كشف موقع Huffington Post الأمريكي الجمعة 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عن توتر متصاعد داخل وزارة الخارجية الأمريكية، بسبب سياسة الرئيس جو بايدن تجاه الحرب التي تشنها إسرائيل ضد غزة ودعمه الكامل وغير المشروط للاحتلال الإسرائيلي.
وقال مسؤولون للموقع إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن وكبار مستشاريه يتجاهلون الإحباط الداخلي في الإدارة الأمريكية، فيما يشعر موظفو الوزارة كما لو أن بلينكن وفريقه غير مهتمين بنصيحة خبرائهم، بينما يركزون على الدعم الكامل لعملية الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
"برقية معارضة" لسياسة بايدن
وقال أحد مسؤولي وزارة الخارجية حسب ما أفاد به الموقع: "هناك تمرد يختمر داخل وزارة الخارجية على جميع المستويات"، فيما كشف مسؤولون دبلوماسيون أن الموظفين بالوزارة الأمريكية يعدون ما يسمى "برقية المعارضة "، وهي وثيقة تنتقد السياسة الأمريكية، ويُنظر إلى مثل هذه البرقيات داخل وزارة الخارجية على أنها بيانات مترتبة عن خلاف خطير في لحظات تاريخية مهمة.
ويقول الموقع إنه من غير الواضح ما إذا كان بلينكن يفهم أزمة المعنويات في وزارته، وهناك إحساس بأنه لا يراها أو لا يهتم بها ومن المؤكد تقريباً أنه غير مدرك لمدى سوء ديناميكيات القوى العاملة لديه.
بينما كشف أحد المسؤولين أن زملاءه "مكتئبون وغاضبون"، في حين قال آخر إن بعض الموظفين يشعرون "بالاستسلام".
وفي أحد المكاتب، قال أحد المديرين لفريقهم إنهم يعرفون أن الموظفين ذوي الخبرة الدولية الواسعة غير سعداء بخطة بايدن – لا سيما الشعور بأن الولايات المتحدة ستفعل القليل لضمان ضبط النفس الإسرائيلي – لكن لديهم فرصة ضئيلة لتغييره.
ومن المتوقع أن يقدم الموظفون الأربعاء، رسالة احتجاج مشتركة على قناة دبلوماسية داخلية،
وستقدم البرقية صورة عن مدى قلق الموظفين من استجابة أمريكا للوضع في غزة ومدى انتشار الاختلاف مع سياسة بايدن – ويمكن أن يحدد ما إذا كان فعلاً سيلهم تغييراً في المسار.
وغالباً ما تجذب مثل هذه البرقيات عشرات أو مئات التوقيعات، وتُنظر إلى قناة الاحتجاج كطريقة حيوية لرفع وجهات النظر المعارضة دون خوف من المحاسبة.
وقد أنشئت قناة المعارضة وسط صراع داخلي عميق أثناء حرب فيتنام، ومنذ ذلك الحين استخدمها الدبلوماسيون للتحذير من أن "واشنطن تتخذ خيارات خطيرة وهدامة للذات في الخارج".
يضع بعض موظفي وزارة الخارجية لوماً خاصاً على نائب رئيس موظفي بلينكن للسياسة توم سوليفان الذي "ألغى باستمرار" فكرة مزيد من التواصل من الوزير مع موظفي وزارة الخارجية، وفقاً لأحد المسؤولين.
استقالة تهز إدارة باين
وقال موظفون متعددون إنهم سمعوا زملاء يتحدثون عن الاستقالة كما فعل جوش بول، ووصف أحد مسؤولي الولايات المتحدة قرار بول بالصدمة وخسارة كبيرة للوزارة، فبعد أكثر من عقد من العمل على صفقات الأسلحة، أعلن المسؤول الكبير في وزارة الخارجية، استقالته، قائلاً إنه لا يستطيع دعم تزويد إسرائيل بالأسلحة.
وقدم بول استقالته لبايدن، بسبب تعامل واشنطن مع "الصراع" بين الاحتلال وغزة، والمساعدات الأمريكية لإسرائيل، قائلاً إنه لا يستطيع الاستمرار في وظيفة قال إنها تسهم في مقتل مدنيين فلسطينيين، بحسب ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وقال جوش بول في بيان على منصة "لينكد إن"، إنه قرر الاستقالة بسبب خلاف سياسي مرتبط بـ"استمرار تقديم المساعدات الفتاكة لإسرائيل"، كما أشار وفقاً لما نشرته وسائل إعلام أمريكية إلى شعوره بأنه "مضطر إلى تقديم الاستقالة"، لأنه كان غير قادر على الضغط من أجل "سياسة أكثر إنسانية داخل الحكومة الأمريكية".
أول استقالة في إدارة بايدن احتجاجا على سياستها في #غزة.
— Wajd Waqfi وجد وقفي (@WajdWaqfi) October 19, 2023
جوش بول كان يشرف على مبيعات الأسلحة للخارج.
من نص رسالة الاستقالة:
"لا أستطيع مواصلة دعم مجموعة من القرارات السياسية الرئيسية، بما في ذلك الإسراع بالمزيد من الأسلحة إلى أحد طرفي الصراع، وهو أمر قصير النظر، ومدمر، وغير عادل" pic.twitter.com/bDGFTmlRYK
أضاف بول، الذي أمضى أكثر من 11 عاماً في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية، والذي يتعامل مع صفقات الأسلحة، أنه ناقش بشكل كبير "جهود تغيير السياسة المرتبطة بمبيعات الأسلحة المثيرة للجدل"، وتابع في البيان: "كان من الواضح أنه ليس بإمكاني تغيير أي شيء هنا، وعليه قدمت استقالتي".
كما قال جوش في منشوره: "خلال السنوات الـ11 التي قضيتها في الخدمة قمت بتقديم تنازلات أخلاقية أكثر مما أستطيع تذكره"، وأضاف: "سأغادر اليوم لأنني أعتقد أن مسارنا الحالي، فيما يتعلق بتوفير الأسلحة الفتاكة المستمر، بل الموسع والمتسارع لإسرائيل، وصل إلى النهاية".
وأشار وفقاً لما نشره موقع "بوليتيكو" الأمريكي إلى "أنه لم يعد بإمكانه العمل لدعم مجموعة من القرارات السياسية، بما في ذلك الإسراع بتزويد الأسلحة إلى أحد جانبي الصراع (في إشارة منه إلى الاحتلال)، والتي أعتقد أنها مدمرة وغير عادلة، وتتعارض مع القيم التي تعتنقها علناً"، مضيفاً أن صفقات نقل الأسلحة الأمريكية إلى الاحتلال اضطرته لتقديم "تنازلات أخلاقية لا تطاق".
فيما لم يرد بول على الفور على طلب للتعليق، فيما رفضت وزارة الخارجية التعليق.
وكان جوش بول مديراً للشؤون العامة والكونغرس، في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية، الذي يتعامل مع عمليات نقل الأسلحة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".
ونوه بول إلى أنه يعترف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه يتساءل عن عدد الأطفال الفلسطينيين الذين يُقتلون في هذه الحرب.
مجازر في غزة
وتأتي هذه الصراعات الداخلية في الإدارة الأمريكية، في الوقت الذي تقوم فيه إدارة بايدن بدعم إسرائيل، حليفها الرئيسي بالشرق الأوسط، بالأسلحة والذخائر، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
وأعربت فيه واشنطن عن تقديم الدعم الكامل للاحتلال الإسرائيلي، رغم المجازر التي تُرتكب في قطاع غزة، إذ يواصل الاحتلال لليوم الرابع عشر شن غارات مكثفة على غزة، وقطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية عن القطاع، ما أثار تحذيرات محلية ودولية من كارثة إنسانية مضاعفة، بموازاة مداهمات واعتقالات إسرائيلية مكثفة في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أطلقت حركة "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، رداً على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، لا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".