دعا رئيس مجلس النواب الأمريكي، كيفين مكارثي، مجلس الشيوخ إلى وقف المساعدات لأوكرانيا، لتجنب الإغلاق الحكومي في البلاد، في وقت باتت فيه الولايات المتحدة، السبت 30 سبتمبر/أيلول 2023، على بعد ساعات من إغلاق مؤسسات فيدرالية بسبب مستويات الإنفاق للسنة المالية 2024، مع إثارة جمهوريين متشدّدين حالاً من الفوضى في صفوف حزبهم، وإصدار إدارة الرئيس جو بايدن تحذيرات جدية من اضطرابات وشيكة عند الحدود وفي حركة السفر، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
إذ قال مكارثي وفقاً لما نشرته شبكة "سي إن إن" إن الأموال المخصصة لأوكرانيا يجب شطبها من مشروع قانون الإنفاق المؤقت، مضيفاً: "أعتقد أنه إذا أضاف مجلس الشيوخ أوكرانيا وركز عليها بدلاً من التركيز على الولايات المتحدة، فإن ذلك قد يسبب مشاكل حقيقية".
ورفض الجمهوريون في مجلس النواب، الذي يسيطرون عليه، مستويات الإنفاق للسنة المالية 2024، المحددة في صفقة تفاوض عليها رئيس مجلس النواب مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، في مايو/أيار الماضي.
يأتي هذا بالتزامن مع حالة من الاضطراب تخيم على غرفتي الكونغرس (النواب والشيوخ)، إذ ترفض مجموعة صغيرة من النواب الجمهوريين المتشددين أي تدبير مؤقت من شأنه تجنيب البلاد إغلاق مؤسسات فيدرالية.
والجمعة أسقط نواب جمهوريون متشدّدون خطة اقترحها زعيمهم كيفن ماكارثي لإبقاء الإنفاق سارياً من خلال مشروع قانون لتمويل الحكومة بشكل مؤقت، صوّت ضدّه 232 عضواً مقابل 198 لصالحه، إذ نصّ التدبير على اقتطاعات كبيرة في الإنفاق، وكان مستبعداً إقراره في مجلس الشيوخ، حيث الغالبية للديمقراطيين.
يأتي هذا بعد أربعة أشهر فقط على تجنّب الولايات المتحدة "تخلّفاً كارثياً" عن سداد ديونها، لتواجه أزمة جديدة، حيث يتوقع أن تبدأ مفاعيل إغلاق المؤسسات الحكومية الفيدرالية بالظهور في نهاية هذا الأسبوع.
ولا يعني ذلك خروج جميع المؤسسات التابعة التي تمولها الحكومة الأمريكية عن الخدمة، لكنه يقتصر على المؤسسات الحكومية غير الضرورية، مثل المتاحف والمراكز الترفيهية والمتنزهات الوطنية.
اتهامات من مكارثي للديمقراطيين
قالت مديرة مكتب الإدارة والميزانية، شالاندا يونغ، في وقت سابق، إنه يتعين على النواب الجمهوريين المتشددين إيجاد حل للمأزق. وأضافت لصحفيين: "لا تزال هناك فرصة" لتجنّب إغلاق مؤسسات فيدرالية.
من جهتها قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إن المحادثات لا تجري بين الرئيس وماكارثي، في إشارة إلى رئيس مجلس النواب الجمهوري، وتابعت "يجب أن تجري المحادثات بين رئيس مجلس النواب ماكارثي وتكتله الحزبي. هناك يكمن الحل، إنها الفوضى التي نشهدها، وهذا ما يجب أن يصب تركيزه عليه".
لكن ماكارثي حمّل في وقت سابق الديمقراطيين مسؤولية ما آلت إليه الأمور، بقوله إنهم يعرقلون الحل.
موارد مالية في مهب الريح
ومن شأن الإغلاق أن يضع في مهبّ الريح الموارد المالية المخصصة للعاملين في المتنزهات الوطنية والمتاحف، وغيرها من المواقع التي تعمل بتمويل فيدرالي.
وستغلق متنزهات وطنية، لكن بحسب وزارة الداخلية، وحدها الأقسام التي يمكن للعموم بلوغها فعلياً ستبقى مفتوحة إنما بخدمات مقلّصة.
فيما قالت مديرة المجلس الوطني الاقتصادي في البيت الأبيض لايل براينارد إن الإغلاق يضع أكبر اقتصاد في العالم أمام خطر "لا داعي له"، وبحسب براينارد تنسحب المخاطر على تأخر الرحلات الجوية، إذ سيطلب من المراقبين الجويين العمل من دون رواتب، كما قد تحرم العائلات من بعض المنافع.
وحذّرت وزيرة الخزانة جانيت يلين من أن الإغلاق قد يؤدي إلى تأخير أعمال تحديث البنى التحتية.
واستمرت أطول فترة من شلل الميزانية في الولايات المتحدة 35 يوماً، بين ديسمبر/كانون الأول 2018، ويناير/كانون الثاني 2019.
لكن العمل بالخدمات التي تُعتبر "أساسية" سيتواصل. والحل الوحيد لتجنب الإغلاق هو التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين.
وقال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في تقرير صادر الجمعة إنه "على المدى القريب، فإن الإغلاق الحكومي لن يؤدي إلا إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 0,2 نقطة مئوية في كل أسبوع يستمر فيه".
وأضاف التقرير "مع ذلك، فإن وقف الوظائف التجارية الحيوية للولايات المتحدة سيقوض أيضاً مصداقية الولايات المتحدة الشاملة كشريك تجاري، ويعيق المفاوضات الجارية ويعرقل قدرات إنفاذ مراقبة الصادرات".
وتلقي هذه الأزمة بظلالها على سياسة بايدن في تسليح وتمويل أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي. ويطالب الجمهوريون المتشددون الذين يعرقلون الميزانية بوقف المساعدات لأوكرانيا.
وبينما يستمر غالبية من الجمهوريين في الكونغرس في الوقوف خلف الدعم الأمريكي لأوكرانيا، سيثير الإغلاق تساؤلات على الأقل حول الجدوى السياسية لتجديد تدفق مساعدات قيمتها مليارات الدولارات.