تواجه منظومة الدفاع الجوي للاحتلال الإسرائيلي عالية التقنية، القبة الحديدية، خطر أن تغمرها الهجمات الصاروخية بما يفوق قدرتها، وذلك إذا تصاعدت الحرب مع حماس في غزة وتحولت إلى صراع إقليمي أوسع، حسب ما ذكرته وكالة Bloomberg الأمريكية، الخميس 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إذ جرى تصميم منظومة أجهزة الرادار وبطاريات الصواريخ المتنقلة بمساعدة الولايات المتحدة لإسقاط القذائف، والصواريخ، وقذائف الهاون التي يُمكن أن تضرب المراكز الحضرية أو البنى التحتية الإسرائيلية المهمة. وأشاد العديدون بهذه المنظومة، لأن معدل اعتراضها للصواريخ في الهجمات السابقة بلغ 90%.
لكن هذه المنظومة تشبه أي منظومة دفاع جوي عادية، فهي تعتمد على مخزونها الكافي من الصواريخ الاعتراضية، ويمكن أن تتجاوزها عدة صواريخ إذا كان الهجوم كبيراً بالدرجة الكافية.
صواريخ حماس تهدد القبة الحديدية
فقد أطلقت حماس 3000 صاروخ في أول 20 دقيقة من هجومها المفاجئ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وقال باتريك سوليفان، مدير معهد الحرب الحديثية في الأكاديمية العسكرية الأمريكية، إن هذا العدد يمثل زيادة كبيرة مقارنةً بعدد الصواريخ المستخدمة في العمليات السابقة. علاوةً على أن صواريخ حماس كانت أكثر تطوراً هذه المرة أيضاً.
فيما يخشى المسؤولون الأمريكيون الآن من احتمالية إطلاق حزب الله اللبناني -المدعوم من إيران- صواريخ موجهة بدقة على المدن داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالتزامن مع دخول قوات الاحتلال في حرب مدن طاحنة داخل غزة المكتظة بالسكان.
للحيلولة دون سيناريو كهذا؛ أرسلت الولايات المتحدة حاملتي طائرات إلى المنطقة لردع أي جهة قد تسعى لانتهاز فرصة عملية الاحتلال في غزة، وفقاً لتصريح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
لكن الانخفاض البسيط في دقة اعتراض القبة الحديدية إلى 80% سيعني اجتياز مزيد من الصواريخ الإضافية للقبة، وذلك في حال بدأت حماس أو غيرها إطلاق جولة أخرى من الهجمات المكثفة.
كما أنه مع وجود نحو 100 ألف صاروخ وقذيفة في حوزة حزب الله حسب التقديرات، يؤمن المسؤولون في الشرق الأوسط وخارجه بمعقولية فكرة أن يشن حزب الله هجوماً ساحقاً يؤدي إلى تراجع فعالية القبة الحديدية.
ماذا لو انخرط حزب الله في الحرب؟
حسب الوكالة الأمريكية، يُعد حزب الله "أكثر جهة غير حكومية تسليحاً في العالم"، ولديه مخزون كبير ومتنوع من الصواريخ المدفعية غير الموجهة والصواريخ البالستية والمضادة للدبابات والطائرات، بحسب الزميل المشارك في مركز Center for Strategic and International Studies شان شيخ.
فيما أوضح شيخ: "إذا دخل حزب الله في الصراع الدائر، فلا شك في أن هذا سيهدد بأن تغمر نيران الصواريخ دفاعات القبة الحديدية".
كما قال ألكساندر داونز، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن: "من المؤكد أن ترسانة صواريخ حزب الله أضخم من تلك الموجودة لدى حماس، وتتفوق عليها من حيث الجودة والدقة. وإذا أطلق حزب الله دفعات ضخمة من الصواريخ، فسوف يخترق بعضها القبة الحديدية بالتأكيد".
أسلحة أخرى لاعتراض الصواريخ
ربما تُستخدم القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى، لكن دخول أسلحة أكثر تطوراً في الحرب قد يشهد لجوء الاحتلال الإسرائيلي إلى أنظمة دفاعٍ أخرى مثل "مقلاع داود" وصواريخ باتريوت، وذلك من أجل اعتراض الصواريخ والمُسيَّرات طويلة المدى.
سيؤدي استخدام تلك الأنظمة الأخرى إلى زيادة التكاليف العسكرية الباهظة التي تتكبدها إسرائيل، بالتزامن مع الضغط الكبير على إمداداتها العسكرية بسبب التعبئة السريعة لقوات الاحتياط. إذ تصل تكلفة كل صاروخ اعتراضي من القبة الحديدية إلى عشرات الآلاف من الدولارات، بحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.
بينما تُعد صواريخ حماس -بنسخها الأكثر تطوراً من المعتاد- أرخص تكلفة في الإنتاج من صواريخ إسرائيل، مما يُسهل على حماس عملية إعادة تعبئة مخزونها.
تحول استراتيجي
جرى بناء القبة الحديدية بدعم أمريكي وأنتجتها شركتا Rafael Advanced Defense Systems وRaytheon Technologies، وهي مصممة مع وضع محدودية الموارد في الاعتبار. لهذا لا تعترض المنظومة سوى الصواريخ التي من المتوقع أن تسقط في المناطق المأهولة، مع تجاهل الصواريخ المتجهة إلى المساحات الفارغة.
سيؤدي اندلاع حرب أوسع إلى وضع إسرائيل أمام خيارات صعبة حول كيفية تخصيص تلك الموارد للدفاع عن المدنيين وقوات الاحتلال.
حيث أوضح كوبي مايكل، الباحث البارز بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: "أعتقد أن الرأي العام الإسرائيلي يفهم أن الحرب مع حزب الله ستختلف عن الحرب مع حماس".
في هذه الحالة، من المرجح أن تنتقل إسرائيل من محاولة اعتراض الصواريخ إلى محاولة تدمير مواقع الإطلاق قبل استخدامها، بحسب شيخ.
وقد أرسلت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية إضافية لتدعيم الإمدادات الإسرائيلية، وضمن ذلك الصواريخ الاعتراضية المخصصة للقبة الحديدية وغيرها من أنظمة الدفاع. لكن العديدين في واشنطن يطالبون بالمزيد.
إذ كتب السيناتور توم كوتون، العضو الجمهوري في لجنة القوات المسلحة، على منصة إكس، أن الرئيس جو بايدن يجب أن يسير على نهج سلفه ريتشارد نيكسون في حرب 1973. وأوضح السيناتور: "أَرسِل كل شيء يُمكنه إطلاق النار على أي شيء يطير".