روى فلسطينيون ناجون من "مجزرة" قصف الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف مستشفى "المعمداني" في غزة، الثلاثاء 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تفاصيل الليلة الدامية التي عاشوها؛ إذ قالوا إنهم عاشوا "محرقة حقيقية".
وكان متحدث وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، قد صرح لوكالة الأناضول، بأن أكثر من 500 فلسطيني استشهدوا خلال قصف للاحتلال الإسرائيلي، استهدف ساحة "المستشفى الأهلي العربي (المعمداني)" في غزة.
ولليوم الثاني عشر تواصل إسرائيل شن غارات مكثفة على المنازل والمنشآت المدنية بغزة، وقطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية عن القطاع، ما أثار تحذيرات محلية ودولية من كارثة إنسانية مضاعفة، بموازاة مداهمات واعتقالات إسرائيلية مكثفة في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة.
مشاهد مؤلمة في غزة
وفور حدوث المجزرة، رُصدت مشاهد مؤلمة بساحة المستشفى، حيث تناثرت دماء وأشلاء في أرجاء المكان، فضلاً عن جثث ممزقة وأخرى محروقة، بينما بدأ الناس يبحثون عن أقاربهم ويقلّبون الجثث يبحثون عن أية علامة تدلهم على ابن أو زوجة أو قريب، ومن هول الصدمة الكل يبكي ويستغيث.
الشاب كريم البلتاجي (20 عاماً)، قال لوكالة الأناضول: "كنا في ساحة المستشفى، شاهدنا بالونات حارقة تسقط من السماء تبعتها صواريخ"، ويضيف: "شاهدت محرقة، الناس تحترق، الأشجار تحترق وتتساقط على المواطنين".
كما لفت البلتاجي إلى أنه أصيب بجروح فقد على إثرها وعيه، وأنه عندما استيقظ وجد نفسه في المستشفى.
وذكر أنه وعائلته أجبروا على النزوح إلى المستشفى الأهلي المعمداني من منزلهم في حي "الرمال"، تحت وطأة قصف الاحتلال الإسرائيلي العنيف الذي دمّر أحياءً بأكملها، وتابع قائلاً: "لا مكان آمناً في غزة" جراء القصف الإسرائيلي المتواصل الذي يستهدف كل شيء.
المسن عزام حمدان (71 عاماً)، بدوره قال إن "ما حدث معنا عمل بربري فاق كل المجازر، وفاق النازية".
وأضاف حمدان الذي يتلقى العلاج جراء إصابته في قصف المستشفى: "كنا نتبادل الحديث في مأمن، فجأة وقع بيننا صاروخ، أصبت بجروح ولا أستطيع أن أشاهد بعيوني، زوجتي فقدت الوعي ولم أستطع مساعدتها"، وتابع واصفاً الواقعة: "الناس تقطعت، وباتت جثثاً محروقة".
وعقب هذا القصف اتهم متحدث حركة "حماس" حازم قاسم، الاحتلال بارتكاب مجزرة ضمن سلسلة مجازر يرتكبها منذ سنوات في كل مكان.
وأشار قاسم إلى أن "إسرائيل تسعى لقتل الشعب الفلسطيني ودفعه للهجرة وترك الأرض"، وأردف: "الناس ذهبت لما اعتبرته مكاناً آمناً في المستشفى، لكن الاحتلال ينتهك كل الأعراف والقوانين، قتل في المساجد والمستشفيات، قتل الناس المدنيين في بيوتهم".
مجزرة مستشفى المعمداني في غزة
ويأتي هذا بعد أن كشف متحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أن تقديرات أولية تشير لاستشهاد أكثر من 500 شخص في قصف للاحتلال الإسرائيلي استهدف مستشفى المعمداني وسط القطاع المحاصر.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نيراناً مشتعلة بعدد من المباني وسط عدد من جثث الضحايا، نتيجة غارات الاحتلال على المستشفى.
في الوقت ذاته، أكدت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" أن مئات الشهداء والجرحى في قصف المستشفى الأهلي المعمداني أغلبهم من المرضى والأطفال، بدوره، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة لشبكة الجزيرة: "نحن غير قادرين على تلبية الاحتياجات، والمجزرة كبيرة"، كما لفت المتحدث إلى أنه "لا يوجد مكان آمن في القطاع".
يُذكر أنه رداً على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، أطلقت "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وتواصل مواجهتها مع جيش الاحتلال لليوم الثاني عشر على التوالي.
وحتى مساء الثلاثاء، بلغ عدد ضحايا الفلسطينيين نحو 3 آلاف شهيد و12500 جريح في غزة، و61 قتيلاً و1250 جريحاً في الضفة الغربية، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة الفلسطينية.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي شنّ غارات مكثفة على غزة، وقطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والأدوية عن القطاع؛ ما أثار تحذيرات محلية ودولية من كارثة إنسانية مضاعفة، بموازاة مداهمات واعتقالات إسرائيلية مكثفة في مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة.
بحسب مصادر رسمية إسرائيلية، قتلت "حماس" أكثر من 1300 إسرائيلي، وأصابت 4229، وأسرت نحو 200 آخرين، بينهم عسكريون برتب كبيرة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 5 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
وحتى قبل الحرب الراهنة، يعاني سكان غزة، وهم نحو 2.2 مليون فلسطيني، من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006.