يقول أطباء في غزة إن المرضى يصلون إلى المستشفيات مصابين بأعراض أمراض تنتج عن التكدس وسوء المرافق الصحية بعد فرار أكثر من 1.4 مليون شخص من منازلهم لملاجئ مؤقتة في ظل أعنف قصف للاحتلال الإسرائيلي على الإطلاق.
ودأبت منظمات الإغاثة على التحذير من أزمة صحية في القطاع الفلسطيني الصغير المكتظ بالسكان والخاضع لحصار الاحتلال الذي أدى لقطع الكهرباء والمياه النظيفة والوقود مع وصول قوافل مواد غذائية وأدوية صغيرة فقط تابعة للأمم المتحدة.
انتشار الأوبئة والأمراض
بدوره، قال ناهض أبو طعيمة، طبيب الصحة العامة في مستشفى ناصر في خان يونس، إن "تكدسات المواطنين واحتواء المدارس على العدد الكبير يعني أن القدرة الاستيعابية للمدارس عُرضة لانتشار الأوبئة والأمراض مثل النزلات المعوية والتهابات الجهاز التنفسي والطفح الجلدي، وهذا ما يجعل كثيراً من المواطنين يترددون على المستشفى للعلاج من هذه الأمراض".
ومع نفاد الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في جميع المستشفيات، يحذر الأطباء من أن المعدات الحيوية مثل حضانات الأطفال حديثي الولادة عُرضة لخطر التوقف.
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن العمل توقف بنحو 40 مركزاً طبياً في وقت يزيد فيه القصف والتهجير من الضغط على النظام الصحي، فيما حذرت منظمة الصحة العالمية من أن ثُلث مستشفيات غزة لا يعمل.
"حكم بالإعدام على المرضى"
من جانبه، قال ريك برينان، مدير برنامج الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: "نلتمس السماح بعملية إنسانية مستمرة وموسعة ومحمية".
في سياق متصل، أعلن المستشفى الإندونيسي الخاص، وهو الأكبر في شمال غزة، اليوم الثلاثاء، أنه أغلق كل شيء باستثناء الأقسام الحيوية الأخيرة مثل وحدة العناية المركزة.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن المستشفى الآخر الوحيد الذي لا يزال يخدم المرضى في شمال غزة، وهو مستشفى بيت حانون، توقف عن العمل بسبب القصف المكثف على البلدة.
بينما قال عاطف الكحلوت، مدير المستشفى الإندونيسي، إنه إذا لم يحصل المستشفى على وقود فسيكون ذلك بمثابة حكم بالإعدام على المرضى في شمال غزة.
تكدس النازحين الفلسطينيين
في الوقت ذاته، يقول أبو طعيمة من مستشفى ناصر إن الناس بدأوا يعانون من آلام في المعدة والتهابات في الرئة وطفح جلدي في الملاجئ المؤقتة التي يتكدس فيها النازحون الفلسطينيون مع عائلاتهم؛ أملاً في الأمان من القنابل.
وقالت سجود نجم، التي تقيم في ملجأ تابع للأمم المتحدة: "الخيمة بالنهار شوب بعز الشمس، الحشرات الدبان (الذباب)، يعني فيش مش قادرين نوفي، مش قادرين، إيش نعمل بالوضع اللي إحنا فيه. بالليل برد، ما بنلاقيش أغطية تكفي للكل، الرمل تحتنا، الولاد كله أمراض صرنا، اللي بيكح، اللي بيسعل، اللي ساخن بالليل، يعني مش قادرين، وين حقوق الأطفال مثلاً، وين حقوق الإنسان؟".
وفرّت سجود من منزلها في مدينة غزة مع زوجها وأطفالها الثلاثة ويعيشون في خيمة منذ تسعة أيام، غير قادرين على الاستحمام.
أضافت: "أنا كل يوم بقعد بأعيط لأمي على نفسيتي، على نفسية ولادي، بحكيلها يا أمي خلاص إحنا بدنا نروح نرجع فوق بيوتنا، بدنا نعيش فوق بيوتنا، لو مقصوفة بدنا نعمرها، نحييها من أول وجديد، بدنا نقعد في بيوتنا ونعمرها، خلاص بيكفي، بيكفي حروب، نفسيتنا تعبت، مضلش فينا".
وقال صاحب إحدى الصيدليات إنه لم يتبق سوى مخزون قليل. فالناس خزنوا الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، لكن هناك مخاوف من احتمال نفاد الأدوية اللازمة للأمراض المزمنة.
وبينما تتزايد المخاوف الصحية، لا يزال القصف الإسرائيلي المكثف هو الذي يسبب معظم المعاناة في غزة.