كشف موقع Middle East Eye البريطاني أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعت وزيرَ الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، من زيارة قرية فلسطينية نزح عنها سكانها بعد سنوات من العنف الذي تعرضوا له على أيدي المستوطنين الإسرائيليين.
وكان كليفرلي قد خطط لزيارة قرية "عين سامية" بالضفة الغربية خلال رحلته التي استغرقت ثلاثة أيام إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة في سبتمبر/أيلول، لكن مصادر متعددة قالت لموقع MEE إن السلطات الإسرائيلية رفضت طلبه ووزيرة الخارجية النرويجية أنيكين هويتفيلدت، ووزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن، ومُنعوا من السفر إلى القرية المنكوبة.
إسرائيل تمنع الوزير البريطاني من دخول "عين سامية"
فيما قال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية للموقع البريطاني، إن السلطات الإسرائيلية "لم تمكِّن وزير الخارجية البريطاني من دخول عين سامية، وكذلك وزيرة خارجية النرويج، ووزير خارجية أيرلندا"، وقد "اتُّخذ القرار بالتشاور مع المسؤولين الأمنيين، وانتهى إلى عدم السماح لهم بالوصول إلى هذه المواقع"، "فهناك مواقع محددة طلبوا زيارتها، ورأينا أن ذلك سيؤدي إلى التصعيد"، وحين سئل عما يعنيه بالتصعيد، أجاب المتحدث أنه يعني تصعيد "العنف".
وحين سُئل المتحدث بعد ذلك عما إذا كانت هناك تغييرات فُرضت على السياسة المتعلقة بالزيارات الدبلوماسية إلى الضفة الغربية، أجاب: "سننظر في كل زيارة على حدة"، "لقد زاروا (الوزراء) رام الله وما إلى ذلك. إلا أننا رأينا أن زيارتهم هذه المواقع في هذه الأوقات قد تؤدي إلى التصعيد".
في المقابل، لم يكشف كليفرلي بعد عودته إلى بريطانيا عما فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلية من قيود على مسار رحلته، وقد امتنع عن ذلك على الرغم من أن الحكومة البريطانية تخصص تمويلات من أموال دافعي الضرائب البريطانيين لتقديم مساعدات في الضفة الغربية، وقد شاركت في الإنفاق على مدرسة ابتدائية في عين سامية.
تهجير إجباري لفلسطينيين من منازلهم
وقد دُمرت المدرسة في منتصف أغسطس/آب، بعد وقت قصير من فرار أكثر من 170 من سكان عين سامية الفلسطينيين في أعقاب تزايد هجمات المستوطنين على القرية.
ونزح سكان القرية إلى مناطق مختلفة بجميع أنحاء الضفة الغربية، ويقيم كثير منهم في منطقة جبلية مفتوحة بالقرب من رام الله.
وفي أثناء نزوحهم، قالت إيفون هيلي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن "الأهالي لم يغادروا بمحض إرادتهم؛ فقد عمدت السلطات الإسرائيلية مراراً إلى هدم منازلهم ومرافقهم، وهدَّدت بتدمير المدرسة الوحيدة في القرية"، "إننا نشهد العواقب المأساوية للممارسات الإسرائيلية الطويلة الأمد وعنف المستوطنين".
قالت مصادر لموقع MEE إنه بعد أن منعت إسرائيل وزير الخارجية البريطاني من زيارة عين سامية، دعا الوزير ممثلين عن القرية المنكوبة للقائه في رام الله.
وقال أبو ناجح كعابنة، الذي كان من بين المدعوين، إنه تحدث إلى كليفرلي عن "إخلاء قريتنا وتدميرها، و[تزايد] عنف المستوطنين". ومع ذلك، فإنه لا يرى فائدة تذكر من اجتماعه مع المبعوث البريطاني. وقال متأسفاً: "لا أظن أنه سيفعل أي شيء من أجلنا".
فيما قال حازم، وهو قروي آخر، إن القيود التي فرضت على كليفرلي ليست مفاجئة، وإن السلطات الإسرائيلية منعت المسؤولين الأجانب مراراً من زيارة عين سامية، "لقد وصلتنا الأخبار عدة مرات عن زيارات أُلغيت قبل أيام قليلة من موعد انعقادها". و"قد زارتنا في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط بضعة وفود رسمية دولية، معظمهم سفراء جاؤوا إلى المدرسة. ولكن بعد ذلك بدأ الجيش [الإسرائيلي] في منع أي وفود رسمية من الخارج".
من جهة أخرى، انتقد كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني (CABU)، وزيرَ الخارجية كليفرلي لأنه لم يتحدث علناً عن القيود التي فرضت على زيارته، ولأن بريطانيا مقصرة في محاسبة إسرائيل.
وقال دويل: "لقد أظهرت السلطات الإسرائيلية مرة أخرى ازدراءها الشديد لتلك الدول التي تدعي أنها صديقة لها. إلا أن أكثر الأمور مدعاة للقلق أن هؤلاء الأصدقاء، وخاصة بريطانيا، يرفضون محاسبة إسرائيل"، "لقد كانت الحكمة تقتضي أن يتحدث عن الأمر، فالتمسُّك بالصمت في مواجهة مثل هذا الظلم أمر لا يغتفر، لا سيما أن هذا حدث أكثر من مرة".
وفي الوقت نفسه، فإن ساريت ميخائيلي، رئيسة منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، طعنت في الرواية الأمنية الإسرائيلية، ووصفتها بأنها "تعليل كاذب" لمنع الزيارة.
وقال ميكائيلي لموقع ميدل إيست آي: "لقد كنت هناك بالفعل يوم السبت الماضي، لقد وصلنا إلى هناك بسهولة، ولم تعترضني مشكلة"، و"هناك وسائل كثيرة لضمان حماية الأجانب وقدرتهم على زيارة هذه الأماكن".
وانتقدت ميكائيلي صمت كليفرلي الذي حال دون أن يعرف دافعي الضرائب البريطانيين أن المدرسة التي شاركوا في تمويلها بالقرية قد تحولت إلى ركام. وقالت: "إسرائيل تفلت من العقاب بمنعها الوزراء الزائرين من رؤية الواقع الذي تفرضه على الفلسطينيين، ولأن هؤلاء الوزراء يتقاعسون عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للسماح بالزيارة".
وأضافت ميكائيلي: "لا شك أن المسؤولية تقع أولاً على عاتق السلطات الإسرائيلية، إلا أن هناك أيضاً مسؤولية جزئية تقع على عاتق المجتمع الدولي الذي يرضخ ويقبل هذه السياسة ولا يتخذ إجراءات للمطالبة بتغيير ما يحدث".