كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" انتهاء المبادرة التي أطلقتها حركة البناء الوطني (حزب إسلامي) في الجزائر، وانضم إليها عشرات الأحزاب والجمعيات في الجزائر، والمشاركون فيها توقفوا عن التواصل المباشر كما لم يتحدثوا منذ أكثر من شهر في أي تفاصيل حول مستقبلها.
وأضاف المصدر ذاته أن الهدف من المبادرة كان واضحاً منذ البداية، وهو دعم الفترة الرئاسية الثانية للرئيس عبدالمجيد تبون إن قرر الترشح، لكن عدم تجاوب الرئيس مع المبادرة عجل بوفاتها قبل أن تصل إلى غايتها.
وكانت مصادر "عربي بوست" قد كشفت في تقرير سابق أنه بعد توقيع الأحزاب والتكتلات على الانضمام إلى المبادرة، سيكون عليها انتظار الضوء الأخضر من قصر المرادية، لإطلاق العنان ودعم تبون كمرشح توافقي فوق العادة لحكم البلاد لخمس سنوات جديدة.
استجابة فاترة من تبون
رغم ترحيب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في آخر لقاء تلفزيوني له قبل شهر تقريباً بأي مبادرة من الأحزاب السياسية لتقوية الجبهة الداخلية، فإنه لم يتطرق إلى المبادرة التي كانت مطروحة وقتها في الساحة وتضم جل الأحزاب السياسية.
وفي سؤال من المحاورين حول المبادرة، تفادى الرئيس عبد المجيد تبون الحديث عنها بشكل خاص وأجاب بشكل عام، حيث أكد انفتاحه على جميع المبادرات التي تقدم الإضافة ولا تمس ببيان أول نوفمبر/تشرين الثاني 1954.
وبدا الرئيس من خلال حديثه غير معني بالمبادرة، خاصةً أنها لم تحمل أهدافاً واضحة، وأنها تتحدث عن محاور عامة لا يختلف عليها أحد، مثل الوحدة الترابية والتلاحم ودعم المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة الدستورية.
هجوم من الداخل
أيام قليلة بعد اختتام المبادرة هاجم رئيس حزب صوت الشعب، أمين عصماني، المبادرة ورئيس حركة البناء عبد القادر بن قرينة، رغم أن الحزب مشارك في المبادرة أساساً، واعتبر عصماني المبادرة مجرد مطية من حركة البناء لتحقيق مكاسب سياسية مستقبلية.
وهاجم عصماني، المقرب من السلطة، حركةَ البناء صاحبة المبادرة، متهماً إياها باختطاف المبادرة رغم أنها ملك لكل الأحزاب المشاركة فيها ولا تخص الحزب وحده، ويعد هجوم عصماني على المبادرة مؤشراً قوياً على أن المبادرة لم تلقَ ترحيباً لدى السلطة ولم تلبِّ طموحاتها.
صدمة بريكس
لم تعد الساحة السياسية في الجزائر كما كانت قبل فشل الجزائر في الانضمام إلى منظمة بريكس، حيث تعرف حالة من الشك وضبابية لم تعرفها منذ انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2019.
وبدا أن نكسة بريكس أثرت كثيراً على السلطة ومخططاتها المستقبلية ما خلط حساباتها، ومن أهمها كيفية التعامل مع المبادرة الوطنية لتعزيز التلاحم وتأمين المستقبل، التي كانت ستكون داعماً جيداً للرئيس في حال قرر خوض غمار رئاسيات 2024، لا سيما أنها تضم أحزاباً وجمعيات من مختلف التيارات.
ورغم أن مصادرنا أكدت أن المبادرة ماتت إكلينيكيا، فإن هناك أملاً ضئيلاً في إعادة بعثها، وهو متوقف على خطط الرئيس عبد المجيد تبون لرئاسيات 2024.
وسارعت كل الأحزاب الكبيرة والتكتلات السياسية الصغيرة والنقابية والجمعيات للانخراط في المبادرة، رغم عدم الكشف عن فحواها بدقة، ما يوحي بأن هدفها يتجاوز مسماها الفضفاض.
ولمح رئيس المبادرة، عبد القادر بن قرينة، المرشح الرئاسي السابق ورئيس حركة "البناء الوطني"، في أحد خطاباته قبل أيام إلى إمكانية دعم حزبه لمرشح ما في رئاسيات 2024، دون أن يعطي تفاصيل أكثر.
ورغم أن الساحة السياسية في الجزائر تعج بالمبادرات السياسية فإنها لم تحظَ بالاهتمام نفسه والانخراط الذي تلقاه مبادرة حركة البناء.