أعلنت واحدة من أكبر شركات إنتاج البطاريات في العالم عن استثمار بقيمة 2 مليار دولار في المغرب، وأوضحت صحيفة Financial Times البريطانية، أن لجوء الشركة للمغرب جاء لتجنب وتأجيل استثماراتها المباشرة في أمريكا وأوروبا، بسبب عوامل جيوسياسية، والوقت الطويل الذي يتطلبه استخراج التصاريح.
حيث قالت شركة CNGR Advanced Material الصينية، الأسبوع الماضي، إنها ستبني مصنعاً لمواد الكاثود في المغرب، لإمداد أسواق البطاريات الأمريكية والأوروبية بها، حيث تحولت الدولة الشمال أفريقية إلى فائز غير متوقع من التوترات الأمريكية الصينية، وفق ما جاء في تقرير للصحيفة، الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول 2023.
إذ قال تورستن لارس، الرئيس التنفيذي لشركة CNGR Europe، لصحيفة Financial Times، إن المغرب تحول إلى "بقعة جاذبة" لشركات الإنتاج الصينية، الراغبة في خدمة الولايات المتحدة وأوروبا.
كما قال إن بناء المصانع يتم بشكل أسرع في المغرب مقارنةً بدول الأسواق المستهدفة، التي تفرض إجراءات ترخيص طويلة، وهي أيضاً فرصة استثمارية أقل خطورة، لأن الشركة يمكنها التحول إلى التصدير إلى أماكن أخرى إذا فرضت الولايات المتحدة أو أوروبا سياسات حماية جديدة.
الرئيس التنفيذي لشركة CNGR Europe قال أيضاً لصحيفة Financial Times: "أن تكون صينياً يعني أن تكون مرناً، تحقيق شيء في أوروبا يستغرق وقتاً أطول بكثير. والتوترات بين الولايات المتحدة والصين لها دور أيضاً، لذلك فالابتعاد عن الذهاب مباشرة إلى الولايات المتحدة سيجنبنا المخاطر".
فيما قالت الصحيفة البريطانية إن المغرب بدأ يستفيد من مكانته جسراً بين الشركات الصينية والأسواق الغربية، في الوقت الذي تتسابق فيه الدول لبناء صناعات البطاريات التي ستحدد الشكل المستقبلي لقطاعي السيارات والطاقة النظيفة.
إذ حصل المغرب على جرعة أخرى من الدعم، يوم الأحد 24 سبتمبر/أيلول، بعد أن قالت شركة LG Chem الكورية الجنوبية، وHuayou Cobalt الصينية، إنهما ستبنيان مصفاة لتكرير الليثيوم ومصنعاً لمواد الكاثود في البلاد.
لأن المغرب شريك تجاري حر للولايات المتحدة، تُحتسب مواده الخام ضمن الأهداف المطلوبة للسيارات الكهربائية المباعة في أمريكا، لتلقي إعانات تصل إلى 7500 دولار، بموجب قانون الرئيس جو بايدن للحد من التضخم.
كما يمتلك المغرب، الذي يتمتع أيضاً بعلاقات تجارية قوية مع أوروبا، 70% من احتياطيات العالم من الفوسفات، وهو عنصر رئيسي في البطاريات الرخيصة منخفضة المدى، التي تهيمن الصين على إنتاجها العالمي.
حتى الآن، كانت إندونيسيا الدولة الرئيسية الغنية بموارد معادن البطاريات، التي تمكنت من جذب استثمارات المعالجة والبطاريات ومصانع السيارات الكهربائية، لكن المغرب يوفر طريقاً مميزاً للشركات الصينية للوصول إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية.
بينما تواجه الشركات الصينية خطر منعها من دخول أسواق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إذ يدقق المشرعون في الولايات المتحدة في اقتراح فورد لترخيص تكنولوجيا من أكبر شركة منتجة للبطاريات في العالم CATL، لصالح مصنع في ميشيغان. وفي الوقت نفسه، أطلق الاتحاد الأوروبي هذا الشهر تحقيقاً لقطع الدعم عن السيارات الكهربائية الصينية.
هذا وتأسست شركة CNGR المدرجة في بورصة شنتشن عام 2014، وهي أكبر مورد في العالم للكاثودات المصنوعة من النيكل، إحدى المواد الأساسية للبطاريات، وبلغت حصتها السوقية العالمية 23%. ومن ضمن عملائها تسلا وCATL وLG Chem.
قال لارس إن استخراج التصاريح البيئية في أوروبا سيستغرق "عدة سنوات" بعد اجتياز إجراءات الاستئناف والمحاكم. أما في المغرب "فقد نكون حققنا تقدماً كبيراً خلال الشهر المقبل".
كما أن المصنع، الذي ستستثمر فيه شركة CNGR بالاشتراك مع شركة المدى، المملوكة للعائلة الملكية المغربية، سينتج مواد تكفي لتصنيع مليون سيارة كهربائية سنوياً. وأضاف لارس أن هناك إمكانات كبيرة لتوسعات أخرى.