حثَّ رئيس الولايات المتحدة جو بايدن ومستشاروه القادة الإسرائيليين على الامتناع عن شن هجوم موسّع على حزب الله؛ لأن هذا قد يدفعه إلى المشاركة في الحرب بين إسرائيل وغزة، وفقاً لما ذكرته صحيفة The New York Times.
ويقول تقرير الصحيفة، الذي نقله موقع Ynet الإسرائيلي، إن الولايات المتحدة قلقة من أن تكون العناصر المتشددة في مجلس الحرب راغبة في توسيع رقعة القتال ليشمل لبنان أيضاً، على خلفية الهجمات المتكررة على المستوطنات الشمالية، وإطلاق النيران المضادة للدبابات على قوات الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، ومحاولات التسلل التي ينفذها حزب الله، والتي أدت بالفعل إلى سقوط الكثير من القتلى في الجانب الإسرائيلي.
أمريكا قلقة من توسع الصراع!
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة تخشى من أن يؤدي فتح جبهة أخرى في الشمال إلى جرّ إيران والولايات المتحدة إلى الحرب. وهكذا، فيما تحاول إسرائيل والولايات المتحدة إظهار جبهة موحدة في العلن، تختمر الخلافات خلف الكواليس. كما أشار التقرير أيضاً إلى أن الولايات المتحدة تعمل على كبح جماح حزب الله عبر قنوات أخرى. ففي "عدد من الاجتماعات في الشرق الأوسط"، حثّ الدبلوماسيون الأمريكيون نظراءهم العرب على نقل رسائل تحذيرية إلى حزب الله اللبناني.
ويخشى المسؤولون الأمريكيون أن يأذن نتنياهو بتوجيه ضربة استباقية لحزب الله بعد عملية طوفان الأقصى المباغتة التي شنتها المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول. ورغم أن هذا لم يحدث، لا تزال الولايات المتحدة تخشى "رد فعل مبالغاً فيه" من إسرائيل على إطلاق حزب الله للصواريخ من لبنان، وهو ما قد يدفع حزب الله إلى دخول الحرب بقوة أكبر.
ونصح المسؤولون الأمريكيون نظراءهم الإسرائيليين بألا يفعلوا في الجنوب والشمال ما قد يحفّز حزب الله على ذلك. وجرت هذه المناقشات الحساسة خلال زيارة الرئيس بايدن ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإسرائيل.
وفي كلتا الزيارتين التقوا بنتنياهو وأعضاء مجلس الحرب، وأعربوا عن قلقهم من التصعيد. وزعم وزير الدفاع يوآف غالانت أن عمليات إسرائيل العسكرية الرئيسية كان ينبغي أن تركز بشكل خاص على حزب الله "لأنه يشكل تهديداً أكبر من حماس"، بحسب المصادر نفسها. وأخبر غالانت بلينكن أنه يؤيد شنّ ضربة استباقية على حزب الله مطلع الأسبوع الماضي، لكن اقتراحه قوبل بالرفض من مسؤولين إسرائيليين آخرين.
انقسام في حكومة نتنياهو بشأن حزب الله
وأوضح بايدن في حديثه مع مجلس الحرب، بحضور وزير الدفاع الإسرائيلي، المخاطر الكامنة في حرب على جبهتين. حتى إن الرئيس الأمريكي أثار تساؤلات صعبة عن العواقب التي قد تترتب على صراع موسّع مع حزب الله. وفي الوقت الحالي، لم يوافق نتنياهو على شن هجوم شامل على حزب الله، وفقاً لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين تحدثوا إلى صحيفة نيويورك تايمز، رغم موقف غالانت ومسؤولين آخرين في الجيش الإسرائيلي. ولكن في المحادثات الداخلية في إسرائيل، أبدى نتنياهو شيئاً من الدعم لشن هجوم على حزب الله.
بل وطرح المسؤولون في الجيش الإسرائيلي خطة تجعل من الاجتياح البري لغزة عملية تمويهية لهجوم موسع في الشمال، لكن نتنياهو رفض تنفيذ هذه العملية؛ ما أثار إحباط غالانت والمسؤولين الآخرين الذين أيدوها.
وهذا الخلاف نابع أساساً من الضبابية المحيطة بتورط حزب الله أو إيران في الهجوم المفاجئ الذي شنّته حماس قبل أسبوعين؛ إذ قال مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون لصحيفة نيويورك تايمز إنه حتى الآن لم يعثر على أي دليل على تورط أي منهما، بل وأشاروا إلى أن مسؤولين كباراً في حزب الله وطهران بدا أنهم فوجئوا بهذا الهجوم.
وقال دبلوماسيون أمريكيون إن من ضمن الأشياء التي تقلق إدارة بايدن أن يعمي الغضب المسؤولين الإسرائيليين، ومن ضمنهم نتنياهو وغالانت، بعد هجوم 7 أكتوبر /تشرين الأول، ويدفعهم إلى شن هجوم موسع على حزب الله. وقال الدبلوماسيون لمجموعة من النواب الأمريكيين إن هذا كان أحد أسباب استمرار اجتماع مجلس الحرب لمدة لا تقل عن سبع ساعات ونصف.
وكشف مقال صحيفة نيويورك تايمز أنه بعد اللقاء بين غالانت وبلينكن كان من المفترض أن يكتفيا بالتقاط الصور دون الإدلاء بأي تصريحات، لكن غالانت فاجأ الأمريكيين وأشاد بهم أمام الكاميرات، لإرسالهم حاملة طائرات، قد تتدخل في حالة نشوب صراع موسع مع حزب الله، وقال إن الحرب ستكون طويلة.
ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض وكذلك الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع التعليق على تفاصيل التقرير.
وقال مسؤول في مكتب نتنياهو في بيان إن "إسرائيل موحدة في الحرب على حماس. ورئيس الوزراء نتنياهو قال إنه إذا انضم حزب الله إلى الحرب سيكون قد ارتكب خطأً فادحاً وإن الثمن سيكون باهظاً".
ولليوم الخامس عشر، يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف قطاع غزة بغارات جوية مكثفة دمّرت أحياء بكاملها، وأسقطت آلاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وفجر 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، رداً على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".