تعتزم السلطات الليبية في شرق البلاد، عزل المناطق الأكثر تضرراً في مدينة درنة، التي اجتاحها الإعصار المتوسطي "دانيال"، إلى جانب مدن ومناطق أخرى شرقي البلاد، وذلك تفادياً لحدوث كارثة بيئية بسبب تحلل جثامين القتلى جراء السيول المُدمرة التي اجتاحت المدينة ودمرت أجزاءً واسعة فيها.
المتحدث باسم وزارة الداخلية بالحكومة الليبية المكلفة من قبل مجلس النواب، المقدم طارق الخراز، قال في تصريح لوكالة الأناضول، الإثنين 18 سبتمبر/أيلول 2023: "نعتزم تطبيق خطة لعزل المناطق الأكثر تضرراً في درنة".
أضاف الخراز: "تلقينا التعليمات العليا بشأن ذلك، ومن المرجح أن يطبق ذلك في وقت لاحق، الإثنين". وعن أسباب ذلك الإجراء، قال المتحدث: "الأسباب التي تدعو لاتخاذ هذا الإجراء كثيرة؛ منها أن عزل المناطق الأكثر تضرراً يمكننا من السيطرة على أية كارثة بيئية يمكن أن تحدث".
لفت الخراز إلى وجود "تحذيرات جدية من انتشار أوبئة نتيجة تحلل جثث البشر وكذلك الحيوانات في المياه الراكدة، وهي مياه في حد ذاتها تشكل خطراً، حيث إنها خليط بين مياه الفيضانات التي شهدتها المنطقة ومياه الصرف الصحي المنفجر بسبب الإعصار".
إلى جانب الخوف من كارثة بيئية، قال الخراز إن "مستوى الخدمات في المناطق المتضررة صفر، لذلك تستحيل الحياة فيها، ولا داعي لبقاء أحد هناك"، واعتبر أن "وجود مواطنين بتلك المناطق يعيق جهود البحث عن الناجين أو انتشال جثث الضحايا".
كان مدير مركز البيضاء الطبي، رئيس لجنة الطوارئ الصحية بالمدينة، الدكتور عبد الرحيم مازق، قد حذر، يوم الخميس الماضي، من كارثة بيئية أشد وطأة في شرق ليبيا، جراء تحلل الجثث غير المنتشلة والفيروسات المحتملة في المياه الراكدة بعد انحسار الفيضانات التي اجتاحت المنطقة.
بدوره، أوصى مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض بحكومة الوحدة الوطنية الليبية حيدر السايح، يوم السبت الفائت، "بتقسيم درنة إلى 3 مناطق وفق تصنيف المناطق المتضررة والهشة والآمنة، وذلك بهدف التعامل مع تداعيات السيول وإغاثة المتضررين ومساعدة العائلات على النزوح لمناطق آمنة".
كما أعلن حالة الطوارئ لمدة عام في كامل المناطق الشرقية التي ضربتها الفيضانات، بعد ارتفاع عدد حالات التسمم بالمياه غير الصالحة للاستهلاك إلى 150 حالة.
ودعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة أخرى، السلطات في ليبيا، الجمعة 15 سبتمبر/أيلول 2023، إلى عدم دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، قائلةً إن هذا قد يتسبب في مشكلات نفسية طويلة الأمد للعائلات، أو قد يحدث مخاطر صحية إذا كانت الجثث مدفونة بالقرب من المياه العذبة.
جاءت مناشدات وكالات الإغاثة بعد أن أظهر تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص دفنوا بهذه الطريقة حتى الآن منذ أن تعرضت ليبيا لأمطار غزيرة بسبب عاصفة عاتية قادمة من البحر المتوسط.
يُذكر أنه في 10 سبتمبر/أيلول الجاري، اجتاحت العاصفة المتوسطية "دانيال"، عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، بالإضافة إلى مناطق أخرى بينها درنة التي كانت المتضرر الأكبر.
وخلّف الإعصار في درنة11 ألفاً و470 قتيلاً و10 آلاف و100 مفقود، و40 ألف نازح شمال شرقي البلاد، وفقاً لأرقام نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، مساء 16 سبتمبر/أيلول الحالي.
حلّت هذه الكارثة بينما تعاني ليبيا من الانقسام بسبب الصراع والفوضى السياسية المستمرين منذ أكثر من عقد.