كشف جوش بول مدير المكتب الذي يشرف على مبيعات السلاح الأمريكية في وزارة الخارجية، أن الضغط السياسي في الولايات المتحدة يساعد إسرائيل في تجنب قواعد الأسلحة الأمريكية المقدمة كمساعدات إلى تل أبيب بعكس الدول الأخرى التي تتم مراجعتها؛ حتى لا يتم استخدامها في انتهاكات ضد حقوق الإنسان، مؤكداً أن الأسلحة التي طلبتها تل أبيب مؤخراً لم تكن ذات نفع في غزة وحسب، بل أيضاً في الضفة الغربية.
وأجرى موقع Responsible Statecraft الأمريكي، حواراً مع بول الذي احتل صدارة النقاش المتعلق بالدعم غير المشروط الذي يقدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل، وذلك عندما أعلن استقالته من منصبه بوزارة الخارجية في الأسبوع الماضي احتجاجاً على السياسة التي تتبعها الإدارة الأمريكية.
"مدمرة ومجحفة"
إذ كتب بول، منشوراً انتشر بقوة على موقع LinkedIn، قال فيه: "لا أستطيع أن أعمل دعماً لمجموعة من القرارات السياسية الرئيسية -التي تتضمن تدفق مزيد من الأسلحة إلى طرف من طرفي الصراع- والتي أعتقد أنها قصيرة النظر ومدمرة ومجحفة وعلى النقيض تماماً من المبادئ التي نتبناها علناً".
وفي التصريحات اللاحقة، قال بول إن كبار المسؤولين تجاهلوا باستمرار المخاوف الداخلية بشأن استخدام إسرائيل أسلحة أمريكية في انتهاكات ضد حقوق الإنسان. وتشير تعليقاته إلى أن البيت الأبيض فشل في تطبيق سياسته الخاصة بتبادل الأسلحة، التي قالت إن وزارة الخارجية ينبغي لها أن تحظر مبيعات الأسلحة إذا كانت هناك "احتمالية أكبر من 50%" بأنها سوف تُستخدم لارتكاب الفظائع. لكن متحدثاً باسم وزارة الخارجية أنكر تصريحات بول. وادعى أن الولايات المتحدة تلتزم "بجميع المتطلبات القانونية والمتطلبات التنظيمية المعمول بها في تقديم المساعدة العسكرية لإسرائيل، كما نفعل مع أي دولة أخرى في العالم".
وحول قرار استقالته قال بول: "تلقيت استجابة مذهلة من زملائي السابقين، أكثر مما توقعت. اعتقدت أنه لن يكون هناك من سيتواصل معي في واقع الأمر بعد أن استقلت؛ بسبب حساسية النقاشات المتعلقة بإسرائيل. ولكن على النقيض من ذلك، استمعت إلى كثير من الأشخاص -داخل وزارة الخارجية وفي الحكومة الأمريكية في العموم- الذين شاركوا تجاربهم حول رغبتهم في الحديث عن المسألة، لكنهم لم يستطيعوا. أعتقد أن هناك المزيد من الأشخاص الآن الذين يتحدثون عن الأمر داخل النظام. لا أعرف إذا كان هناك أي شخص آخر سوف يتخذ خطوة الاستقالة التي اتخذتها، لكني أحترم حقيقة أن لكل شخص ظروفه الخاصة".
إسرائيل طلبت أسلحة لم تكن ذات نفع في غزة ولا الضفة
أما بخصوص تعليقه على مقال نشره في صحيفة واشنطن بوست بشأن حصول إسرائيل على طلباتها من الذخيرة والأسلحة فوراً من واشنطن، أوضح بول: "سوف أسهب في هذا الأمر بشكل محدود، لأن هذه الطلبات تبقى، في بعض الحالات، في مرحلة ما قبل اتخاذ القرار، وأريد أن أعطي العملية الوقت المطلوب لحل هذه المسائل، لكني سوف أقول إن هناك شيئين هنا. الأول أن أنواع الأشياء التي كانت إسرائيل تطلبها لم تكن ذات نفع في غزة وحسب، بل أيضاً في الضفة الغربية".
وتابع: "ثمة فيديوهات متاحة الآن على موقع إنستغرام، مثلاً، يظهر فيها المسؤولون الإسرائيليون وهم يعطون بندقيات إم-4 إلى المستوطنين. أعتقد أن هذا مقلق للغاية. وينبغي أن يكون مقلقاً بالنسبة لنا لأن هناك سجلاً حافلاً لعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين المدنيين".
وزاد بول: "أعتقد أيضاً أن إسرائيل [ترى هذه] فرصة. كان هناك تصدٍّ كبير ضد الإمداد الأعمى للمعدات العسكرية إلى إسرائيل في السنوات القليلة الماضية، أكبر مما شهدناه على مدى عقود، وهذه لحظة هُمش خلالها هذا التصدي. ولذلك من مصلحة إسرائيل أن تحصل على ما يمكنها الحصول عليه الآن، لأن لا أحد يعرف إلى أي مدى ستظل هذه الفرصة مفتوحة، إذ أردنا التعبير عن الأمر بقليل من السخرية".
وبخصوص موقفه من جميع صور تبادل الأسلحة مع إسرائيل في الوقت الحالي، قال بول: "كلا، على الإطلاق. معارضتي موجهة لنقل الأسلحة الفتاكة. يعني ذلك الأشياء التي تقتل الناس. ليس لدي مشكلة مع العناصر الدفاعية أيما كانت، مثل القبة الحديدية"
واستطرد بول: "لا أعتقد أن المدنيين يجب أن يعيشوا تحت قصف صاروخي، وأدعم بكل تأكيد إمداد المعدات الدفاعية التي على هذه الشاكلة. وحتى عندما يتعلق الأمر بالأسلحة الفتاكة، لا أقول إن إسرائيل ليس لها الحق في الدفاع عن نفسها، إنما تتعلق المسألة بعدد الفلسطينيين الذين يجب أن يموتوا في هذه العملية؟ وكيف يمكن أن يقودنا هذا في واقع الأمر إلى أمن حقيقي لإسرائيل؟".
تدقيق الأسلحة
وحول التدقيق العسكري للأسلحة، أوضح بول: "بموجب قانون الولايات المتحدة، فإن أي وحدة عسكرية تحصل على مساعدات عسكرية أمريكية يجب أن تخضع للتدقيق للتأكد من عدم ارتكابها انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان".
في سياق إسرائيل، التي تحصل على نصف المساعدات العسكرية الأمريكية المخصصة في الميزانية الأساسية، أشار بول إلى أن ثمة عملية خاصة تُتبع على عكس ما يُتبع مع البلاد الأخرى، حيث ندقق في الوحدات التي تحصل على المنظومات قبل أن تحصل على المساعدة في البلاد الأخرى.
وتابع: "أما في سياق إسرائيل، فإننا نقدم المساعدة، ثم بعد ذلك إذا كانت هناك مزاعم محددة سُلط عليها الضوء تتعلق بوجود انتهاكات جسيمة محتملة ضد حقوق الإنسان، نحقق فيها ونقرر إذا كانت مثل هذه الأمور قد حدثت في واقع الأمر".
وأضاف بول: "كان هناك عدد من الوحدات والأفراد الذين سُلط الضوء عليهم خلال هذه العملية، لوجود دلائل موثوقة للغاية بوجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من جانبهم -وهي مدعومة بمكاتب مهمة وبارزة داخل الوزارة- لكن العملية لم تنجح قط في الوصول إلى استنتاج يفيد بأن هذه الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الإنسان قد حدثت بالفعل. كان هناك دائماً ضغط سياسي وضغط على السياسات من أجل عدم الوصول إلى ذلك الاستنتاج".