي كتبت مجموعة من المنشورات ليلاً: "لا إنترنت أو تغطية هاتفية في كل غزة، ولا رسائل.. قطعوا عنا كل شيء".
أضافت: "غزة في وضع خطير جداً جداً جداً.. نحن نموت في الشوارع.. الضربات الجوية عنيفة ومكثفة. أول مرة تحدث بهذا الشكل. ونحن في الشارع ولا أحد يستطيع الاتصال بخدمات الطوارئ.. والجثث في الشوارع".
كانت منشوراتها مصحوبة بصور مشوشة لسماء الليل والمناطق المحيطة. وكتبت: "يا رب، إلى أين نذهب يا رب.. الجميع في الشارع ولا يعرفون إلى أين يذهبون أو ماذا سيحدث".
بينما نشرت صورة للقمر الظاهر من خلال السحاب، وكتبت: "أيعقل أن يكون نور القمر هو آخر ضوء قد أراه في حياتي؟ أيعقل أنني على وشك الموت وأنا عطشانة؟".
في الصباح، نشرت صوراً لأشخاص يحتمون بمدرسة تابعة للأمم المتحدة، ويفترشون الأرض ويطهون على مواقد غاز، وأرفقتها بالتعليق: "عدنا 100 عام إلى الوراء".
لا مكان آمن في غزة
فيما كتب حساب يحمل اسم نورما: "لا ماء ولا كهرباء ولا أضواء ولا مكالمات ولا إنترنت. قطعوا كل شيء، ولا مكان آمن". في الصباح، نشرت مقطع وهي تقود سيارتها في شوارع مدينة غزة المهجورة، وتظهر فيه أنقاض المباني المقصوفة، ومن ضمنها المبنى الذي يضم مكتبها. وبكت وهي تمشي بين أنقاض عيادة أسنان.
تمكن أيضاً بعض مراسلي وسائل الإعلام الدولية من الاستمرار في البث. فنشر علي جاد الله، مصور وكالة الأناضول، الذي فقد عدداً من أفراد عائلته في غارة جوية سابقة، صوراً ومقاطع فيديو لانفجارات شديدة. وكتب: "الإنترنت والاتصالات مقطوعة عنا. الانقطاع تام، والانفجارات لا تتوقف".
فيما تمكن رشدي أبو العوف مراسل "بي بي سي" من الاتصال بهيئة الإذاعة البريطانية صباح السبت 28 أكتوبر/تشرين الأول، وأفاد بأن إسرائيل قطعت كابلات الألياف وأوقفت تغطية شركتين من شركات الهاتف المحمول. وتحدث عن "حالة من الذعر والخوف والفوضى".
حيث قال: "كنت أقود سيارتي في مدينة خان يونس هذا الصباح. أناس أقل ولكن ذعر أكثر. الناس لا يعرفون ماذا يفعلون. ولا يمكنهم التواصل مع أصدقائهم وعائلاتهم… وقلقون جداً مما سيحدث بعد ذلك وما إن كانت الدبابات الإسرائيلية ستبدأ في التقدم إلى بعض أجزاء قطاع غزة".
بينما قالت الجزيرة إن مراسليها تمكنوا من تقديم تقارير متفرقة من خلال الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية. وقال مراسل الشبكة هاني محمود، الذي كان في خان يونس، إن "أفراد الطواقم الطبية والدفاع المدني قالوا إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى المناطق المستهدفة بسبب انقطاع الاتصالات".